تحليل: جوهر الصراع والحرب في اليمن بين الحقيقة والمغالطة
عبثا أو خبثا تحاول المطابخ الإعلامية و"البحثية" ذات المزايدات الشمالية "الوحدوية"، تعميم مئات المقالات والمنشورات والتسريبات ، بل وحتى محاولات إضفاء الطابع البحثي على ذلك من خلال ما يطلقون عليها "دراسات" حول مشاكل اليمن سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا، وعقد مؤتمرات وندوات وورش عمل في الخارج، اعتمادا على الامكانيات المادية الضخمة والدعم المسخر لهذه المطابخ والمراكز من جهات عديدة يمنية واقليمية ودولية...والسيطرة منظمات المجتمع المدني - التي لا تعد ولا تحصى-، وكذلك من خلال السيطرة على العلاقات الدولية مع الدول والمنطمات واستخدام السفارات اليمنية ومؤسسات الدولة اليمنية وأجهزتها الإعلامية لهذه الأغراض...مع تغيب كلي للتمثيل الجنوبي أو بتمثيل محدود وغالبا صوري.
الهدف واضح ومكشوف هو محاولة تغييب الجوهر الأساسي للصراع والأزمة والحرب...من خلال تعميم وترسيخ مفاهيم ومصطلحات تضليلية وتتويهية وكأن القضية الرئيسية لهذه الحروب الطاحنة والمستمرة منذ حرب ١٩٩٤م هي قضية بناء الدولة اليمنية...وحصر الصراع الحالي منذ ٢٠١٥م على أنه فقط بين "الإنقلابيين الحوثيين" و"الشرعية"، تارة ، وتارة اخرى إقحام إيران والسعودية أو السعودية والإمارات على نمط صرخة "الموت لامريكا الموت لإسرائيل".
كم هائل من التفريعات والمصطلحات: كالعدالة الانتقالية، وتمكين المرأة، والأقليات المذهبية والعرقية والحكم الرشيد وغيرها...تماما كما كانوا يستهلكون الوقت في السنوات الأولى للوحدة ويهدرون الأموال تحت يافطة "تطبيق الشريعة الإسلامية"، المصدر الرئيسي أم مصدر كل الشريعات...الخ.
لقد رأينا كتابا عربا بل وأجانبا يقعون في فخ تلك المغالطات والتشوهات والتدليسات، ويخرجون "دراسات" - مع تقديرنا النوايا الطيبة لهم - لا تعتمد على مناهج وأساليب البحث العلمي المتعارف عليها في الجامعات ومراكز الدراسات، بل يتم الاستناد على المصادر الشمالية أو الموالية لها والضخ الإعلامي والمعلوماتي الهائل لهذا الطرف فقط.
حتى مشاريع التسويات والحلول والمبادرات خطابات السياسيين والدبلوماسيين طلت تلف وتدور بعيدا عن ملامسة القضية والواقع على الأرض ، تستغرق طويلا في التفاصيل والقشور وتتجاهل وتتهرب من الجذور.
وهذا ما ساعد تجار الحروب والأزمات والسلاح على إطالة أمد الصراع والحرب ومعاناة عامة الناس وبسطائهم.
جوهر الصراع كان وما زال وسيظل هو إصرار مراكز النفوذ في اليمن على فرض الوحدة بالقوة على الجنوب أو بأساليب الحذلقة والمغالطة...مع إن الجنوب بغالبيته الساحقة سياسيا وشعبيا يرفض هذه الوحدة التي ماتت وشبعت موتا منذ سنوات طوال...ويطرح حل استعادة الدولة الجنوبية الجنوبية وليس "انفصال اليمن أو تقسيمه" كما يتم تشويه ذلك الموقف بخبث وتعمد من خلال حملة العلاقات العامة والاعلام المعادي لقضية الجنوب والمستفيد والمتفيد من ثرواته.
لذلك فإن الهارب من الاعتراف بهذه الحقيقية وبحل عودة الدولتين هو كمن يعمل على خلق مبررات لاستمرار القتل والدمار والخراب.
كما ينبغي للجنوبيين وعلى راسهم المجلس الانتقالي الجنوبي ايلاء اهتمام أكبر بتكثيف نشاط اعلامي جنوبي هادف ومقنع وخاصة في الساحة الخارجية.