سعياً منهم لإطالة أمد الحرب.. الحوثيون يطلقون أحكام استباقية بفشل مشاورات جنيف
في مساعيها للاستمرار في رهانها على إطالة أمد الحرب والزج بالمزيد من أتباعها إلى محارق الموت على الرغم من انتكاساتها الميدانية المستمرة في مختلف الجبهات، استبقت الميليشيا الحوثية المشاورات المرتقبة في العاصمة السويسرية جنيف بينها وبين الحكومة اليمنية الشرعية في السادس من الشهر المقبل، بالحكم عليها بالفشل.
جاء ذلك في تصريحات رسمية لرئيس مجلس حكم الجماعة مهدي المشاط، زعم فيها أن جماعته تدرك مسبقاً أن المشاورات المقبلة في جنيف لن تفضي إلى أي نتيجة، داعياً أتباع الميليشيات إلى الاستنفار وعدم التراخي أو التعويل على نتائج المحادثات.
وأكد المشاط بتصريحاته نيات الجماعة التي كان عبَّر عنها المتحدث باسمها محمد عبد السلام في تصريحات سابقة، لجهة سعيها إلى إفشال المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة ضمن جهود مبعوثها الدولي مارتن غريفيث، والرامية إلى إحلال السلام وطي صفحة الانقلاب على الشرعية والعودة إلى سياق المسار الانتقالي في اليمن.
وكان المبعوث الأممي غريفيث وجه الدعوة إلى الجماعة الحوثية، وإلى الحكومة الشرعية بشكل رسمي لحضور المشاورات المقررة في السادس من سبتمبر (أيلول) المقبل في جنيف، حيث يتوقع أن تركز على الملفات المتعلقة بإطار المفاوضات العام وعلى الجوانب الخاصة بإثبات حسن نيات المتفاوضين، من قبيل ملف الأسرى والأعمال الإغاثية.
ونقلت المصادر الرسمية للجماعة الحوثية عن المشاط مزاعمه عن فشل المفاوضات المقبلة خلال لقاء جمعه في صنعاء مع القيادات الخاضعة للجماعة في محافظة ريمة، في سياق مساعيه لحضهم على الدفع بسكان المحافظة إلى جبهات القتال لإسناد صفوف الجماعة المتهاوية.
وبحسب النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، قال المشاط: «على صعيد المفاوضات أؤكد من خلالكم أنه بحسب قناعتي لا جديد ولن تأتي بشيء حسب قناعتي، لأنه كما يقال الأمر بمقدماته والمقدمات لدينا لا توحي بأن هناك شيء يمكن أن يعول عليه الناس».
ووصف رئيس مجلس حكم الجماعة الحوثية الاجتماع المقبل في جنيف بأنه من باب «ذر الرماد في العيون» أو «لإعطاء فرصة حتى تمر الانتخابات الأميركية»، على حد زعمه، وهو ما يعكس - بحسب المراقبين - حقيقة النيات التي تكنها الجماعة من أجل عرقلة مساعي السلام والاستمرار في التشبث بالانقلاب الخادم لأجندة إيران في المنطقة.
وفي سياق رهان الجماعة الحوثية على الحل الميداني وإطالة أمد الحرب، دعا المشاط أتباع الجماعة إلى تحشيد المزيد من المقاتلين، وطلب منهم الحذر مما وصفه بـ«حالة الاسترخاء» والعمل على «رفد الجبهات بالمال والرجال»، على حد قوله.
وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن المشاط طلب من القيادات التابعة لجماعته في تعز وريمة إعلان حالة الطوارئ القصوى في مناطقهم في أوساط السكان، واللجوء إلى استخدام القوة من أجل حشد المجندين، وجباية الأموال وتجهيز القوافل الغذائية لمقاتلي الجماعة، إلى جانب التركيز على إقامة الندوات والدورات الثقافية الطائفية الخاصة بفكر الجماعة الخميني.
وكانت الجماعة الحوثية اعترفت على الصعيد الميداني خلال يومين فقط بمقتل ثلاثة من كبار قادتها الميدانيين، حيث أجرت لهم تشييعاً رسمياً في صنعاء بحضور كبار قياداتها العسكرية.
وذكرت المصادر الرسمية للجماعة أن أحد قتلى قادتها الثلاثة برتبة عميد ويدعى حسن عبد الله حنين الجرادي، والآخرين برتبة عقيد، وهما حميد علي السريحي، وهيثم صالح الجبري، دون أن تشير إلى المكان الذي لقوا فيه مصرعهم، مكتفية بأنهم سقطوا خلال ما تسميه «معركة النفس الطويل»، وهي العبارة التي عادة ما تطلقها في حق قتلاها في جبهات صعدة.
ويبدو أن التصريحات الحوثية المتعاقبة من كبار قيادات الجماعة حول الفشل المرتقب للمشاورات التي يعول عليها غريفيث لإنعاش مسار السلام في اليمن - تأتي في سياق التعليمات الإيرانية - لجهة حرص طهران على الإبقاء على قوة الجماعة العسكرية لتسخيرها في تهديد السلام الإقليمي والعالمي.
وسبق للجماعة الحوثية أن تسببت في إفشال المساعي الأممية السابقة التي قادها المبعوث الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال جولات التفاوض التي شهدتها كل من سويسرا والكويت، بعد أن كانت النقاشات على طريق السلام قطعت شوطاً كبيراً، في ظل دعم إقليمي ودولي مكثف.
وبحسب مراقبين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» يسعى المبعوث الدولي مارتن غريفيث إلى تضييق أطراف التفاوض، لجهة حصره اجتماع جنيف المقبل بين الحكومة الشرعية وبين الحوثيين فقط، مستبعداً بذلك بقية القوى الحزبية، وهو الأمر الذي أتاح للجماعة في صنعاء مصادرة موقف حزب «المؤتمر الشعبي» وإلحاقه بموقف الجماعة.
وتسبب استبعاد حزب «المؤتمر» من المفاوضات المقبلة في جنيف في توليد خيبة أمل لدى قيادات الجناح الموالي للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وخصوصاً قيادات الخارج الذين طالبوا المبعوث الأممي بإيضاحات حول عدم دعوتهم إلى المشاورات.
وتعقيباً على هذا الاستبعاد، طالب أبو بكر القربي القيادي البارز في الحزب ووزير الخارجية الأسبق أيام حكم صالح، المبعوث الأممي بتوضيح سبب استبعاد الحزب من المشاورات، وقال ضمن تغريدة له على «تويتر»: «استبعاد المؤتمر الشعبي من مشاورات جنيف لن يمنعه من إعلان رؤيته للحل السياسي وتصديه لسياسة الإقصاء وهيمنة القوة والمصالح وتحركه ضمن جبهة وطنية تبني الدولة وتحمي الجمهورية».
وأضاف: «يتعارض استبعاد المؤتمر من مشاورات جنيف مع ما عبر عنه المبعوث الأممي في لقاء صحافي عن أهمية مشاركة المؤتمر فيه».