أزمة سياسية للحكومة الإسرائلية .. وهذه هي الأسباب
دخلت الحكومة الإسرائيلية، أمس (الأربعاء)، أزمة سياسية ، مع استقالة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، وانسحابه وحزبه من الائتلاف الحكومي، إذ أصبحت القاعدة البرلمانية هشة (61 مقعداً من مجموع 120 مقعداً في البرلمان)، لكنّ المراقبين لم يستبعدوا، في الوقت نفسه، أن تكون هذه مناورة حزبية، جرى تنسيقها بين ليبرمان ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بغرض تبكير موعد الانتخابات وعزل حزب «البيت اليهودي» المتطرف، الذي يمثل مصالح المستوطنين، وهناك من يرى أن هذه الاستقالة تساعد نتنياهو على التعاطي الإيجابي مع «صفقة القرن»، التي سيطرحها الرئيس دونالد ترمب خلال الشهرين المقبلين.
وكان ليبرمان قد أعلن عن استقالته في خضمّ موجة احتجاج كبيرة على الاتفاق بين حكومة إسرائيل وحكومة «حماس»، لإعادة الهدوء على الحدود بينهما، فقد خرج سكان البلدات اليهودية المحيطة بقطاع غزة في مظاهرات غاضبة متهمين الحكومة بالخنوع لـ«حماس». ومطالبين بعملية حربية تقضي على حكم «حماس»، أو عملية سلام تُنهي تماماً إطلاق الصواريخ عليهم. وأغلقوا الشوارع حول القطاع. وقرروا نقل المظاهرات إلى القدس وتل أبيب وإغلاق الشوارع فيهما، واستغلت المعارضة السياسية هذا الموقف وانضمت إلى حملة الهجوم على الحكومة، متهمينها بمساعدة «حماس» حتى لا تضطر إلى التفاوض مع السلطة الفلسطينية على سلام يحل كل المشكلات مع غزة وغيرها. وراحوا يحقّرون نتنياهو وليبرمان وغيرهما من الوزراء المتطرفين، ويتهمونهم بالركوع أمام «حماس».
وخرج رئيس حزب المستوطنين الوزير نفتالي بينيت، بهجوم كاسح على ليبرمان، واصفاً إياه بأنه «وزير الدفاع الأكثر فشلاً في تاريخ إسرائيل». وطالبه نائب آخر بالاستقالة، لأنه لا يستطيع فرض إرادته على الجيش. وكان مكتب رئيس الوزراء، قد أصدر بياناً قال فيه، إن جميع الوزراء أيدوا اتفاق التهدئة مع «حماس». وأعرب عن أسفه لأن بعض الوزراء يتفوهون داخل الاجتماعات بشيء ويعلنون للجمهور نقيضه.
إزاء كل ذلك، خرج ليبرمان بإعلانه الاستقالة من الحكومة، مظهراً أنه يردّ بذلك على كل منتقديه وقال إنه يستقيل لأن الحكومة لم تتبنَّ موقفه الحازم ضد «حماس»، فوافقت على تحويل النقود القطرية إليها، ثم أبرمت اتفاق تهدئة معها. وقال ليبرمان خلال مؤتمر صحافي عقده بعد جلسة استثنائية للكتلة البرلمانية، إنه يعتبر وقف إطلاق النار في قطاع غزة، خضوعاً وخنوعاً للإرهاب. وقال إن المستوى السياسي في البلاد فشل ولم يتخذ القرارات الصائبة. وبيّن أن ما تقوم به إسرائيل حالياً، هو شراء هدوء قصير المدى مقابل المساس بالأمن القومي على المدى البعيد. وأضاف ليبرمان أنه لم يوافق على إدخال الوقود القطري إلى غزة، واصفاً الخطوة بالخاطئة.
وأشار إلى أنه بعد أن أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بياناً خطياً، فإنه اضطر إلى الموافقة، كما كشف ليبرمان عن خلافات عديدة بينه وبين رئيس الوزراء، منها قضية إخلاء القرية البدوية الخان الأحمر إلى الشرق من القدس. وكانت استقالة ليبرمان غير متوقعة، لأنه كان يعد أحد أهم أركان الحكومة والأشد إخلاصاً فيها لنتنياهو. ولهذا، فقد بدأت التخمينات تتحدث عن خطة قديمة بين نتنياهو وليبرمان، تمت تجربتها ويجري اليوم تكرارها، تتمثل في التنسيق والتعاون بينهما على التحالف معاً نحو الانتخابات المقبلة. وكان الاتفاق بينهما أن يتصدى ليبرمان لمحاولات الإطاحة بنتنياهو، في حال تم تقديم لائحة اتهام ضده في قضايا الفساد. وأن ينضم ليبرمان، لاحقاً، إلى حزب الليكود، شرط أن يعيّنه نتنياهو نائباً له وقائماً بأعماله في غيابه. ويعني هذا الاتفاق أن يتصدى ليبرمان لكل محاولة للإطاحة بنتنياهو. ولكن، في حال الإطاحة به واضطراره إلى الاستقالة بقرار من محكمة، فإن ليبرمان هو الذي سيحل محله وليس أي قائد آخر من «الليكود».