إلغاء الدعم المالي يثير جدلاً في الأوساط المصرية
أحدثت قرارات أخيرة اتخذتها الحكومة المصرية، جدلاً كبيراً في الشارع المصري، خاصة بعد أن أقدمت على إلغاء الدعم المالي (المعاش) المقدم لعدد من فئات الشعب ضمن برنامج “تكافل وكرامة”، والذي تخصصه الحكومة المصرية لبعض الفئات، على اعتبار أنهم غير مستحقين لهذا الدعم.
وجاء القرار الحكومي، بعد أن رأت وزارة التضامن الاجتماعي المصرية ضرورة حذف أعداد كبيرة ممن يحصلون على الدعم (المعاش)، الأمر الذي تسبب في استدعاء لوزيرة التضامن أمام البرلمان المصري.
ووجه برلمانيون مصريون انتقادات عديدة لوزيرة التضامن خلال الجلسة العامة بشأن تلك الخطوة، خوفًا من أن يتم إلغاء هذه المعاشات بشكل كامل، ولكنها ردت بأن هناك إجراءات لتنقية قاعدة بيانات الحاصلين على المعاشات تتجدد شهريًا وتتلقى تظلمات عديدة من المستفيدين، ولكن النواب أصروا خلال استجواب الوزيرة على وجود حقوق لأكثر من 10 ملايين مواطن أغلبهم أصبح تحت خط الفقر.
وتقدر أموال الصناديق المخصصة للمعاشات في مصر بمبلغ 700 مليار جنيه، ويقول نائب البرلمان المصري طارق حسانين، عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان ، إن معاش تكافل وكرامة مخصص له 17 مليارًا تحصل عليه 2.2 مليون أسرة بقيمة تتراوح بين 360 : 450 جنيه شهريًا.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"المشهد العربي"، أنه من المفترض أن يصل عدد مستحقي معاش التضامن الاجتماعي في الموازنة العامة للعام الحالي إلى 3.5 مليون أسرة، ولكن قُدمت عدة طلبات إحاطة بالبرلمان بشأن غير المستحقين للمعاش تطالب بتوسيع دائرة “الضمان الاجتماعي” بخروج من لا يستحق.
وتابع "معاشات المواطنين مهملة لا يتم استثمارها بشكل جيد مع العلم لو تم وضعها في البنوك لحققت فائدة أكبر"، هكذا علق الجوهري على أسباب فوضى المعاشات في مصر، مشيرًا إلى أن سوء استثمار هذه الأموال يحمل أيضًا الخزانة العامة للدولة مبالغ كبيرة بلغت في إعلان الموازنة الأخيرة 69 مليار جنيه.
وأردف أن أموال المعاشات بوجه عام موزعة بين عدة جهات في الدولة، ما يحول دون استثمارها بشكل صحيح، حتى عن طريق وضعها في البنوك لتحصل على فوائد قد تصل إلى 18 في المئة دون إهدارها في مشاريع لا تجدي نفعًا.
وقال الخبير الاقتصادي مصطفى مظهر، إن فكرة إنشاء هيئة اقتصادية مستقلة للرقابة على أموال المعاشات في مصر قد تكون فاعلة للسيطرة عليها، ولكن يجب في الأساس عمل دراسة شاملة وتحديد الجهة المخولة بتبعية الهيئة لها.
واقترح "مظهر" أن تخصص مصر معاشًا يشمل 60 مليون مواطن بمبلغ 250 جنيهًا شهريًا، بالإضافة إلى الحصول على دعم الخبز الذي لا يمكن الاستغناء عنه لأي فرد وهو ما يكلف الدولة مبلغًا يقل كثيرًا عن المبالغ التي توزع ما بين صناديق معاشات الموظفين، والمعاشات الاستثنائية التي تضعها الدولة ضمن برامج الضمان الاجتماعي، وبذلك تضمن الدولة حماية أكبر عدد ممكن من الفقراء من غلاء الأسعار.
وعقّب على مقترح رئيس الوزراء بالاكتفاء بطفلين فقط من الأسرة يحصلون على معاش “تكافل وكرامة”، بأنه لا يجوز إخراج من يملك أربعة أو خمسة أطفال لأنهم النسبة الأكبر لعدم وجود دعم مادي كافٍ لدى الدولة، ولكن يمكن إخراج من دخلوا منظومة الضمان بشكل خاطئ.
وتشترط وزارة التضامن الاجتماعي في مصر للحصول على معاش الضمان الاجتماعي “تكافل وكرامة”، ضرورة استيفاء بيانات التقدم للبرنامج كافة بتفاصيل الاستمارة الدالة على الحالة الاجتماعية للأسرة، وأن تكون حالات الأسر أو الأفراد المتقدمين تحت خط الفقر بناء على المعادلة الإحصائية المقررة، فضلًا عن عدم التحصل على أي دخل شهري ثابت أو تقاضي أي معاش تأميني أو مساعدة ضمان إجتماعي شهرية.
وأكد النائب المصري، ثروت بخيت، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب وأمين سر لجنة القيم، أنه من الجانب الدستوري لا يجوز إيقاف برنامج “تكافل وكرامة” الذي يأتي ضمن برامج المعاشات الاستثنائية التي تتبناها مصر لتخفيف العبء عن الفقراء ومن لا يملكون دخولًا شهرية ثابتة.
وأضاف أن ما يجري حاليًا هو محاولات لتنقية مستحقي الحصول على المعاش الشهري نظرًا لاكتشاف وجود أعداد كبيرة من قاطني المدن في الصعيد يمتلكون حيازات زراعية ضمن جداول الحاصلين على معاش “تكافل وكرامة”، الأمر الذي تطلب مراجعة للمنظومة ككل في طريق وصول الدعم لمستحقيه إذ قدرت آخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أعداد المواطنين تحت الفقر بأكثر من 30 مليون مواطن.
وأشار إلى أن إجراءات التنقية لمستحقي معاش تكافل وكرامة سوف تنتهي خلال الشهر الجاري، نظرًا لأن وزارة التضامن الاجتماعي تقوم بخطة إعادة هيكلة المنظومة ككل منذ ثلاثة شهور وبعد هذه الفترة سيظهر المستحقون للمعاش حقًا.
وألغت وزارة التضامن الاجتماعي معاش الأرملة التي تتزوج فقط، أما الأرملة أو المطلقة الفقيرة فتحصل على معاش، فضلًا عمن يمتلك سيارة أو يمتلك عقارًا خاصًا بجانب محل سكنه، وأعلنت وزارة التضامن أن مراجعة البيانات مع الصندوق الاجتماعي جارية، وكذلك من لديه أبناء في مدارس خاصة، أو لديه حيازة أراضٍ زراعية.