تحليل: جردة حساب في ذكرى الاستقلال 30 نوفمبر

الأحد 30 نوفمبر 2025 14:39:47
تحليل: جردة حساب في ذكرى الاستقلال 30 نوفمبر

جردة حساب في ذكرى الاستقلال 30 نوفمبر

ثابت حسين صالح*

تحقيق الاستقلال الوطني الناجز والكامل هو غاية قومية مقدسة لدى كل شعوب الأرض صغيرة كانت أم كبيرة ، فقيرة أم غنية.

هذه الغاية انجزتها بنجاح ثورة 14 أكتوبر 1963 بإعلان استقلال دولة الجنوب العربي عن التاج البريطاني في 30 نوفمبر 1967م، ويعتبر هذا الانجاز هو الأهم على الإطلاق.

وعلى الرغم من الفترة القصيرة نسبيا منذ تحقيق هذا الاستقلال وحتى الإعلان عن وحدة مع اليمن في 22 مايو 1990م ، إلا أن هذه الفترة جديرة بالتقييم وحافلة بالعبر والدروس.

فأين نجحت هذه الثورة والدولة؟

يمكن هنا أن نذكر فقط أهم النجاحات:

1- تحقيق استقلال وطني كامل وغير منقوص على كامل أراضي (الجنوب العربي) من اقاصي المهرة شرقا وحتى باب المندب وجزر حنيش غربا، وسناح وكرش والحد ومكيراس وحريب شمالا وحتى جزيرة سقطرى جنوبا.

2- توحيد عشرات السلطنات والمشيخات والإمارات الضعيفة في إطار دولة جنوبية مركزية قوية ومهابة في المنطقة.

3- فرض سيادة القانون على الكبير قبل الصغير وفي كل شبر من أرض الجنوب.

4- تحقيق استقرار أمني ومعيشي وخدمي ومستوى تعليمي واقتصادي معقول مقارنة مع الامكانات الشحيحة حينها وظروف الحرب الباردة وتعقيدات تلك المرحلة.

5- بناء جيش وامن قوي وعلى أسس وطنية وعلمية حديثة وجيل متعلم ومتمكن.

6- تحقيق إنجازات ملموسة في كل مجالات الاقتصاد: الزراعة والصناعة والثروة السمكية وتحقيق الحد الممكن من الاستثمار للثروة والإنسان وصلت بعضها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بل والتصدير.

واين أخطات؟

لعل أهم الأخطاء التي وقعت فيها الثورة والدولة في تلك المرحلة هي:

1- غياب الحدس السياسي والتفكير الاستراتيجي لدى قادة الثورة والدولة تجاه الدسائس والمؤامرات الخارجية لاجهاض الثورة وحرف مسارها التحرري الوطني، وطغيان العاطفة على المصالح الوطنية، وهو ما قاد الى تغلغل الجناح اليمني الذي تبنى "يمننة" الجنوب بدعم من حركة القومين العرب، وخاصة عشية تحقيق الاستقلال وعلى الدولة منذ إزاحة الرئيس قحطان الشعبي في 22 يونيو 1996 وما تلتها من أحداث وصراعات وقرارات كانت أخطرها على الإطلاق الدخول في وحدة ارتجالية وعاطفية وغير متكافئة مع اليمن ومشاركة جنوبيين في حرب احتلال الجنوب عام 1994م التي لا تقبل أي تبرير.

2- التطرف اليساري والقفز على الواقع في بعض الإجراءات الاقتصادية والإدارية التي أحرمت البلد من الرأسمال الوطني ومن طاقات إبداعية مهمة.

3- الانحياز التام إلى المعسكر الاشتراكي برئاسة الاتحاد السوفيتي في منطقة ذات نفوذ مطلق للمعسكر الاخر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة، وهذا بسبب السياسة الخبيثة للجناح اليمني والقومي المتطرف الذي عمد إلى حرمان الجنوب وعزله عن محيطه العربي وخاصة الخليجي وخلق حالة عداء معه غير مبررة.

الخلاصة:

1-الانجازات التي حققتها الثورة والدولة وأن اعتبرها البعض بمقاييس زمننا هذا، متواضعة، إلا أنها عظيمة وجبارة بمقاييس ذلك الزمن...ويجب البناء عليها والاستفادة من تجربتها حاليا ومستقبلا.

2- الأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها الثورة والدولة قد تبرر على أن الوقوع فيها حينها كان تحت ضغوطات وظروف الحرب الباردة وثقافة التطرف...ألا انه يجب استيعاب عبرها ودروسها ونتائجها وعدم تكرارها حاليا ومستقبلا بأي حال من الأحوال.

فإذا كانت الأخطاء خاصة الجسيمة منها أمرا سيئا فإن عدم إدراكها أسوأ وتكرارها غباء وجريمة لل تغتفر.

*باحث ومحلل سياسي وعسكري

الدراسات والتحليل

الأحد 30 نوفمبر 2025 14:25:10
الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 12:52:13
الخميس 13 نوفمبر 2025 16:46:30