تحليل: وأصبح لدى الجنوب درعا وسيفا
وأصبح لدى الجنوب درعا وسيفا
ثابت حسين صالح*
إنشاء الوحدات العسكرية والأمنية الجنوبية يعتبر من أهم المكاسب التي تحققت للجنوب خلال السنوات الماضية.
هذه الوحدات أدت دورا بطوليا مشهودا في تحرير الجنوب والدفاع عن أراضيه ودعم عمليات التحالف العربي في اليمن، حيث وصلت طلائع القوات المسلحة الجنوبية حتى الحديدة عام 2018 وشاركت في تحرير مناطق في مارب والبيضاء وإب والساحل الغربي، والتصدي لكل محاولات الغزاة الجدد وافشال مؤامراتهم التي كان عنوانها العريض إفساد نصر الجنوب على مليشيا الحوثي الإرهابية وأعوانهم وتعطيل وعرقلة كل عمليات البناء أو الإصلاح داخل البيت الجنوبي.
ولم يكن تأسيس هذه الوحدات بالأمر الهين أو السهل، بل مر بمخاض عسير تعود بعض أسبابه إلى ماهو موضوعي متصل بحجم وعدة وعدد الخصوم الذين وحدتهم مصالح مشتركة ضد الجنوب رغم ادعائهم الصراع فيما بينهم.
وبعض هذه الأسباب كانت ذاتية تتصل بالأخطاء التي رافقت إنشاء وتطور هذه القوات الجنوبية.
واذا كنا نستطيع أن نبرر ونعتبر مثل تلك الأخطاء ناتجة عن الظروف التي نشأت فيها تلك الوحدات وهي ظروف الحرب والتي تشكلت أساسا من المقاومين الجنوبيين والكثير منهم كانوا متطوعين، ملبين لنداء الوطن من المدنيين في الداخل والخارج...فإن استمرار مثل تلك الأخطاء بعد مرور عدة سنوات على إنشائها، لم يعد مقبولا الآن أو مبررا بأي شكل من الأشكال.
من أجل ذلك يجب استمرار عملية هيكلة هذه القوات على أسس علمية وطنية بما يستجيب لمتطلبات بناء جيش نظامي وأمن محترف.
وهذا يتحققوتدريجيا بوجود قادة يتحلون بأعلى درجات النزاهة والكفاءة والتأهيل يقومون بهذه المهمة ويقودون هذه الوحدات المنظمة والمنضبطة، ووجود هيئة أركان وعمليات تتولى القيادة والسيطرة وهي امسؤولة عن جاهزية هذه القوات، ومساءلة ومحاسبتها عن أي أخطاء أو تقصير أو فشل.
سيقول البعض أن تحول هذه القوات إلى جيش نظامي لن يتم إلا بعد الاستقلال وفي ظل دولة...غير ان الزمن يسير إلى الإمام ولا ينتظر احدا كي يصلح حاله.
"إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم "
صدق الله العظيم.
ومن وحي الانتصارات الرائعة التي حققتها الجنوبية مؤخرا في محافظتي حضرموت والمهرة، وقبل ذلك في عدن والضالع والعند والحد والصبيحة وشبوة... ينبغي استلهام الخبرات والتجارب والعبر، والسير في اتجاهين متوازيين مواجهة العدو وبناء وتحديث القوات الجنوبية لتتحول إلى جيش جنوبي نظامي حديث ومحترف.
*باحث ومحلل سياسي وعسكري