الجنوب بين حقبتين.. عبث الاحتلال يتكرر وإرادة التحرر لا تموت
رأي المشهد العربي
تحل الذكرى الـ62 لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، والجنوب يعيش لحظة وعي وطني عميق تستعيد فيها الأذهان مشاهد البطولة والتحدي التي سطرها المناضلون الأوائل ضد الاحتلال البريطاني قبل أكثر من ستة عقود.
تلك الثورة التي فجّرتها إرادة الأحرار، وكتبت بدماء الشهداء أول فصول التحرر الجنوبي من الاستبداد والهيمنة.
بالنظر إلى واقع الجنوب اليوم، يتضح أن التاريخ يعيد نفسه بصورة مختلفة، وأن الاحتلال لم يتغير سوى في الوجوه والرايات.
فالممارسات العبثية التي ارتكبها جنود الاحتلال البريطاني بحق أبناء الجنوب، من إذلال وقمع ومداهمات وقتل خارج القانون، تتكرر اليوم على يد جنود قوات الاحتلال اليمنية، وإن اختلفت الشعارات التي يتدثرون بها.
قوى الاحتلال استخدمت أدوات البطش ذاتها، واستهدف روح الجنوب الحرة، في محاولة لكسر إرادة شعب لم يعرف الخضوع يومًا، ولم يتزحزح عن مساره التحرري.
في الأمس، كان الثوار يواجهون جنود الاحتلال البريطانية بأسلحة بدائية وإيمان لا يتزعزع بعدالة قضيتهم، وفي اليوم ذاته، يواجه أبناء الجنوب آلة عسكرية يمنية لا تقل همجية عن سابقتها، مدعومة بخطط سياسية تحاول مصادرة القرار الجنوبي وإجهاض تطلعاته.
ومثلما انتصر الجنوبيون في أكتوبر 1963 عندما توحدوا تحت راية الحرية، فإن الجنوب اليوم يمضي بخطى واثقة نحو استكمال مسيرته التحررية، وقد امتلك الوعي والخبرة، وتبلورت مؤسساته الوطنية بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يحمل مشروع الدولة الجنوبية المنشودة.
وفي ذكرى ثورة أكتوبر، يؤكد الجنوبيون أنهم ماضون على درب النضال حتى استعادة دولتهم كاملة السيادة، مستلهمين من تضحيات الأجداد روح الصمود والتحدي، ليكتبوا من جديد ملحمة الحرية في وجه كل طاغية يحاول كسر إرادتهم أو المساس بأرضهم وهويتهم.