قصف ميناء المكلا.. انزلاق خطير في مسار التحالف واستهداف لمصادر عيش الجنوبيين

الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 12:29:59
قصف ميناء المكلا.. انزلاق خطير في مسار التحالف واستهداف لمصادر عيش الجنوبيين

قصف غادر تعرض له ميناء المكلا بمحافظة حضرموت، في عدوان مروع تتبدد معه سريعًا أي محاولات توصيف ما جرى بوصفه عملية محدودة كما أعلن الجانب السعودي.

فما حدث في عدوان على ميناء المكلا يمثل اعتداء صريحًا على منشأة مدنية سيادية تمثل شريان حياة اقتصاديًا ومعيشيًا لمئات الآلاف من المواطنين.

فالميناء ليس موقعًا عسكريًا ولا منصة صراع، بل مرفقًا عامًا يخدم حركة الغذاء والدواء والتجارة، وأي استهداف له يرقى إلى عقاب جماعي لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة.

قصف ميناء المكلا يكشف انتقالًا خطيرًا من منطق السياسة وإدارة الخلافات إلى منطق استهداف مصادر عيش الناس والضغط عبر لقمة المواطن اليومية.

هذا التحول يعكس فشلًا في التعاطي مع التعقيدات القائمة، ويشي بمحاولة فرض وقائع بالقوة عبر ضرب البنية الاقتصادية المدنية، بما يضاعف الأعباء على السكان ويهدد الاستقرار الاجتماعي في محافظة عُرفت تاريخيًا بالأمن والاعتدال.

الأخطر من ذلك أن استخدام غطاء التحالف لتبرير استهداف الموانئ المدنية يُعد إساءة مباشرة للتحالف نفسه ولمبررات وجوده المعلنة. فالتحالف، وفق ما أُعلن مرارًا، جاء لحماية المدنيين وتأمين الملاحة ودعم الاستقرار، لا لتدمير المرافق الخدمية أو تعطيل حركة التجارة في مناطق آمنة نسبيًا.

وعندما يُستدعى هذا الغطاء لضرب ميناء مدني، فإن الرسالة التي تُبعث للرأي العام هي أن التحالف تحوّل من إطار للحماية إلى أداة للضغط السياسي، وهو ما يقوّض الثقة ويشوّه الصورة أمام الداخل والخارج.

كما يكشف هذا القصف توظيفًا واضحًا للتحالف كوسيلة ضغط ضد الجنوب، وليس باعتباره آلية لحماية المدنيين أو دعم مسارات السلام.

استهداف ميناء المكلا يطال الجنوب في عمقه الاقتصادي، ويبعث برسائل سياسية قسرية تتناقض مع أي حديث عن الشراكة أو احترام حقوق المواطنين وتطلعاتهم.

حماية المنشآت المدنية، وعلى رأسها الموانئ، تمثل خطًا أحمر لا يجوز تجاوزه، وأي مساس بها يفتح الباب أمام تداعيات إنسانية واقتصادية وأمنية واسعة، ويضع المسؤولية الأخلاقية والقانونية على عاتق من اتخذ القرار ونفّذه.

فالمكلا وميناؤها ليسا ساحة تصفية حسابات، بل عنوانًا لحق الناس في الحياة الكريمة، وأي اعتداء عليهما لن يُقرأ إلا بوصفه استهدافًا مباشرًا للمدنيين وإرادتهم.