هل بدأت فعلاً الجياع في الجنوب ؟؟؟

الأوضاع  المعيشية  والخدماتية  في الجنوب  والتي نقول عنها إنها محررة من هيمنة الانقلابيين ، وصلت إلى مرحلة من السوء والتدهور من الصعب جداً السكوت عنها ، وقد أنعكس ذلك في تلك المسيرات الجماهيرية  الغاضبة التي أنطلقت شرارتها الأولى  من محافظة عدن لتعم كل مدن الجنوب ، مطالبة باسقاط  الحكومة  واتخاذ إجراءات  عاجلة وجذرية لمعالجة الانهيار المستمر في سعر العملة المحلية  والذي أنعكس سلباً على معيشة المواطن  ولقمة عيشه اليومية ، حيث تشهد أسعار المواد الغذائية إرتفاعاً مظطردا تفوق قدرة المواطن  الشرائية ودخله اليومي والشهري  ، ثورات الغضب  هذه التي أندلعت  في مدن الجنوب ، يجب أن توجه لإقتلاع جذور الفساد ، وضرب كل الفاسدين الذين يقفون وراء معاناة المواطن ويسرقون لقمة العيش من أفواه الفقراء والجياع ، ليحولوها إلى أرصدة بالعملات الصعبة يرسلونها إلى بنوك الخارج ، حيث يُقِمون  هم وأسرهم ، مستغلين هذه الحرب التي حولوها إلى مشروع للاستثمار والارتزاق على حساب هذا الشعب المطحون بفسادهم وشرعيتهم الكاذبة ، وليست من أجل الإضرار بمصالح المواطن البسيط ومصدر رزقه ،  من خلال قطع الطرقات  وإغلاق المستشفيات والمحلات التجارية والمطاعم  والأسواق وغيرها التي يعود ضررها بالتأكيد على المواطن البسيط  نفسه .

 للأسف الشديد الإجراءات المتخذة من قبل الرئاسة والحكومة  لمعالجة  حالة الانهيار الاقتصادي والتدهور المستمر في  قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية ، لم تمس المشكلة نفسها ، ولاجذورها ، ولم ترتق إلى مستوى خطورة الأوضاع وتحدياتها التي يعيشها المواطنون  ، هناك إجماع كبير  وتحذيرات ، بأن الأوضاع في المناطق الجنوبية المحررة   ، قابلة للإنفجار في أية لحظة ، بسبب ممارسات الحكومة  وفسادها المحمي ، وهذا ماأكده المفلحي محافظ عدن المستقيل في رسالة الاستقالة ، فكان الأحرى أن تبدأ هذه الإجراءات  بإقالة الحكومة ورئيسها وإحالتهم للتحقيق ، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية من عناصر مشهود لها بالنزاهة ونظافة اليد والسمعة الطيبة وبعدد محدود تتناسب  وخوضها الحرب ضد الإنقلابيين ، وتقليص النفقات والسفريات والتوظيفات وغيرها .... ، لكن  الإصرار العجيب  والعناد على الاحتفاظ بهذه الحكومة ورئيسها ورموزها الفاسدة  من قبل الرئيس وصمت التحالف الذي يتحمل المسؤولية الأخلاقية  والقانونية عمَّا آلت إليه الأوضاع  ،  هو ماأوصل الجنوب  والبلاد إلى هذا المنزلق الخطير الذي لم تعد هناك محاذير  أمام ثورة الجياع التي انطلقت شرارتها والتي  يجب أن تقتلع مراكز الفساد والمفسدين  ومن يقف معهم ويساندهم ، وعلى قوى الثورة  التحررية الجنوبية وعلى رأسها  المجلس الانتقالي الجنوبي حمايتها من كل المندسين وراكبي الموجات ، ومحاولة حرفها  عن أهدافها ، وفرض واقع جديد لحماية أبناء الجنوب ، وعدم إنتظار ما سيأتي به لقاء جنيف الذي دعى إليه المبعوث الأممي مارتن غريفت ،   بين طرفي الحرب  المزمع عقده    في السادس من سبتمبر ٢٠١٨م ، دون مشاركة من يمثل الجنوب  ، والمتوقع أن يفشل هذا اللقاء في إيقاف نزيف الدم  وتحقيق سلام دائم وينتهي كغيره من اللقاءات السابقة ، نظرا لتمسك الانقلابيين بالسلطة بقوة ، معتمدين على الدعم الكبير الذي تقدمه إيران لهم وعلى تخاذل المجتمع الإقليمي والدولي وعدم جديته  في  إنهاء هذا الإنقلاب ، وفي المقابل عجز السلطة الشرعية  عن تحقيق نصر عسكري     واضح  يمكنها من فرض شروطها  ومرجعياتها الثلاث المتمسكة بها  والتي هي موضع خلاف ورفض من الانقلابيين والجنوبيين الذين تم تجاهل قضيتهم من قبل كلي الطرفين ، مما يجعلهم  غير معنيين بما سيأتي به هذا اللقاء وفي حل من أية التزامات  أوإتفاقات يوقعها الطرفان المتحاربان في حالة  نجاحه   .