من قصف الميناء إلى إصدار البيانات وبينهما استهداف الإمارات.. رواية مصنوعة لتبرير الإخفاق
في أعقاب القصف الذي طال ميناء المكلا بمحافظة حضرموت، وما تلاه من بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية، برزت محاولة واضحة للزج باسم دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن رواية مفبركة لا تصمد أمام الوقائع ولا منطق الأحداث.
هذا التصعيد الإعلامي والسياسي المقصود لا يمكن قراءته إلا باعتباره مسعى مكشوفًا للهروب من جوهر الأزمة، ومحاولة لنقل الفشل من الداخل إلى الخارج عبر افتعال خصومة جانبية وصرف الأنظار عن الفعل الأساسي المتمثل في استهداف منشأة مدنية.
إدخال اسم الإمارات في هذا السياق لا يخدم كشف الحقيقة بقدر ما يكرّس نهج التبرير والتشويش.
فالإمارات، منذ انخراطها في الملف، عُرفت بدورها الداعم للاستقرار، ومساهمتها الواضحة في دعم الجهود الإنسانية والتنموية، وحماية الممرات الحيوية، لا استهدافها.
وعليه، فإن ربط دور الإمارات بما جرى من قصف ميناء مدني في حضرموت وهو ميناء المكلا يبدو افتعالًا سياسيًا يفتقر إلى الأدلة، ويعكس حالة ارتباك أكثر مما يعكس حرصًا على الشفافية.
الأخطر أن هذه الرواية المفبركة تمثل تصعيدًا مقصودًا في الخطاب، لا يهدف إلى معالجة تداعيات القصف أو الاعتراف بتبعاته الإنسانية والاقتصادية، بل يسعى إلى خلق شماعة خارجية تُعلّق عليها الأخطاء.
فبدلًا من مساءلة القرار الذي قاد إلى استهداف مرفق حيوي يخدم المدنيين، جرى توسيع دائرة الاتهام بطريقة انتقائية، بما يفتح الباب أمام توترات غير مبررة ويقوّض أي فرصة لاحتواء الموقف بعقلانية.
كما أن هذا النهج لن ينجح في نقل الأزمة إلى الخارج أو تغطية الفشل القائم. فالرأي العام، محليًا وإقليميًا، بات أكثر وعيًا بآليات التضليل، وأكثر قدرة على التمييز بين الوقائع والسرديات المصطنعة.
واستهداف ميناء المكلا، بكل ما يحمله من رمزية اقتصادية ومعيشية، يظل حقيقة قائمة لا يمكن محوها ببيانات سياسية أو بإقحام أطراف أخرى في المشهد.
الزج باسم الإمارات في هذا التوقيت يكشف كذلك عن توظيف سياسي للأزمة، ومحاولة لإعادة رسم المشهد بما يخدم حسابات ضيقة، لا مصالح الاستقرار، وهو تصعيد مفضوح، لأن نتائجه لا تتجاوز إثارة التوتر وتشتيت الانتباه، فيما تبقى الأسئلة الجوهرية معلّقة حول شرعية القصف، وأثره على المدنيين، ومسؤولية من اتخذ القرار.
وبالتالي فإن فبركة الروايات وتدويل الاتهامات لن تغيّر من حقيقة أن ما جرى في ميناء المكلا اعتداء على منشأة مدنية، وأن معالجة تداعياته تتطلب قدرًا من الشجاعة السياسية والاعتراف بالخطأ، لا الهروب إلى الأمام أو محاولة تحميل الآخرين وزر أزمة لا علاقة لهم بها.