ماذا تمثل سيطرة الشرعية على معقل الحوثيين الأول صعدة ؟
رأي المشهد العربي
جاء إعلان قوات الجيش السيطرة على العديد من المناطق الحيوية والهامة في صعدة، ليفتح الباب أمام الإعلان عن السيطرة على تلك المحافظة الهامة في الصراع مع مليشيا الحوثي.
وصعدة تعرف طيلة تاريخها بأنها مدينة عامرة آهلة يقصدها التجار من كل بلد وبها مدابغ الأدم وجلود البقر، كما أنها خصبة كثيرة الخير.
ومسمى صعدة التي يطلق عليها هذا الإسم الذي يعني "القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج إلى تثقيف"، تعد هامة للغاية وذات أبعاد جغرافية وعسكرية تزيد من إمكانية السيطرة على هذا الجانب في مواجهة الحوثي.
وجغرافياً فإن محافظة صعدة تقع شمال غرب العاصمة اليمنية صنعاء وتبعد عنها حوالي 242 كيلو متراً، كما يشكل سكان المحافظة ما نسبته 3.5% من إجمالي سكان الجمهورية، وعدد مديرياتها 15 مديرية.
وأعلنت قوات الجيش مسنودة بالتحالف من تحرير المناطق المتبقية في منطقة الملاحيط بمديرية الظاهر في محافظة صعدة، إلى جانب اقترابها من تحرير كامل المديرية، فيما تمكنت من تحرير خمسة مواقع استراتيجية في مديرية رازح بالمحافظة.
وأوضحت قوات الجيش أنها تمكنت من تحرير قرى الجثامة، وآل سبتان، والقرن، وحوالي، وتباب شرقي المقران شرق جبل الأزهور الاستراتيجي في جبهة رازح، بعدما شنت هجوماً مباغتاً في إطار عملية عسكرية واسعة بدأتها في المديرية لتحريرها من الميليشيات.
جاء ذلك بعد ساعات من إعلان القوات بأنها قريبة إلى خط الإسفلت الذي يمتد إلى مركز مديرية رازح التي تبعد عن جبل الأزهور نحو خمسة كيلومترات.
يأتي هذا فيما واصلت مقاتلات التحالف شن سلسلة من الغارات المركزة على مواقع وآليات الميليشيات في المديرية، ما ساهم في تدمير مخزن أسلحة وتعزيزات عسكرية كانت متجهة إلى منطقة المعارك.
ومدينة صعدة التي جرى تأسيسها بالقرن الثالث الهجري أي القرن التاسع الميلادي، شهدت تطورات حضارية عبر مراحلها التاريخية أكسبتها ملامح المدينة العربية الإسلامية بتخطيطها المعماري الهندسي، وإبداعاتها الفنية، وتقسيم تكويناتها الرئيسية من حيث الأسواق والسماسر والحمامات القديمة والمساجد والمدارس والأسوار والبوابات القديمة والحارات.
وازدهرت صعدة كمدينة علم ودين وثقافة وتجارة وصناعة وزراعة بالإضافة إلى دورها الرئيسي في أحداث العصر الإسلامي الذي شهد صراعات وحروب عنيفة متواصلة على الساحة العربية عامة واليمنية خاصة.
وبالعودة إلى مسألة المعارك العسكرية في صعدة فإن اختيار زعيم الحوثيين تلك المنطقة معقلاً له يدل على مدى أهميتها بالنسبة للتواجد الحوثي بالنظر إلى ما تقدمه تلك المحافظة من إمكانيات استراتيجية وتكتيكية لطرف الحرب الذي سيحكم سيطرته عليها أو على المناطق الهامة فيها.
وتستمد المحافظة أهميتها من وقوعها على مفترق الطرق المتوجهة من جنوب اليمن وغربه، إلى الشمال نحو مكة والمدينة والمنورة في السعودية، كما أنها تعد المحافظة معقل الحوثيين التاريخي ومنها انطلقوا باتجاه السيطرة على مدن اليمن وصولاً إلى العاصمة صنعاء.
والمحافظة التي يبلغ عدد سكانها قرابة 800 ألف نسمة، تشكل المعقل التاريخي لجماعة الحوثيين ومن ثم فإن سقوطها يفقد الجماعة أبرز معقل لها بعد العاصمة صنعاء، ولذا تطلق جهات في التحالف العربي عبارة "قطع رأس الأفعى" على المعارك في المحافظة.
ويتخذ زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي من المدينة مقراً له ولأبرز قيادات الجماعة، كما أنه قتل في المدينة أيضاً زعيم الحوثيين السابق حسين الحوثي على يد الجيش في عهد علي عبد الله صالح.
وتعد محافظة صعدة كذلك إحدى بوابات العاصمة صنعاء من الجهة الشمالية ومن ثم فإن السيطرة عليها فإن خطوط إمداد الحوثيين في العاصمة ستصبح شبه معدومة إذا ما أخذ بعين الاعتبار التقدم العسكري الحاصل من جبهة الساحل الغربي تحديداً في محافظة الحديدة.
ويرى خبراء في المجال العسكري أنه بإمكان منصة إطلاق صواريخ من محافظة صعدة قصف 3 تقسيمات إدارية سعودية من الدرجة الأولى هي نجران وعسير وجازان.
وتمثل النجاحات التي تحققها قوات الجيش انتصارات من نوع خاص حال مقارنتها بحجم تحصينات الحوثيين في المحافظة والتي تبدو الأقوى من بين كل المحافظات كونها معقلهم الأبرز، لذا فإنه حال استطاع الجيش بمساندة التحالف انتزاع المدينة فإن مسار الحرب سينقلب بدرجة كبيرة ضد الحوثيين.
وتحتوي صعدة على أغلب الخبراء العسكريين من إيران وحزب الله حسب معلومات وحدات الرصد المتقدمة من هناك، إلى جانب وجود معسكرات تدريب تستخدمها الميليشيا، وكذلك قاعدة لإطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه المملكة العربية السعودية.