العرب اللندنية: علاقات مشبوهة طوعت هيئات أممية لخدمة الحوثيين في اليمن
كشفت مصادر خاصة لـ”العرب” عن استخدام قيادات حوثية لطائرات تابعة للأمم المتحدة للانتقال إلى خارج صنعاء والعودة إليها باعتبارهم ناشطين في منظمات حقوقية يمنية.
وقالت المصادر إنّ الحوثيين، ومن خلال اختراقهم للمنظمات التابعة للأمم المتحدة في صنعاء، وتواطؤ بعض قيادات المنظمات تمكّنوا من إخراج عدد من قياداتهم إلى خارج اليمن عبر طائرات الأمم المتحدة لتلقي العلاج أو المشاركة في أنشطة سياسية تحت غطاء التسهيلات التي تقدمها الأمم المتحدة لبعض المنظمات الحقوقية والإنسانية في اليمن.
واعتبر مراقبون يمنيون أن تزايد المؤشرات على العلاقة المشبوهة التي تربط الكثير من المنظمات الأممية في اليمن والميليشيات الحوثية باتت تثير الريبة وتنزع صفة الحيادية عن تلك المنظمات التي وقعت في العديد من الأخطاء الكارثية التي تتعارض مع طبيعة عملها والدور المنوط بها.
وأشار المراقبون في هذا السياق إلى البيان الأخير الصادر عن الأمم المتحدة عبر منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي والذي أدان حادثة قصف ميليشيا الحوثي لمخيم بني جابر للنازحين في مديرية الخوخة، جنوبي محافظة الحديدة، حيث تجنّب البيان الإشارة إلى مسؤولية الحوثيين عن هذه الجريمة التي تسببت في قتل امرأة وإصابة 12 مدنيا بينهم أطفال بحسب بيان الأمم المتحدة نفسه.
واكتفت غراندي في بيانها بوصف الحادثة بالأمر “المرعب والصادم” من دون تحديد الجهة التي تقف خلفه أو حتى الأسلحة المستخدمة في القصف، وهو الأمر الذي لا يتوافق بحسب ناشطين حقوقيين مع بيانات الأمم المتحدة الأخرى التي دأبت على المبادرة إلى تحميل الحكومة الشرعية أو التحالف العربي مسؤولية الحوادث التي تقع، كما هو الحال مع مجزرة سوق السمك ومستشفى الثورة بالحديدة في مطلع أغسطس الماضي واللتين تبين لاحقا أن الحوثيين هم من قاموا بهما.
ويصف الصحافي والناشط الحقوقي اليمني همدان العليي الانحياز الأممي بأنه نتاج “اختراق حوثي مبكر للمنظمات الدولية باتت الميليشيات الحوثية تمارس من خلاله بعض أنشطتها تحت مظلة المنظمات الأممية والدولية”.
وعن أشكال ومظاهر هذا الاختراق وما يترتب عليه من أخطاء وتجاوزات قانونية تقوم بها هذه المنظمات، يقول العليي “هناك عمليات تهريب لبعض الشخصيات الحوثية. وهذه مشكله حقيقية يجب حلّها لأنها تعرّض سمعة المنظمات الدولية والأممية للخطر، وتفاقم من شعور اليمنيين بأن هذه المنظمات أصبحت أداة من أدوات المنظومة الإيرانية العابرة للحدود”.
ويلفت العليي في تصريح لـ”العرب” إلى أن المنظمات الأممية في اليمن يجب أن تتدارك حالة الانحدار المستمر في مستوى ثقة اليمنيين بها، وأن تسارع لمعالجة الأخطاء من خلال عدد من الخطوات في مقدمتها مراجعة قائمة الموظفين في مكاتبها واستبعاد الموظفين المحسوبين على ميليشيا الحوثي، مضيفا: “أغلب الموظفين المحلّيين الذين يعملون في هذه المنظمات يرتبطون بعلاقة أسرية من الدرجة الأولى بالقيادات الحوثية، ولذلك فهم يعملون لصالح الحوثيين بشكل أو بآخر من خلال منع وصول المنظمات لضحايا الحوثيين وتضليل هذه المنظمات وعدم السماح بظهور اسم الحوثيين أو أنصارالله، كما يحبون أن يسموا أنفسهم، في البيانات التي تنتقد جرائمهم لأن هذه البيانات في النهاية سيتم ترجمتها وعرضها على المجتمع الدولي، ولهذا يحرصون كل الحرص على عدم تضمين هذه البيانات كلمات تشير إلى جماعة الحوثي بشكل مباشر بخلاف المكونات السياسية الأخرى التي تقف في الجهة المقابلة”.
وفي تصريح خاص لـ”العرب” يؤكد وكيل وزارة الإعلام اليمنية نجيب غلاب أن الاختلال في عمل المنظمات الأممية العاملة في اليمن وصل إلى درجة تعامل الحوثيين مع تلك المنظمات ومسؤوليها باعتبارهم من الأدوات الأكثر قابلية للتوظيف في معاركهم، فضلا عن استغلال أهداف الأمم المتحدة لتمرير الكثير من أهداف الميليشيا الحوثية.
ويضيف غلاب “لم تتمكن الأمم المتحدة عبر منظماتها من إدانة الحوثيين أو الضغط عليهم، بل إنّ موظفي الأمم المتحدة قاموا بمراقبة الانتهاكات الحوثية والتماهي مع الجماعة الحوثية وكأنهم جزء من معركتها”.
ويسرد غلاّب نماذج من الضغوط التي مارستها الجماعة الحوثية بحق المنظمات الأممية مشيرا إلى ما حدث مؤخرا من نهب لمخازن منظمة الأغذية العالمية، من دون صدور أي ردّ فعل أممي على ذلك “وهذا ما شجع مشرفي الحوثيين وميليشياتهم على الإمعان في استغلال هذه المنظمات والاستفادة من مقراتها، إضافة إلى وجود مؤشرات كثيرة على أن الموظفين المحليين والمنظمات المحلية المتعاونة مع الأمم المتحدة مرتبطون بالحوثيين”.
وتداولت وسائل إعلام يمنية مؤخرا رسالة مسرّبة من مسؤول أممي إلى أحد قادة الميلشيات تتعلق بقيام الحوثيين بالاستيلاء على أحد المخازن التابعة لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ومصادرة ما يحتويه من مواد إغاثية بكميات هائلة، وإخفاء الأمم المتحدة للحادثة التي خرجت للعلن من خلال خطاب استعطاف تقدم به مسؤول المنظمة للقيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى.