أبو عوذل: عملية السلام باليمن لن تكتمل بدون الجنوب
الحديث عن تسوية سياسية في اليمن واشتراط الحكومة اليمنية على المرجعيات الثلاث، يجعل من عملية السلام تلك ناقصة، في ظل إقصاء قوى سياسية أبرزها الطرف الجنوبي، من أي مشاورات سياسية بشأن انتهاء الحرب في اليمن، كما أنها لا تؤسس لسلام دائم، بل ربما تعني القبول بجغرافيا طائفية في اليمن.
قال الكاتب اليمني صالح أبوعوذل ،بجريدة "العرب" إن التسوية السياسية التي تعتمد على المرجعيات الثلاث تؤسس لحروب قادمة، وهو ما يعني أن مأرب تسعى إلى إعادة احتلال الجنوب عسكريا على غرار احتلال 1994، فالقوات العسكرية التابعة للإخوان بدأت عملية تمدد صوب بلدات شبوة وأخرى صوب وادي وساحل حضرموت، ناهيك عن سيطرة تلك القوات على ميناء الوديعة البري والذي يدر الملايين من الدولارات، تذهب إلى بنك مأرب المركزي.
هناك العديد من الأطراف الفاعلة والقادرة على تحقيق السلام ولا سلام دون إشراكها في العملية السياسية، وهم “المؤتمريون” شمالا والمجلس الانتقالي جنوبا.
وتمول طهران حلفاء لها في الجنوب بهدف إحداث فوضى وخلق تباينات في الرؤى الجنوبية، وفي الشمال تعمل الأطراف هناك على إزاحة عائلة الرئيس السابق علي عبدالله صالح من أي مستقبل سياسي، ناهيك عن عملية تفتيت حزب المؤتمر الجارية على قدم وساق.
يسعى حلفاء الدوحة وطهران في الجنوب إلى إثارة العديد من القضايا الداخلية في الجنوب، من أبرزها الحديث عن قضية عدن للعدنيين وحضرموت للحضارمة، في حين يقوم نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر بتقديم شخصيات باسم الحراك الجنوبي لسفراء الدول الغربية للحديث عن خلافات وتباينات في الجنوب، وأن مطلب الجنوبيين في الوقت الراهن “توحيد مكونات الجنوب”.
الطرف الآخر، الذي يريد بعض الأطراف ومنهم جماعة الحوثي إزاحته، هو حزب المؤتمر الشعبي العام وعائلة الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، الذي قتله الحوثيون، بعد ثلاثة أعوام من تحالفه معهم، في أواخر العام 2017.
أصبح العميد طارق صالح رقما صعبا في المشهد السياسي والعسكري، فقد بات يمتلك قوات عسكرية ضخمة تقاتل إلى جانب قوات العمالقة الجنوبية وقوات تهامة في الحديدة لاستعادة الميناء، في حين أن حزب المؤتمر الشعبي العام يمتلك الكثير من السياسيين المؤثرين والذين يُنتظر منهم دور مستقبلا في إنهاء الأزمات والصراعات في اليمن.
يعتقد الإخوان أن الفرصة باتت مواتية لتفتيت حزب المؤتمر (أكبر الأحزاب اليمنية)، على غرار تفتيت الحزب الاشتراكي الجنوبي صاحب توقيع اتفاقية الوحدة اليمنية، وهو الحزب اليمني الذي أصبح عاجزا حتى عن المطالبة باستعادة مقراته التي تمت مصادرتها عقب حرب 1994.
أصبح حزب المؤتمر مقسّما إلى ثلاثة تكوينات، جزء يتبع الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر الذي أعاد تفعيل عضويته الحزبية، وجزء آخر لا يزال في صنعاء ويتحدث عن تحالف مع الحوثيين، وثالث بات يشكله رجل الأعمال حميد الأحمر الذي التقى مؤخرا ببعض قيادات المؤتمر وأبرزهم رئيس الحكومة المقال أحمد بن دغر.
تسعى هذه الأطراف التي تخشى من شعبية المؤتمر، إلى تجزئته وإضعافه، وتطبيق نفس السيناريو الذي طبّق على الحزب الاشتراكي اليمني، حيث أسس نظام علي عبدالله صالح، حزب الإصلاح لضربه من خلال تصفية قياداته وصولا إلى إدماجه في ما عرف باللقاء المشترك، وهو التكتل السياسي الذي قضى على القرار السياسي للحزب وإلى الأبد، حتى أن قياداته لم تعد تتحدث عن مقرات الحزب المصادرة في شمال اليمن.
الولايات المتحدة عبّرت وعلى لسان سفيرها السابق لدى اليمن ماثيو تولر، عن رفضها تقسيم اليمن على أساس طائفي، وهو ما يبدو تأكيدا على رفض واشنطن لما يؤسسه الإخوان في مأرب من قوات عسكرية تدين بالولاء للتنظيم الذي تصنف الولايات المتحدة جزءا من قياداته على قوائم الإرهاب الدولية، ناهيك عن الرفض الأميركي المعلن لوجود نسخة أخرى من حزب الله في خاصرة السعودية.