قمة العشرين بين تأهب أمني وتظاهرات مأجورة تقرير خاص
انطلقت قمة مجموعة العشرين اليوم الجمعة، بالعاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، وسط حالة تأهب غير مسبوقة، حيث أطلقت الأرجنتين عملية أمنية ضخمة، والتي من المقرر أن تستمر لمدة يومين فى الوقت الذى تستعد فيه المدينة لنحو 30 مظاهرة احتجاجية تنظمها جماعات مناهضة لمجموعة العشرين خلال فترة انعقاد القمة.
ومع توافد زعماء العالم على بوينس آيرس استعدادا للمشاركة فى القمة، نشرت السلطات أكثر من 22 ألف شرطى و3 آلاف جندى تم تجهيزهم بـ 15 مليون طلقة من الرصاص المطاطى ومليونى طلقة من الذخيرة الحية ، وفقا لتقارير وسائل الإعلام.
فيما ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أنه تم تحويل مسار كل الرحلات الجوية التى كان من المقرر أن تحلق فوق أجواء العاصمة ، وتم إلغاء جميع خدمات المواصلات العامة كما أعلنت السلطات اليوم الجمعة يوم عطلة رسمية فى حين طالبت حكومة الرئيس ماوريسيو ماكرى سكان بوينس آيرس بمغادرتها خلال فترة انعقاد القمة، وطوقت الجهات الأمنية ست مناطق أمنية لا يسمح للمتظاهرين بدخولها.
وفى الوقت نفسه ، تمركزت طائرات أواكس ونحو 400 فرد من الجيش الأمريكى فى أوروجواى المجاورة للأرجنتين من أجل توفير الأمن للقمة.
وكشفت مصادر سعودية، أن نظام الحمدين القطري يُحضر لتنظيم مظاهرات مأجورة ضد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الأرجنتين، تزامناً مع مشاركته في قمة مجموعة الدول العشرين.
وأوضحت المصادر، أن قطر استأجرت مجاميع بشرية للتظاهر في الأرجنتين ضد المملكة مع رفع صور خاشقجي، وأخرى عن حرب اليمن.
وأضافت صحيفة الحياة السعودية، أن المظاهرات المفتعلة التي ذكر أيضًا أن تركيا تدعمها، “ستأتي بالتزامن مع مشاركة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في قمة مجموعة الـ 20، التي ستُنظم من 30 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وحتى الأول من كانون الأول/ديسمبر المقبل”.
ونسبت الصحيفة لـ “تسريبات متواطئة”، قولها إن قطر أرسلت “متظاهرين مزيفين إلى الأرجنتين، لينظموا مظاهرات أمام مقر انعقاد اجتماع قادة مجموعة الـ 20، ويرفعوا صور خاشقجي ويهتفوا ضد الأمير محمد بن سلمان”.
وفى سياق متصل، أعلنت عشرات الجماعات عن تنظيم احتجاجات ضد مجموعة العشرين وأيضا ضد قبول حكومة الرئيس الأرجنتينى لحزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، مع التخطيط للقيام بأكبر المظاهرات مساء اليوم.ومن المتوقع أيضا أن يصل متظاهرون من شيلى والبرازيل للانضمام إلى المسيرات التى دعت إليها حركات الاحتجاج فى الأرجنتين.
وتشعر الحكومة الأرجنتينية بالقلق من تكرار حوادث عنف وقعت مؤخرا أبرزها تعرض حافلة تقل لاعبى ناد لكرة القدم للهجوم من قبل مشجعى فريق منافس، مما أدى إلى إصابة العديد من اللاعبين، فضلا عن محاولة تفجير نسبت إلى فوضويين .
وكانت قمة العشرين فى هامبورج عام 2017 قد شهدت أحداث عنف وشغب أسفرت عن مئات الجرحى واحتراق عشرات السيارات وأعمال نهب وسلب للمتاجر.
