صحيفة دولية : الحوثيون يسايرون جهود السلام لفظيا ويعرقلونها ميدانيا
أبدت مليشيات الحوثي المتمرّدة في اليمن “تجاوبا لفظيا” مع جهود السلام التي يقودها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث بدفع من قوى دولية ودعم من دول الإقليم.
وقالت صحيفة العرب اللندنية أن دوائر سياسية يمنية تواصل التشكيك في صدقية الجماعة الموالية لإيران، متّهة إياها بالمناورة لأهداف تكتيكية، بدليل خرقها لتهدئة القتال في الحديدة، مضطرة غريفيث إلى تأجيل زيارته للمدينة.
وناقش زعيم المتمردين عبدالملك الحوثي مع غريفيث خلال زيارة الأخير لصنعاء “التسهيلات” لعقد مفاوضات سلام في السويد بداية الشهر المقبل. ويرجّح أن المحادثات جرت عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.
وقال العضو البارز في جماعة الحوثي محمد عبدالسلام على حسابه في تويتر “تمت مناقشة ما يمكن أن يساعد على إجراء مشاورات جديدة في ديسمبر القادم وعن التسهيلات المطلوبة لنقل الجرحى والمرضى للعلاج في الخارج وإعادتهم”.
ويعمل مبعوث الأمم المتحدة على تهيئة الأرضية لمفاوضات سلام أعلنت واشنطن مساء الأربعاء أنها ستعقد في ديسمبر القادم بالسويد.
وقال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في تصريحات صحافية “يبدو أننا سنرى في مستهل ديسمبر في السويد المتمردين الحوثيين والحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة”.
وفي الكويت رجّح نائب وزير الخارجية خالدالجار الله في تصريحات للصحافيين أن تعقد المحادثات في الثالث من ديسمبر.
كما أشار إلى أنّ بلاده تتوجّه “لتوفير الدعم اللوجيستي لهذه المباحثات بناء على طلب الأصدقاء السويديين”. وتصاعدت الدعوات إلى عقد محادثات سلام تنهي النزاع المتواصل في اليمن منذ سنة 2014 مع اشتداد المعارك في مدينة الحديدة غرب اليمن بداية شهر نوفمبر الحالي، قبل أن توقف القوات الحكومية تقدّمها الأسبوع الماضي لإفساح المجال أمام جهود السلام.
لكن المعارك تجدّدت هذا الأسبوع في المدينة بسبب ما قالت الحكومة اليمنية إنه محاولات من الحوثيين لاستغلال التهدئة من أجل إحداث تغييرات في الوضع الميداني القائم.
وأعلن الخميس عن مقتل ثلاثة مدنيين بينهم طفلان وإصابة العشرات في قصف بقذائف الهاون نفّذه المتمردون الحوثيون على قرية المنظر التابعة لمديرية الحوك بالحديدة.
وأرجعت مصادر يمنية مطلعة تأجيل المبعوث الأممي إلى اليمن زيارة كان من المفترض أن يقومها بها، الخميس، لمدينة الحديدة، إلى ما قالت إنه احترازات أمنية، وتحفظات أبداها مستشاروه الأمنيون نتيجة استمرار الاشتباكات المتقطعة في الحديدة وخرق الحوثيين للهدنة غير المعلنة في المدينة.
وأشارت المصادر إلى أنه لم يحدد (حتى مساء الخميس) موعد جديد للزيارة التي ستشمل بحسب المصادر ميناء الحديدة وعددا من المرافق التابعة للأمم المتحدة، غير أن تسريبات إعلامية غير مؤكدة رجحت أن تتم الزيارة الجمعة.
ويرافق غريفيث في حال تمت الزيارة وفقا للمصادر، ليز غراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، والتي أثارت تصريحات ومواقف لها غضب الحكومة الشرعية التي اتهمتها بالانحياز للميليشيات الحوثية وتجاوز صلاحياتها كموظفة أممية.
وعزا مراقبون سياسيون الحماسة التي يبديها المبعوث الأممي لزيارة الحديدة التي تشهد اشتباكات متقطعة، في الوقت الذي امتنع فيه عن زيارة مدينة تعز المحاصرة من قبل الحوثيين لأسباب أمنية، إلى رغبته في تحقيق عدد من الأهداف السياسية التي قد تخدم جهوده لعقد جولة مشاورات مرتقبة بين الفرقاء اليمنيين مطلع ديسمبر القادم في السويد.
ويأتي تثبيت وقف إطلاق النار في الحديدة على رأس أجندة غريفيث الذي يعتبر المدينة وميناءها الاستراتيجي واحدا من أكبر التحديات التي أفشلت مشاورات جنيف 3، إضافة إلى أن نجاح التهدئة في الحديدة قد يكون مقدمة لهدنة شاملة في مختلف الجبهات، يأمل في التوصل إليها من خلال مشاورات السويد المرتقبة، في سياق خطته لإقرار مصفوفة متكاملة لبناء الثقة بين الأطراف اليمنية.
وربط خبراء سياسيون بين الزيارة المرتقبة لغريفيث إلى الحديدة وبين تجدد التصريحات المطالبة بتحييد المدينة ومينائها وتسليمها لطرف ثالث.
وجاء المقترح الذي تم تداوله في مراحل سابقة من النزاع حول الميناء، عبر وزارة الخارجية الأميركية التي قدمت مقترحا بتسليم ميناء الحديدة إلى “طرف محايد”، بحسب بيان صحافي للخارجية الأميركية أكد على ضرورة “تسليم ميناء الحديدة إلى طرف محايد من أجل تسريع وصول المساعدات لمحاربة الأزمة الإنسانية الحادة ومنع استخدام الميناء للاتجار غير المشروع بالأسلحة وتهريبها”.
ويعتقد العديد من المراقبين بأن الطرف المحايد قد يكون المقصود به الأمم المتحدة التي تسعى عبر مبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث لخلق مسارات ومرجعيات جديدة للحل في اليمن.
وحول دلالات الحرص الذي يبديه المبعوث الأممي لزيارة الحديدة، اعتبر الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات، نجيب غلاب أن الأمر بمثابة رسالة تفيد بأن ميناء الحديدة سيكون تحت إشراف الأمم المتحدة، كما تمثل الزيارة المزمعة في وجه آخر من وجوهها الخفية، محاولة لوقف اندفاع قوات المقاومة المشتركة لتحرير المدينة وإعاقة عملية تحرير الميناء من الميليشيا حسبما نقلت العرب اللندنية .
وعن إمكانية تسليم الميناء لإدارة الأمم المتحدة، أشار غلاب إلى أن تلك الخطوة تحتاج إلى إجراءات طويلة ومعقدة، كما أنها ستجعل بشكل أو بآخر الجماعة الحوثية شريكا في الإدارة في ظل الإصرار الذي تبديه على بقائها في المدينة وهو ما يعني فشل أي تهدئة، نتيجة استمرار الحوثيين في الضغط من أجل بقائهم مع تواجد القوات المشتركة أيضا في الحديدة ورفض الحكومة اليمنية لإجراءات من هذا النوع يؤكد أن إخماد عملية التحرير غير ممكنة بالتوازي مع بقاء الميليشيا الحوثية في الميناء وشرعنة سيطرتها عبر الأمم المتحدة.