عملية الأحواز.. بداية مواجهة مفتوحة مع النظام الإيراني

السبت 22 سبتمبر 2018 18:07:37
عملية الأحواز.. بداية مواجهة مفتوحة مع النظام الإيراني

بينما تعالت صرخات الجنود أمام منصة العرض العسكري التي انقلبت رأسا على عقب، سأل أحدهم زميله قائلا: من أين جاؤوا؟، ورد الآخر "من خلفنا"، ليتضح المشهد بعد قليل بأنه هجوم نوعي من حركة المقاومة الأحوازية لم يكن في حسبان الحرس الثوري المتخبط من هول المفاجأة، وهو ما اعتبره محلل سياسي "بداية مواجهة مفتوحة" بين الأحواز والنظام الإيراني.
وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن الهجوم، الذي وقع في مدينة الأحواز مركز الإقليم، الذي يحمل الاسم نفسه، أسفر عن سقوط 29 قتيلا معظمهم من الحرس الثوري، فضلا عن إصابة نحو 60 آخرين.

وقال المتحدث باسم حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، يعقوب حر التستري، لرويترز إن منظمة المقاومة الوطنية الأحوازية، التي تضم عددا من الفصائل المسلحة، وتنضوي حركته تحت لوائها هي المسؤولة عن الهجوم.

وعرض التلفزيون الحكومي صورا لما بعد الحادث مباشرة، وتظهر مسعفين يساعدون شخصا يرتدي ملابس عسكرية يتمدد على الأرض، كما أظهرت أفراد أمن يصرخون أمام منصة مشاهدة العرض العسكري.

وبدا أن الهجوم قد تم الإعداد له بشكل نوعي، حيث ذكرت وسائل إعلام رسمية أن إطلاق النار جاء من حديقة وراء المنصة، فيما قال محافظ خوزستان (منطقة الأحواز)، غلام شريعي، أن المهاجمين كانوا يتنكرون بزي قوات الحرس الثوري الإيراني، وفق الوكالة الرسمية.

ضربة للحرس الثوري
وتوجيه ضربة "مسلحة" إلى الحرس الثوري الإيراني القوة العسكرية الأقوى والأكثر تسليحا داخل إيران، يهز بشكل كبير الثقة في قدراته.

وبحسب وكالة فارس القريبة من الحرس الثوري ووسائل إعلام أخرى، فقد استمر إطلاق النار من 10 دقائق إلى نصف ساعة، وهو وقت طويل يظهر" خللا واختراقا للأمن الإيراني"، بحسب المحلل السياسي الأحوازي حسن راضي.

ويقول راضي إن "نجاح العملية في إيقاع هذا الحجم الكبير من الخسائر في صفوف قوات النظام الإيراني سيشجع على عمليات مماثلة.. المواجهة أصبحت مفتوحة على كافة الاحتمالات".

وتحت وقع الصدمة، حاول قادة في الحرس الثوري إلصاق العملية بتنظيم داعش في بادئ الأمر، لكن كان مسؤولون آخرون يتحدثون عن المقاومة الأحوازية علنا، بينما قال وزير الخارجية محمد جواد ظريف إن أطرافا خارجية تقف وراء الهجوم.

وتشير التصريحات والتقديرات المتضاربة لمسؤولي النظام إلى مدى الارتباك، الذي أحدثته العملية التي كانت تستهدف في الأساس مسؤولين رفيعين في منصة العرض العسكري.

ويقول راضي:" كان في المنصة ممثل عن المرشد علي خامنئي واثنين من كبار قادة الحرس الثوري إضافة إلى عشرات العسكريين".

وتنشط حركات مسلحة منضوية تحت لواء المقاومة الأحوازية في منطقة الأحواز، حيث تقوم بهجمات انتقامية ردا على الممارسات الأمنية الدموية التي يمارسها النظام على سكان الإقليم.

ويرى الباحث في الشؤون الإيرانية، علي قاطع الأحوازي، أن النظام الإيراني والحرس الثوري يتحملان المسؤولية الأساسية عن اندلاع أعمال مسلحة، بسبب "المعاناة الشديدة التي سببها للشعب الأحوازي والقمع الأمني".

ويأتي توقيت العملية بالتزامن مع ذكرى بدء الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، ليشير إلى أن "الضحية الأساسية لهذه الحرب، وهي الشعب الأحوازي الذي عانت مناطقه من دمار كبير، فيما تجاهل النظام إعادة إعمار ما خلفته الحرب وقام بتهجير قسري للسكان ومصادرة أراضيهم"، بحسب الأحوازي.

نظام فقد شرعيته
وعاش النظام الإيراني 10 أشهر عصيبة منذ مطلع العام الجاري، حيث تهاوت العملة المحلية وارتفع التضخم بينما انتشرت الاحتجاجات بشكل لم تعهده إيران منذ "الانتفاضة الخضراء"، التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عام 2009.

وبحسب القيادي في التيار العربي الديمقراطي الأحوازي، عبدالرحمن الحيدري، فقد شهد إقليم الأحواز شهد 3 انتفاضات كبيرة و 900 احتجاج منذ مطلع 2018، قائلا لـ"سكاي نيوز عربية" إن "الإقليم يعيش حالة غليان مثل العديد من الأقاليم الإيرانية".

وتواجه طهران ضغطا متزايدا بعد أن قرر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في مايو سحب بلاده من الاتفاق النووي الدولي الذي أبرم مع إيران عام 2015 وأعاد فرض عقوبات عليها في مسعى لعزلها.

وبعد فرض الحزمة الأولى من العقوبات في أغسطس وتشمل قيودا صارمة على النظام المالي الإيراني، تنتظر طهران في نوفمبر حزمة أخرى تتعلق بتقييد صادراتها النفطية وعدد من القطاعات الحيوية الأخرى.

واعتبر الحيدري أنه بعد العقوبات وحالة الغليان الشعبين فإن النظام الإيراني قد فقد مشروعيته "لدى أغلب الإيرانيين وخاصة في الأحواز".

وتعاني منطقة الأحواز، التي تقطنها غالبية عربية من تهميش كبير رغم أن الإقليم يمتلك ثروة هائلة من النفط والغاز الطبيعي إضافة إلى الأراضي الزراعية الخصبة.