رؤية غريفيث لإنهاء الحرب.. صفعة للحوثيين أم محاولة لإطالة زمن التفاوض؟
رأي المشهد العربي
أثارت رؤية المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث التي قدمها خلال مشاورات السويد لإنهاء الصراع المحتدم حول ميناء ومدينة الحديدة، الكثير من الجدل حول مدى قبول المليشيات الحوثية مسألة الانسحاب من تلك المواقع.
ويعد ملف مدينة الحديدة التي يتركز فيها القتال بين القوات المشتركة والمليشيات الحوثية منذ منتصف يونيو الملف الأكثر تعقيداً في مشاورات السويد، خاصةً وأن الميناء الأكثر أهمية وحيوية في مسألة الصراع.
ونصت الرؤية الأممية على انسحاب المتمردين الحوثيين من المدينة الساحلية في مقابل وقف القوات الحكومية لهجومها، ثم تشكيل لجنة أمنية وعسكرية مشتركة، كما أكدت الرؤية نشر عدد من المراقبين الدوليين في ميناء الحديدة الحيوي وموانئ أخرى في المحافظة التي تحمل الاسم ذاته؛ للمساعدة على تطبيق الاتفاق.
ووفقاً للرؤية، فإن مسؤولية أمن منطقة الميناء مقتصرة على جهاز خفر السواحل وحرس المنشآت بإدارتهم المعينة قبل سبتمبر 2014، على أن تنسحب كافة التشكيلات العسكرية والأمنية الأخرى من منطقة الميناء.
كما أشارت إلى أن جميع إيرادات الموانئ تحول إلى البنك المركزي اليمني من خلال فروعه الموجودة في مدينة الحديدة؛ للمساهمة في دفع رواتب الموظفين المدنيين بدءاَ من موظفي الخدمة المدنية في المدينة.
وبحثت المشاورات، التي يقودها غريفيث ستة ملفات، هي "إطلاق سراح الأسرى، القتال في الحديدة، البنك المركزي، حصار مدينة تعز، إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين، ومطار صنعاء المغلق".
وقال عضو في وفد الحكومة للمشاورات، إن الرؤية التي قدمها غريفيث، عليها كثير من الملاحظات، وإن الفريق الحكومي سيرد عليها بعد التشاور مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، والقيادة السياسية.
وأشار إلى أن الوفد الحكومي يتمسك بالمرجعيات الثلاث كأساس للتوصل إلى سلام، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216.
وأضاف أن طرف الانقلابيين الحوثيين، يحاول الالتفاف على هذه المرجعيات -التي يؤكد عليها أيضًا المجتمع الدولي- ويسعى لإيجاد صيغة جديدة، مشيراً إلى أن الخلاف الآخر، يتمثل في إعادة فتح مطار صنعاء، إذ أبدى الوفد الحكومي موافقته على إعادة فتحه شريطة أن تكون رحلاته داخلية، وفي حال كانت خارجية فإن الطائرة تفتش في مطار عدن.
وأوضح أن المطار خاضع لميليشيا، ولا يمكن أن تتم الرحلات منه مباشرة إلى دول أخرى، نحن كدولة ملتزمون بالقوانين الدولية، وقوانين الملاحة الجوية، وفرض سيادتنا على المطارات، فلا بد أن يتم تفتيش الطائرات في عدن، موضحاً أن هناك خلافاً آخر يتمثل في فك الحصار عن تعز، إذ نطالب بانسحاب الحوثيين من منفذ الحوبان الرئيس.
وأضاف أن هناك تفاهمات بين الطرفين حول الوضع الاقتصادي، وتوحيد البنك المركزي، المنقسم بين صنعاء وعدن.
فيما يرى المراقبون أن تمكن التحالف من اليمن وصلت بالحوثي إلى نقطة لم يعد قادراً معها على المضي قدماً، بسب الخسائر المادية والبشرية، وهو ما يدفعهم لمحاولة الانسحاب من المستنقع الذي دخلت فيه الجماعة الانقلابية.
ويبدو أن الحوثيين يراهنون على تأزيم الوضع لإحراج الحكومة ودول التحالف أمام المجموعة الدولية التي تضغط في محافل كثيرة باتجاه وقف الحرب في اليمن، لكن الورقة الأخيرة والرؤية الخاصة بغريفيث قد تضع الحوثيين هذه المرة في حرج كبير خاصة وأن كل التوقعات تشير إلى رفضهم التنازل عن الحديدة أو الابتعاد عنها، لكن قد تساوم المليشيات على مسألة إضاعة الوقت من خلال وضع شروط جديدة لزيادة الصعوبات حول استمرار الصراع في تلك المنطقة.
وأحرزت المشاورات تقدماً في ملف الأسرى والمختطفين، إذ اجتمع الطرفان لأول مرة، لترتيب الإجراءات والآليات مع الصليب الأحمر، ومكتب المبعوث الأممي لعمليات تبادل الأسرى.
يأتي هذا فيما صاحب تلك الجولة تهديدات صريحة من غريفيث، حيث هدد بأنه في حال فشلت جولة المشاورات الراهنة، فسيذهب إلى مجلس الأمن، ويُفصح عن الطرف المعرقل.
وهذه الجولة الخامسة من المشاورات بخصوص اليمن التي بدأت جولتها الأولى والثانية بمدينتي جنيف وبيل السويسريتين 2015، والكويت 2016، تلتها جولة رابعة وفاشلة في جنيف سبتمبر 2018.
وتحظى هذه الجولة بدعم دولي كبير، وقال غريفيث، إن هناك جهداَ ودعماً دوليين لنجاح هذه المشاورات وحل أزمة اليمن.