مجزرة سناح بالضالع… ذكرى أليمة في تاريخ وحاضر الجنوب وملف عدالة لم يُغلق
في الذكرى السنوية لمجزرة سناح بمحافظة الضالع، تعود الذاكرة الجنوبية إلى واحدة من أبشع الجرائم التي استهدفت المدنيين العُزل، جريمة جسّدت حجم المأساة التي عاشها الجنوب العربي جراء الانتهاكات المتكررة لقوات الاحتلال والإرهاب اليمني.
لم تكن مجزرة سناح حدثًا منفصلًا عن سياقها، بل جاءت ضمن سلسلة طويلة من المجازر التي طالت القرى والمدن الجنوبية، في مشهد يعكس استهتارًا صارخًا بحياة الإنسان وحقوقه الأساسية.
في ذلك اليوم الدامي، تعرّضت منطقة سناح لقصف مدفعي عشوائي وهمجي، طال الأحياء السكنية دون أي اعتبار لوجود المدنيين. وأسفر هذا القصف عن سقوط أكثر من أربعين شهيدًا وجريحًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، في واحدة من أكثر الجرائم إيلامًا في تاريخ الضالع الحديث.
لم يقتصر ضرر العدوان على الأرواح فحسب، بل امتد ليشمل تدمير عدد من المنازل والممتلكات الخاصة، ما تسبب في تشريد أسر بأكملها، لا تزال تعاني حتى اليوم من آثار الفقد والدمار.
ومع مرور السنوات، ما زالت مجزرة سناح حاضرة في وجدان الأهالي، ليس فقط كذكرى أليمة، بل كجرح مفتوح يعكس حجم الظلم الذي لحق بالضحايا وذويهم. فالآثار النفسية والاجتماعية لهذه الجريمة ما زالت تُلقي بظلالها على الجنوبيين، في ظل غياب العدالة وعدم محاسبة المسؤولين عن هذا القصف الغاشم.
إحياء الذكرى السنوية لمجزرة سناح يحمل في طياته رسالة واضحة بضرورة عدم نسيان هذه الجريمة أو التعامل معها كحدث من الماضي. بل يجب أن تكون هذه الذكرى دافعًا حقيقيًا للمطالبة بمحاسبة مرتكبي المجزرة، وتقديمهم للعدالة، وفقًا للقوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان. فالإفلات من العقاب يشجع على تكرار الجرائم، ويُبقي دائرة العنف مفتوحة، على حساب أرواح الأبرياء.
محاسبة المسؤولين عن مجزرة سناح تعد واجبًا أخلاقيًا وقانونيًا، ليس فقط لإنصاف الضحايا وذويهم، بل لحماية الأجيال القادمة من تكرار مثل هذه المآسي.
كما أن توثيق هذه الجريمة وتسليط الضوء عليها يُسهم في حفظ الذاكرة الوطنية، ويؤكد أن دماء الشهداء لن تُنسى، وأن العدالة، مهما تأخرت، تظل مطلبًا مشروعًا لا يسقط بالتقادم.