العرب اللندنية: إخفاقات تسبق مشاورات جنيف تعيق التوصل إلى اتفاقات يمنية
تأجلت المشاورات الجديدة التي كان يفترض أن تبدأ الخميس بين فرقاء الأزمة اليمنية. وأكدت مصادر خاصة لـ“العرب” رفض الوفد الحوثي المشارك في المشاورات مغادرة مطار صنعاء متعللا برفض التحالف العربي منح الطائرة التي ستقل الوفد تصريحا للمغادرة نتيجة محاولة الحوثيين نقل عدد من الجرحى على متن الطائرة.
وتوقعت مصادر دبلوماسية أن يتسبب التعنت الحوثي في تأخير موعد افتتاح المشاورات التي كان مقررا أن تبدأ أعمالها الخميس في مدينة جنيف السويسرية بعد حضور وفد الحكومة الشرعية وعدد من سفراء الدول الراعية للسلام في اليمن.
وأشارت مصادر “العرب” إلى أن الحوثيين قدموا كشفا بأسماء ركاب الطائرة المخصصة للوفد والتي تضمنت أسماء قيادات عسكرية حوثية بارزة، بهدف نقلها إلى خارج اليمن لتلقي العلاج، إضافة إلى ضغوطات أخرى تتعلق بوقف العمليات العسكرية في الساحل الغربي.
وفي أول تعليق حوثي على أسباب تأخر سفر الوفد الممثل للانقلاب، نقلت وسائل إعلام عن مصدر في الوفد الحوثي للمشاورات زعمه أن الأمم المتحدة لم تستطع استخراج ترخيص من التحالف لمغادرة طائرة عمانية لنقل الوفد والجرحى والعالقين.
كما برر المصدر الحوثي مماطلة الوفد بما قال إنه انعدام الضمانات الحقيقية لعودة الوفد إلى صنعاء عقب المشاورات.
من جهة أخرى، اتهم مصدر حكومي يمني في تصريح لـ”العرب” الحوثيين بمحاولة إفشال مشاورات جنيف بعد تلقيهم تعليمات من إيران بهذا الخصوص.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن الميليشيات تحاول وضع شروط جديدة في الوقت الضائع بهدف ابتزاز المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث وتصنع حالة من القوة والتماسك لإخفاء الخسائر التي منيت بها الجماعة الحوثية في معقلها الرئيسي في صعدة والكثير من الجبهات الأخرى المشتعلة.
وفي تصريح مفاجئ يبدو أنه على علاقة بمحاولة الحوثيين تهريب قيادات عسكرية بارزة برفقة وفد المشاورات، قالت الحكومة اليمنية إن قيادة تحالف دعم الشرعية لم تتلق أي طلب من المنظمة العالمية للصحة تفيد بوجود حالات مرضية تحتاج لنقلها إلى العاصمة المصرية القاهرة للعلاج.
ووفقا لبيان صحافي وزعته وزارة الإعلام اليمنية، فقد منحت قيادة التحالف في وقت سابق موافقتها لمنظمة الصحة العالمية لتسيير رحلات تجارية من مدينة صنعاء إلى القاهرة لنقل الحالات المرضية المستعصية التي لا يوجد لها علاج في مستشفيات صنعاء (حسب ادعاء المنظمة بشكل مستمر) منذ شهر مايو بمعدل رحلة كل أسبوعين.
وفي مؤتمر له في جنيف الأربعاء، وقبيل انعقاد المشاورات، قلل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث سقف التوقعات من نتائج مشاورات جنيف، قائلا إنها لا ترقى إلى مستوى المفاوضات الرسمية بين الفرقاء اليمنيين.
كما أكد غريفيث أن مشاورات جنيف ستركز على جانبين هما إعادة إحياء مسار السلام وبناء الثقة بين الطرفين بناء على الاتفاقيات، مشيرا إلى أن إطلاق المعتقلين وتبادل الأسرى يأتيان في مقدمة إجراءات بناء الثقة التي يسعى لإنجازها.
وأكد أنه بالإمكان اجتماع أطراف النزاع في نفس الغرفة بمحادثات جنيف، مشيرا إلى أن ذلك ليس شرطا لأنه ستكون هناك مرونة في المفاوضات.
وفي ردّه على سؤال عن سبب تأخر وصول وفد الحوثيين إلى جنيف قال غريفيث “نعمل على الأمر وأعتقد أنه سيجد طريقه إلى الحل”.
واعتبر مراقبون أن الإخفاقات التي رافقت الإعداد لمشاورات جنيف وطبيعة التمثيل في وفدي الشرعية والحوثيين والبيانات التي صدرت من أطراف رافضة لاستبعادها من المشاورات مثل حزب المؤتمر والمجلس الانتقالي إضافة إلى اشتراطات الساعات الأخيرة التي يحاول الحوثيون استثمارها لتحقيق مكاسب صغيرة، كلها مؤشرات على صعوبة التوصل لأي اتفاق سياسي في هذه المرحلة بالرغم من التصريحات المتفائلة للمبعوث الأممي والتي تحاول إخفاء حالة الإحباط وعدم الاعتراف المبكر بالفشل.
وكان مكتب المبعوث الأممي قد أصدر بيانا عقب فيه على بيان المجلس الانتقالي الجنوبي، أكد فيه التزامه بمشاركة الجنوبيين في العملية السياسية، مضيفا “في الأشهر القليلة الماضية، قمت بالتشاور مع العديد من المجموعات الجنوبية للتوصل إلى توافق حول مشاركتهم الفاعلة في العملية السياسية، ولقد شجعني انفتاحهم على الحوار واستعدادهم الجاد لحل سلمي لقضاياهم”.
وفي تصريح لـ“العرب” حول فرص نجاح مشاورات جنيف قال الباحث السياسي اليمني عبدالله إسماعيل “نحن بصدد مشاورات لا تمتلك الحد الأدنى من فرص النجاح، لم يهيأ لها الملعب السياسي أو الدولي الذي يمكن أن يؤدي إلى أمل في نجاح هذه المشاورات التي تذهب للبدء من الصفر وما قبل الصفر، حيث لم تبن على المشاورات السابقة ولا على نتائجها”.
وأضاف أن مشاورات جنيف هي فقط محاولة من المجتمع الدولي للضغط على التحالف وعلى الشرعية لمنح الحوثيين فرصا أخرى وربما وقتا إضافيا والاستجابة بقصد أو بغير قصد لمراوغات إيران التي تنجح دائما في المراوغات السياسية والعسكرية لتحقيق نتائج على الأرض وأهم هذه النتائج اكتساب الوقت وإعادة ترتيب الأوراق”.
وأشار الباحث السياسي اليمني والناشط في الحراك الجنوبي حسين لقور بن عيدان إلى أن الظروف التي وصل إليها الصراع لا تقدم أي مؤشرات على تحقيق تقدم، مضيفا “كما حدث في المشاورات التي جرت في الكويت، الحوثيون ليسوا في وارد تقديم أي التزام لأي خطة سلام لأنهم يراقبون أداء الشرعية الباهت عسكريا وسياسيا واقتصاديا ومن هنا لا توجد عليهم أي ضغوط تدفعهم للتنازل أو للقبول بالقرار الدولي. بل إنهم يعتقدون أنهم في موقع أقـوى بكثير من الشـرعية وعليـه فلا اعتقد أننا أمام أي أمل في إحداث اختراق سياسي أو دبلوماسي في هذه المشاورات”.