في ذكرى وفاة صالح.. أخرة خدمة الحوثي موتة
رأي المشهد العربي
"آخرة خدمة الغُز علقة".. مثل مصري قديم يشير إلى الذين تعاونوا مع الغزاة قديما، ثم بعد ذلك يضربونهم.. لكن مع مليشيا الحوثي تغير الأمر من الضرب إلى قتل الرئيس الراحل على عبدالله صالح بعد تحالفه معهم.
وقتل الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح في 4 ديسمبر 2017، على يد مليشيا الحوثي الانقلابية والمدعومة من إيران، لكن مقتل «صالح»، لم يُزيل سمعته السابقة، فالرجل الذي شهدت مسيرته السياسية تقلبات كبيرة وتحالفات مع أطراف متصارعة، قتل على يد من كانوا حلفاء له في الأمس القريب.
وولد علي عبد الله صالح في 21 مارس/آذار عام 1942 في قرية بيت الأحمر بمنطقة سنحان بمحافظة صنعاء لأسرة فقيرة وعاش معاناة كبيرة بعد طلاق والديه في سن مبكرة.
رحلة الصعود
عمل صالح راعيا للأغنام وتلقى تعليمه في كتاب القرية التي غادرها للجيش عام 1958 وهو في سن السادسة عشر ثم التحق بمدرسة ضباط الصف عام 1960 وشارك في ثورة سبتمبر/أيلول عام 1963، والتحق بمدرسة المدرعات عام 1964 ليتخصص في حرب المدرعات.
وعايش صالح أحداث اليمن الساخنة في السبعينات، حيث شهد الحرب بين الملكيين والجمهوريين عام 1970، وبعدها بخمس سنوات أصبح قائدا عسكريا على خلفية انقلاب عام 1974.
وفي عام 1978 أصبح رئيسا لليمن الشمالي، بعد سلسلة اغتيالات طالت مسؤولين كبارا في السلطة، واعتمد على أسرته وأهل الثقة في إدارة أمور البلاد بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضده في أواخر عام 1979.
وظل صالح في منصبه حتى عام 1990 عندما قامت الوحدة بين الجنوب والشمال، فأصبح رئيسا للجمهورية اليمنية.
الرقص على رؤوس الثعابين
وردد صالح كثيرا هذه الجملة "إن حكم اليمن يشبه الرقص على رؤوس الثعابين"، فجعل من نفسه "ساحرا" لتحقيق ذلك فأحكم قبضته على اليمن حتى بعد تركه للحكم بعد اندلاع ثورة الشباب في اليمن.
وحكم صالح اليمن لمدة 34 عاماً، انتهت بإجباره على ترك السلطة عام 2012 على خلفية احتجاجات شهدها اليمن في خضم موجة ما عرف باسم "الربيع العربي"، وبموجب مبادرة خليجية نقلت السلطة إلى عبد ربه منصور هادي، الذي ترك البلاد لاحقا مع انقلاب ميليشيات الحوثي ضده في 2014.
إلا أن رحيل صالح عن عرش الرئاسة، لم يمنعه من البقاء لاعبا رئيسيا في الساحة اليمنية، وعاد دوره إلى التعاظم مرة أخرى عندما تحالف مع الحوثيين المدعومين من إيران، مستغلا ولاء عدد كبير من قوات الجيش له.
عقوبات مجلس الأمن
وفرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على صالح في عام 2014، واتهمه بتهديد السلام وإعاقة العملية السياسية في اليمن، ومن ثم أخضع لحظر سفر إلى دول العالم مع تجميد أرصدته في البنوك، التي بلغت عدة مليارات من الدولارات.
رغم تسليم علي عبدالله صالح للسلطة لكنه ظل المسيطر على الأوضاع في اليمن، فقد ساهمت قوات من الحرس الجمهوري السابق والتي كان يقودها نجله أحمد وتدين بالولاء له في القتال مع الحوثيين ودعمهم بشكل كبير، ورفضوا أوامر القادة العسكريين الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي حتى استطاع الحوثيون إسقاط صنعاء وهرب هادي إلى عدن.
ثقة أفضت إلى الموت
واعتقد «صالح» أن في استطاعته الوثوق بشخص مثل عبدالملك الحوثي والدخول في تحالف معه، ولعب الرئيس اليمني الراحل دورا أساسيا في نشوء الحركة الحوثية منذ العام 1994 تحت اسم “الشباب المؤمن”، في البداية، إلا أنه لم يدرك أن التحالف مع أعداء اليمن سيفضي بمقتله، وأن من سلمهم صنعاء سينقلبون عليه ويكتبون نهايته بهذه الطريقة.
والمؤكد كذلك أن سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014 وتقدمهم بعدها في سائر أنحاء اليمن ما كان ليتم لولا المشاركة الفاعلة لوحدات في الجيش اليمني ظلت مخلصة للرئيس السابق الذي كان يتمتع كذلك بنفوذ واسع في الإدارة.