وفي تصريح خاص لـ"المشهد العربي"، قال الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن قمة مجموعة العشرين تُعد فرصة للقاءات بين زعماء بعض الدول التى تلعب دوراً شديد الحساسية فى هذه اللحظة، ما يضفى أهمية مضاعفة لهذه القمة مقارنة بالقمم السابقة التى كانت رمزية وليست ذات فاعلية على الساحة الدولية، لكننا الآن أمام مفترق طرق فى العلاقات الدولية، على سبيل المثال هناك توترات بين أمريكا وتركيا، وهناك أيضاً صراعات داخلية، فمثلاً نجد الشعور بالاحترام الذى يكنه «ترامب» للرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، رغم وجود خلافات أمريكية داخلية بشأن العلاقة مع روسيا، والاتهامات المتعلقة بالتدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية، ما يجعل هذه القمة فرصة لإيجاد توازن أفضل فى العلاقات الدولية.
وأكد "اللاوندي" أن هناك العديد من القضايا الشائكة التي من المتوقع أن تتم مناقشتها خلال القمة، مثل سوريا والنفوذ الإيرانى فيها، والموقف الروسى تجاه هذه النفوذ، واحتمال اشتباكات مباشرة بين إيران وإسرائيل فوق الأراضى السورية، وهناك قضية أخرى وهى العقوبات الأمريكية الاقتصادية ضد روسيا بسبب التدخلات والاعتداء الروسى فى شبه جزيرة القرم فى أوكرانيا، ولا أتوقع نتائج ملموسة أو إيجابية فعالة فى كوريا الشمالية أو سوريا أو حتى فى أزمة أوكرانيا، ولكن على الرغم من ذلك فإن استمرار المفاوضات المباشرة على أعلى المستويات بين أمريكا وروسيا أفضل من انقطاع هذه الاتصالات بين الطرفين،
وأشار إلى أنه على الرغم من أن العقوبات الأمريكية التي تضغط على إيران بشكل جاد، لكن إيران للأسف مستعدة للتعامل وتجنب هذه العقوبات بشكل ما أو بآخر، مثل تهريب النفط أو المواد الأخرى الإيرانية، والتجارة السرية الصامتة غير الشرعية فى بعض أنحاء العالم فى آسيا وأفريقيا، لذلك أتوقع فترة طويلة فى المستقبل القريب بدون نتائج ملموسة بالنسبة لتحجيم النفوذ الإيرانى.
وفى غضون ذلك، ألغى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أمس لقاءه المقرر مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين فى الأرجنتين بسبب اعتقال خفر السواحل الروس مجموعة من البحارة الأوكرانيين.
وكتب ترامب على تويتر :«استنادا إلى واقع أن السفن والبحارة لم يعودوا إلى أوكرانيا من روسيا، فقد قررت أنه سيكون من الأفضل لكل الأطراف المعنية أن ألغى اجتماعى الذى كان مقررا سابقا فى الأرجنتين مع الرئيس فلاديمير بوتين». وأضاف «أنا أتطلع لقمة مفيدة مجددا حين يتم حل هذا الوضع!».
وفى الشأن ذاته، نقلت وسائل الإعلام الروسية الرسمية عن الكرملين قوله إن :»روسيا لم تتلق أى تأكيد بشأن إلغاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب اجتماعه مع نظيره فلاديمير بوتين، إلا أن ثبوت ذلك يعنى أنه سيحظى بوقت إضافى لعقد لقاءات مفيدة بالأرجنتين».
فى السياق نفسه، أكد الرئيس الأمريكى أنه يقترب من إبرام اتفاق تجارى مع الصين، مضيفا أنه ليس واثقا من أنه يريد ذلك، ويحبذ الوضع الحالى للأمور.
وأبلغ ترامب الصحفيين، وهو يغادر البيت الأبيض لحضور القمة واجتماع مع نظيره الصينى شى جين بينج، إنه منفتح على إبرام اتفاق تجاري.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال اليوم الخميس أن الولايات المتحدة والصين تستكشفان إمكانية التوصل إلى اتفاق تجارى، تجمد بموجبه واشنطن فرض مزيد من الرسوم حتى ربيع ٢٠١٩، مقابل محادثات جديدة «تبحث تغييرات كبيرة فى السياسة الاقتصادية الصينية».
وفى غضون ذلك، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أنه مستعد للاجتماع مع ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان الذى سيحضر قمة مجموعة العشرين فى إطار مساعيه لإنهاء الحرب فى اليمن.