قمة تميم وأردوغان: التخلي عن إيران لصالح اليمن وليبيا تفاصيل
كشفت مصادر تركية أن القمة التي حضرها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى جانب عدد من المسؤولين في البلدين، انتهت بتوقيع اتفاقات لدمج أجهزة الأمن التركية والقطرية في عمليات تأمين كأس العالم 2022، وتأسيس شراكة إعلامية للتأثير في وسائل الإعلام العالمية، وتولي الصناعة العسكرية التركية إعادة تأهيل الجيش القطري.
وكشفت المصادر أيضا أن الجانبين اتفقا خلال زيارة أمير قطر إلى تركيا، الاثنين الماضي، على “حصار نفوذ” الإمارات، وتقليص طموحاتها، إلى جانب “إبعادها عن دوائر التأثير في السعودية”.
وذكرت صحيفة "العرب" أن الخطة تشمل تجنب التصعيد السياسي مع السعودية، والعمل المشترك على استثمار الفرص للحوار معها”، وتأكيد حرص البلدين على أمن السعودية واستقرارها.
كما اعتمدت القمة سياسة مشتركة تقوم على “عدم التورط” في سياسات مساندة لأجندة إيران “المزعزعة لاستقرار المنطقة”، إلى جانب إنشاء آلية تنسيق عميق في ملف حرب اليمن، والملف الليبي، مما يعني أن تركيا وقطر قررتا عدم الإمعان في التقرب من إيران مما يؤدي إلى استفزاز الإدارة الأميركية.
وقالت المصادر إن الجانبين أكدا على أن “الحصار على قطر لم يؤت مبتغاه، وجعلها أكثر انفتاحا على العالم”، وأن ثمة حاجة لإعادة صياغة علاقات تنظيم الإخوان المسلمين بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وجاءت هذه الاتفاقات ضمن الاجتماع الرابع للجنة الاستراتيجية التركية – القطرية العليا، الذي عقد، الاثنين الماضي، بحضور أردوغان والشيخ تميم مع خبراء ومسؤولين من البلدين.
وتتناقض السياسة التركية – القطرية الجديدة تجاه السعودية مع حملة شرسة، اعتمدت على حرب إعلامية وتسريبات استخباراتية، عكست اندماجا واضحا للأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام في البلدين، بهدف توظيف التماهي في استهداف القيادة السعودية بشكل مباشر.
لكن تحول الرياض إلى سياسة الهجوم المضاد، وتمكنها من إقناع العواصم الغربية بتجاوز أزمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، 2 أكتوبر، حصرا خيارات أنقرة والدوحة، إذ لم يعد أمامهما سوى البحث عن تسويات مباشرة مع الرياض.
وقال مصدر تركي إن الاجتماع بحث تشكيل قيادة عمليات أمنية مشتركة في الدوحة تتولى تأمين مباريات كأس العالم، المقرر إقامتها في قطر في 2022، ومن المنتظر أن يعزز ذلك من النفوذ الأمني والعسكري في قطر، استنادا إلى وجود قاعدة عسكرية تركية مهمتها توفير حماية مباشرة لمؤسسات الدولة في قطر، وتأمين الأسرة الحاكمة في حالة اندلاع اضطرابات.
كما سيعتمد الجيش القطري على أسلحة تركية، وهو ما يتطلب إرسال خبراء أتراك لتدريب الجنود القطريين على استخدامها، وسيؤثر ذلك بشكل مباشر على العقيدة القتالية للجيش القطري، وسيوفر للجيش التركي موطئ قدم بالقرب من مياه الخليج لعقود قادمة، كما ستعزز قطر استثماراتها في قطاع الصناعات العسكرية التركية.
وتعيش قطر، منذ المقاطعة التي فرضتها السعودية ومصر والإمارات والبحرين عليها في يونيو 2017، حالة عدم ثقة، نفسيا وأمنيا، استدعت استعانتها بتركيا، لكن منذ ذلك الحين تركز قطر على الإمارات، التي تعتبرها عقبة كبرى في وجه تمدد مشروع إسلامي مشترك بين أنقرة والدوحة، مستند على دعم تنظيم الإخوان المسلمين.
وقالت المصادر إن تركيا وقطر أقرتا سياسة تقوم على التفريق بين إمارة أبوظبي من جهة، وإمارتي دبي والشارقة من جهة أخرى. ووضع أردوغان والشيخ تميم توصية بأن “يتم الحوار بشكل مباشر مع كل من إمارة دبي وإمارة الشارقة، استنادا إلى تعاون سياسي واقتصادي مباشر معهما”.
ويتطلب “حصار نفوذ الإمارات”، استراتيجية موسعة، من المرجح أن تستهدفها مباشرة، من خلال السياسة الإعلامية المشتركة، التي جاءت ضمن الاتفاقات التي عقدت خلال القمة،وتقوم هذه السياسة على تكليف قناتي “الجزيرة” القطرية و”تي.آر.تي” التركية المتحدثة بالإنجليزية لوضع رؤية يمكن للبلدين من خلالها التأثير على كبريات وسائل الإعلام العالمية “لتحقيق مصالح البلدين”.
وتقول المصادر إن ذلك سيشمل تنسيقا موازيا لتحركات مشتركة ستشمل ملف حرب اليمن، الذي تبذل قطر فيه جهودا دبلوماسية منذ شهور في محاولة لتغيير موقف الإدارة الأميركية الداعمة للتحالف العربي والحكومة الشرعية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي ،واتفقت تركيا وقطر على المساهمة في “إعادة إعمار اليمن.”
كما اتفق الجانبان بحضور أردوغان والشيخ تميم على “دعم مسار المصالحة في ليبيا، ودعم الجهود الدولية الهادفة إلى فرض حل سياسي سلمي”، يقوم على تجريد الميليشيات من أسلحتها “وعلى رأسها ميليشيات خليفة حفتر.”
وأشارت القمة أيضا إلى “تقدم كبير في مسار الحوار المباشر بين الإدارة الأميركية وأذرع تنظيم الإخوان المسلمين في مصر واليمن وسوريا وليبيا”. ويهدف هذا الحوار، وفقا لنتائج الاجتماع، إلى “محاصرة الاتهامات الموجهة لفروع التنظيم بالإرهاب من قبل مصر والإمارات والسعودية”، إلى جانب العمل أيضا على “صياغة رؤية جديدة لمستقبل التعاون بين واشنطن والتنظيم.”
وكشفت المصادر الدبلوماسية أن قطر وتركيا لا زالتا تنظران بريبة إلى مشروع إيران في المنطقة، رغم التحالف مع طهران الذي لجأت إليه الدوحة في أعقاب المقاطعة،وتبنت القمة بين الزعيمين توصية تقوم على “توخي الحذر من السياسة الإيرانية في المنطقة، والتعاون المشترك في هذا الاتجاه، وعدم التورط في أي حسابات إيرانية تلحق الضرر بأمن المنطقة.”
ويعكس ذلك خشية من غضب متصاعد في واشنطن إزاء تطور العلاقات بين قطر وإيران من جهة، إلى جانب محاولات أردوغان مقاومة سلسلة عقوبات قاسية فرضتها إدارة ترامب على إيران، خشية من تأثر الاقتصاد التركي بشكل مباشر.
كما توضح أيضا أن قطر تنظر إلى التحالف مع إيران باعتباره وضعا مؤقتا، يمكنها التخلي عنه لاحقا في حالة صعدت الإدارة الأميركية من ضغوطها، أو نجحت في استعادة العلاقات مع دول المقاطعة، بعد تقديم تنازلات حاسمة لها.