تحليل: محاولة للتفكير بعيدا عن المناكفات والسطحية


محاولة للتفكير بعيدا عن المناكفات والسطحية
ثابت حسين صالح*
بعد إنهاء الأزمة السورية كنتيجة لتفاهمات إقليمية ودولية، رفع البعض سقف التوقعات عن قرب انتهاء الأزمة والحرب في اليمن، بل ان البعض حاول إجراء مقارنة بين الحالتين وتوظيف ذلك في إطار المناكفات السياسية.
مع إن أي محاولة للمقارنة بين الحالتين في الوضع الراهن ستكون سطحية وغير منطقية.
كان يمكن عمل مقارنة او مقاربة بين الحالتين عام 2011 ، حينما بدأت ما سميت باحتجاجات الربيع العربي، فانهار نظام علي عبدالله صالح في نفس العام وسيطر تنظيم الإخوان الإرهابي (حزب الإصلاح) على الوضع ، قبل أن يتمكن الحوثيون من السيطرة على الوضع في صنعاء ومحافظات الشمال مع نهاية وبداية عام 2015م.
اما في سورية فلم يسقط نظام الأسد إلا بعد أكثر من 13 عاما وعن طريق تفاهمات بين اللاعبين الاقليميين والدوليين بشأن إنهاء الأزمة السورية.
وفي سياق مسلسل المناكفات السياسية تم تفسير إشارات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي على هامش منتدى دافوس حول اولوية القضاء على مليشيات الحوثي وحل القضية الجنوبية...تم تفسيرها إما بسطحية من جانب بعض العامة، وإما بخبث من جانب خصوم المجلس الانتقالي والجنوب.
المؤكد أن الزبيدي رمى حجرة على تحرك المياه الراكدة في بحيرة الأزمة والحرب في اليمن عامة، وفي البحيرة الآسنة للجناح الشمالي في سلطة الشرعية وما يسمى بالجيش الوطني والمقاومة الوطنية اليمنية الشمالية.
ويبدو ان تصريحات الزبيدي سببت لهؤلاء حرجا شديدا أمام بسطاء الناس وأمام التحالف العربي وأمام المجتمع الدولي بعد مرور ما يقارب عشر سنوات على سيطرة الحوثيين على الشمال اليمني دون تحرير أي محافظة شمالية.
اليوم ثمة احتمالان أساسيان، أولهما أن تضطر الحركة الحوثية إلى مراجعة سلوكها في الداخل والخارج بما يفضي إلى القبول بفكرة العودة إلى المرجعيات الثلاث مع خصومها في الشمال، اخذا بعين الاعتبار ما طرأ على الواقع من تغيرات، وبما يجنبها الوقوع أكثر في دائرة الاستهداف الداخلي والخارجي.
لكن هذا الاحتمال يبدو الأضعف في ظل تفكك وضعف الشرعية والمقاومة، وشعور الجماعة أنها أصبحت قوة إقليمية وعالمية يجب الاعتراف بها...رغم إنها صنفت جماعة ارهابية.
أما الاحتمال الآخر فهو هزيمة واسقاط الحوثيين أو على اقل تقدير ارغامهم على الجلوس على طاولة مفاوضات الحل السياسي الشامل والعادل الذي يتطلب تحول جماعة الحوثيين إلى حزب سياسي بدون ذراع عسكري والوصول إلى حل القضية الجنوبية وفقا لما يرتضيه شعب الجنوب.
وفي الاحتمالين ينبغي للجنوبيين أن يتوقعوا اصطفافا يمنيا شماليا واسعا يشمل الجناح الشمالي في الشرعية ضد الجنوب وضد استعادة دولته...الأمر الذي يحتم على الجنوبيين الاصطفاف مع المجلس الإنتقالي الجنوبي وقائده عيدروس الزبيدي في هذه المرحلة المفصلية والخطيرة.
*باحث ومحلل سياسي وعسكري