قضية خاشقجي لم تعد جنائية
د. محمد علي السقاف
- قمة أوروبية في كييف ماذا تعني؟
- «الحلم الصيني» باستعادة تايوان
- «الناتو»... من «الموت السريري» إلى «عودة الروح»
- صراع الكبار يقوض مهام الأمم المتحدة
أنه أمر محزن وصادم ماحدث للصحفي السعودي جمال خاشقجي بمقتله في قنصلية بلاده في تركيا و الغالبية في بداية الحدث المؤلم تعاطف مع ماحدث للضحية وانتظر ان تكشف التحقيقات ملابسات الجريمة علي اساس انها جريمة جنائية
وامام الزخم الهائل من التغطية الإعلامية المركزة وغير المسبوقة بالهجوم والتحريض علي المملكة العربية السعودية وقادتها أتضح انها لم تعد معنية بمقتل الصحفي كحدث جنائي بشع وانما هجمة ذات أهداف سياسية بامتياز
ومن هنا يتساءل المرء عن أسباب توقيت هذه الهجمة ودوافعها ولماذا لم تعالج كجريمة جنائية وحولت الي قضية سياسية دولية غير عادية ؟
في البدء عند سماع خبر “ اختفاء “ خاشقجي بعرض صورة دخوله مبني قنصلية بلاده ولم يخرج منها وأعلان السلطات الرسمية لبلاده انه قتل أصيب المرء بصدمة كبيرة خفف وقعتها أعلان المملكة أعفاء عدد من القيادات الأمنية من مناصبها وإحالة ملف مقتل الصحفي الي تحقيق السلطات القضائية في المملكة
لان ماحدث هذه جريمة جنائية يتوجب التحقيق فيها وفي ملابساتها ومع ذلك استمرت المنصات الإعلامية الدولية في توجيه الاتهامات مؤخراً الي ولي عهد المملكة الأمير الشاب محمد بن سلمان ؟ والسؤال هنا لماذا توجيه أصبع الأتهام أليه ؟
حدثين في توقيتهما يفسران أسباب ذلك الأتهام المزعوم:
الحدث الأول مرتبط بالعلاقات الأمريكية - السعودية وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي حذر عدة مرات متتالية قيادة المملكة الغنية بالنفط قد لا تدوم “ أسبوعين “ دون دعم أمريكي حسب مانقلته وكالة أنباء بلومبرج علي موقعها الإلكتروني الجمعة ٥ أكتوبر الماضي وجاء رد الامير محمد بن سلمان قوياً في تصريحات له لنفس الوكالة علي إتهام ترامب بأن المملكة العربية السعودية لا تدفع مقابل الدعم العسكري الأمريكي بقوله “ نحن نعتقد أن جميع الأسلحة لدينا من الولايات المتحدة الأمريكية مدفوعة الثمن “ مضيفاً “ منذ أن بدأت العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ، اشترينا كل شىء بالمال “ واقر الأمير محمد بن سلمان مع ذلك بأنه يحب العمل مع ترمب ، ربما نوعاً من تخفيف رده القوي علي تصريحات الرئيس الامريكي وهو دون شك لم تتعود الأدارة الأمريكية سماعه من دول أخري ناهيك من حلفائها في المنطقة.
وسيلاحظ ان مثل تلك التصريحات السابقة في محاولة إبتزاز المملكة مالياً لم يكررها مجددآ ترمب حيث حلت محلها تصريحات تتعلق بقضية مقتل خاشقجي
والحدث الثاني في توقيت الأزمة موعد انعقاد مؤتمر” مبادرة مستقبل الاستثمار ٢٠١٨ “ في الرياض في ٢٤ أكتوبر الماضي والآمال المعقودة عليه من قبل المملكة العربية السعودية لتحقيق رؤية ٢٠٣٠ وهو مشروع محمد بن سلمان بأمتياز
أرادت بعض الأطراف وهم قلة من مقاطعتها للمؤتمر من شخصيات وشركات الي إفشال انعقاده بسبب الضجة التي أثيرت حول قضية خاشقجي ولكن ماحدث العكس حيث ظهر ولي العهد وتحدث بأريحية كاملة ومستعرضا الأرقام المهولة للاقتصاد السعودي وتصميمه علي تطبيق خارطة طريق المستقبل من خلال الرؤية الموضوعة وإطلاقه فكرة جعل منطقة الشرق الأوسط أوروبا الجديدة
في الخلاصة من الواضح ان التحديات القادمة كبيرة لن تقتصر في محاولة عرقلة انطلاقة المملكة العربية السعودية الي مصاف القوة الاقتصادية المؤثرة بل ان التحديات تعني أيضا العالم العربي برمته حتي لا ينهض ويتقدم ليصبح اوروبا الجديدة ضمن موازين القوي الدولية الكبري
ولعل أنهاء حرب اليمن وتقويته اقتصاديا بما يملكه من كثافةة سكانية ومواقع جيو إستراتيجية لن يكون الا عاملاً مساعداً في تحقيق قيام أوروبا جديدة في الشرق الأوسط وبذلك يتحول الحلم الي حقيقة.