الاقتصاد في الرأي حكمة

ليس بالضرورة أن يكون لك رأي وموقف في كل شاردة وواردة وطالعة ونازلة وعابرة وجالسة
................. ......... ........
المتابع لمواقع التواصل الإجتماعي بتأمل يرى أن مقالات البعض لاتقف عند جانب يتصل بعلمه وخبرته وفهمه، يخوض في الليلة الواحدة على أكثر من اتجاه في مجالات الحياة المختلفة:( سياسيا، واجتماعيا، واقتصاديا، وثقافيا) ويناقش كل الاشكاليات على كثرتها وتعددها، يبدأ بالعملة ويدخل في الصحة، ويخوض في العلاقات الدولية، ويختم في شأن الأمة.

لايعني هذا رفضنا لطرح الرأي فالحرية غير مقيدة، وطرح القول النافع والفكرة الصائبة والنصيحة والمشورة كلها مطلوبة في الوقت المناسب الذي يتطلبها، ولكن الذي نراه غير مجدي ولانافع هو الخوض في نقاش كل أمر، والوقوف خلف كل النقاشات بوجه آخر وتوجه معاكس.

وللتأكيد مجددا أن ما أريد إيصاله لك أخي الكريم بهذا المقال لايحتم الإنحياز لكاتب دون غيره أو رفض رأي بعينه؛ ولكن أرى أن مانطرحه في وسائل التواصل الاجتماعي يفترض أن يقوم على التوجيه النقدي الهادف إلى الإصلاح عن طريق الإقناع والافهام بالدليل والحجة، وقبل ذلك أن تكون الرغبة في الإصلاح وسد الخلل وردع الفساد، والدفع إلى فعل الخير ورفض الظلم والمعاناة عن الناس هي وجهتنا، ولايكون ذلك بالجدال والمراء ومخالفة الأخر لشخصه وذاته ارضاء لرغباتنا وأهوائنا أو توجهاتنا.

إن مانريده جميعا هو الوصول إلى بر الأمان بقضية شعب الجنوب، وإنجاز تضحيات الشهداء وأنين الجرحى، نريد أن تتحسن أحوال الناس ومعيشتهم، وأن نصل جميعا إلى تقليل المعاناة وكبح جماح الفاسدين أينما كانوا دون تمييز.

إن الاقتصاد في الرأي لايفسد للود قضية، ولكن الاقتصاد فيه وتوخي الدقة وإعمال العقل والفكر فيه هو الذي يؤهل مانكتبه إلى النفع والخير على الجميع، نسأل الله أن يعلمنا الحكمة وفصل الخطاب.

لابد أن ندرك خطورة الموقف وما يحاك حولنا من مؤامرات، وهناك من يأتي يستقل حالات التباين البينية التي تفتح أبوابا للشياطين والمتربصين؛ ولهذا فمن الواجب علينا أن نقتصد في الكتابة ونوجهها نحو البناء وتشييد النسيج الاجتماعي الجنوبي.

وأخيرا أقول ليس بالضرورة أن نكتب عن كل شيء ونعلق على كل شيء، قل ماتراه صائبا انطلاقا من معرفة وعلم وخبرة وتخصص، انصح بالمعروف وارفض الباطل لذاته وبذاته، تحيز للخير وحده، واعلموا حفظكم الله أن النقد السليم هو الذي يعيد البناء السليم، والنقد إذا حضر مقامه فلا تؤخره ولاتستأذن أحدا لطرحه، وأحسن قناة اختياره ولاتعممه إن كان خاصا.

أسأل الله أن يوفقني وإياكم إلى أن نضع من وجهات النظر أحسنها، وأن يجنبنا من الكلمات أثقلها، وأن لا يجعلنا لوسائل لتواصل الاجتماعي متصدرين ولا في الجدال منفرين، ولايجعل اختلافنا في وجهات النظر متخاصمين متباعدين.

د. صالح الوجيه