مشاورات السويد.. بين الواقع والمأمول
في الوقت الذي حققت فيه المشاورات اليمنية في السويد خطوات ملموسة بشأن تبادل الأسرى وكذلك فتح مطار صنعاء وفتح كوة في جدار الملف الاقتصادي، يتطلع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، إلى وقف إطلاق النار في الحديدة وتعز.
وأسفرت سبعة أيام من المشاورات غير المباشرة بين الفرقاء اليمنيين عن تحقيق تقدم في الملفات الإنسانية مثل الأسرى والمعتقلين الذين تم التوافق على قوائم الأسماء والآليات الكفيلة بإطلاق سراح أكثر من 15 ألف أسير ومعتقل ومختطف لدى الطرفين.
ووفقًا لصحيفة "العرب" فأن عضو الوفد الحكومي محمد موسى العامري قال، إن المشاورات حول ملف الأسرى والمعتقلين بات في اللمسات الأخيرة وإن النقاش بات يدور حول آلية التسليم.
كما أحرز الوفدان الحكومي والحوثي تقدما في ملف مطار صنعاء يقضي بتحويله إلى مطار داخلي لنقل المسافرين إلى مطاري عدن وسيئون الخاضعين لسيطرة الحكومة ومنهما إلى بقية دول العالم، وهو الأمر الذي رفضه وفد الحوثيين في البدء قبل أن يتراجع لاحقا ويقبل به.
وأكدت مصادر مطلعة على سير المشاورات أن وفدي الحكومة والحوثيين توصلا إلى تفاهمات أولية في ما يتعلق بالملف الاقتصادي، غير أن المصادر استبعدت أن يتم التوقيع في جولة مشاورات السويد على أي اتفاق بخصوص هذا الملف، في ظل تشبث الحوثيين بالكثير من مصادر تمويلهم ورفضهم تحويل فروع البنك المركزي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم بما في ذلك البنك المركزي بصنعاء إلى فروع للبنك المركزي في عدن وتحويل كافة الإيرادات إليه.
وأشارت مصادر إلى أن المبعوث الأممي تقدم بتصورات للإطار العام للحل أشبه ما تكون بمحاولة جس نبض لردود فعل الطرفين، غير أنه من المرجح أن يتم تأجيل الخوض في هذا الملف شديد التعقيد لجولة قادمة من المتوقع أن تحدد في منتصف يناير المقبل.
ويسعى غريفيث لتجزئة الملفات وانتزاع موافقات حولها من طرفي الصراع، لتكوين صورة شاملة في نهاية المطاف، وهو ذات الأمر الذي قد يلجأ إليه في جولات الحوار القادمة، من خلال إيجاد أرضية توافق ذات طابع إنساني في الحديدة قبل التطرق للمحاور العسكرية والأمنية.
ويشير العديد من الخبراء إلى أن الحديدة تحولت إلى نموذج مصغر لتعقيدات الحرب في اليمن من كافة نواحيها، حيث تتكثف في هذا الملف مختلف إشكاليات الصراع العسكرية والأمنية والاقتصادية والإنسانية، وأي حل قد يتم التوصل إليه في الحديدة سيكون من اليسير سحبه على مناطق أخرى ساخنة.
ووصف عضو الوفد الحكومي محمد موسى العامري الورقة المقدمة من المبعوث الأممي حول الحديدة بأنها مقترحات لا تزال قيد النقاش والتشاور، مؤكدا على أن أي رؤية حول هذا الملف يجب أن تطلق من عدة مبادئ أساسية في مقدمتها التوافق مع القرار الدولي 2216 وانسحاب الميليشيات الحوثية من المدينة ومينائها وتسليمهما إلى وزارة الداخلية إضافة إلى ميناءي الصليف ورأس عيسى ونقل الإشراف على الموانئ إلى وزارة النقل اليمنية بالتعاون مع الأمم المتحدة.
وأشار العامري إلى أن الوفد الحكومي يطالب بضرورة ضبط الإيرادات سواء من الموانئ في محافظة الحديدة أو بقية الإيرادات المالية في المحافظات وتوريد ذلك للبنك المركزي عبر فرعه في الحديدة، وإلزام الحوثيين بتسليم خرائط الألغام.
ويتجه غريفيث للّعب على وتر الضغوط الدولية خلال الفترة القادمة والتي من المتوقع أن تنتقل وتيرتها إلى مجلس الأمن الدولي الذي يراهن المبعوث الأممي على دوره الحاسم في إنقاذ المراحل الأخيرة من المشاورات والدفع باتجاه التوقيع على اتفاق سياسي يمكن العمل لاحقا على إجبار الأطراف على تنفيذه على الأرض.
ويقلل الباحث السياسي اليمني باسم الحكيمي من التفاؤل إزاء نجاح غريفيث في تحقيق اختراق سياسي في الملف اليمني، مؤكدا أن كل المؤشرات تقول إن مفاوضات السويد ستنتهي بالفشل.
ولفت الحكيمي إلى أن المبعوث الأممي لم يعد قادرا على إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية، بالنظر إلى غياب الأرضية السياسية الصلبة التي يمكن أن يقف عليها أي اتفاق موائم لإنتاج تسوية سياسية تفضي إلى سلام مستدام في اليمن.
ويعزو مراقبون هذا التشاؤم إلى تعقيدات الأزمة اليمنية وخاصة ارتهان القرار السياسي للحوثيين بطهران، مشيرين إلى ما احتواه التقرير الأممي الجديد عن حجم التورط الإيراني في تسليح الميليشيات الحوثية في اليمن.