بعد الانسحاب الأمريكي.. هل تصبح سوريا فريسة لثلاثي الشر (داعش وتركيا وإيران) ؟ تقرير خاص

الخميس 20 ديسمبر 2018 02:53:03
بعد الانسحاب الأمريكي.. هل تصبح سوريا فريسة لثلاثي الشر (داعش وتركيا وإيران) ؟ "تقرير خاص"








فتح قرار الولايات المتحدة الأمريكية المفاجئ، بسحب قواتها كاملة من سوريا، عدداً كبيراً من التساؤلات حول هذا الإعلان المفاجئ من حيث التوقيت، والهدف من وراء ذلك، ومن سيسد الفراغ الذي سيحدثه الانسحاب الأمريكي، فضلاً عن مصير قوات سوريا الديمقراطية. 
هذا القرار الامريكي المفاجئ جاء متزامناً مع التحضيرات التركية للعملية العسكرية الوشيكة ضد الوحدات الكردية في شمال شرقي سوريا، وينتشر في الوقت الراهن قرابة 2000 جندي أمريكي في شرق سوريا، ويقاتل العدد الأكبر منهم إلى جانب قوّات سوريا الديمقراطية التي تتألّف من تجمّع لعدد من القوّات بقيادة كردية.
وأعلنت الولايات المتحدة اليوم الأربعاء بشكل مفاجئ، بدء سحب قواتها الموجودة في سوريا، وذلك مع الانتقال إلى مرحلة جديدة في الحملة ضد تنظيم داعش، بحسب المتحدثة باسم البيت الأبيض.
وقالت سارة ساندرز إن “الولايات المتحدة بدأت إعادة قوات من سوريا إلى الوطن مع انتقالها إلى مرحلة جديدة في الحملة ضد تنظيم داعش، مبينة بأن “الخلافة” التي أعلنها التنظيم قد هزمت.
وأضافت بأن “تلك الانتصارات على داعش في سوريا لا تشير إلى نهاية التحالف العالمي أو حملته”، موضحة أن السبب وراء إعادة القوات إلى الوطن هو “الانتقال إلى المرحلة التالية من الحملة”.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق اليوم الأربعاء، انتصار بلاده على تنظيم داعش في سوريا، مشيرًا إلى أن سحب القوات من هناك قد يكون وشيكًا، وقال عبر تويتر “لقد هزمنا تنظيم داعش في سوريا، وهذا مبرري الوحيد للوجود هناك خلال الرئاسة”.
من جانبه قال الدكتور توفيق خير الله، الخبير في الشأن السوري، في تصريح خاص لـ"المشهد العربي"، إن الولايات المتحدة الأمريكية صرحت في أكثر من مناسبة بشأن انسحاب قواتها من سوريا منذ بداية مطالبة تركيا والجيش السوري الحر، في المناطق المحتلة من قبل قوات "قسد"، كان آخرها اليوم والتي سبقها بساعات زيارة وفود من القوات الأمريكية في مدينة منبج ولقائهم مع الأتراك، وتجول المدرعات التركية في شوارع المدينة.
وأضاف "خير الله"، إن قوات "قسد" بقيت فترة طويلة متمركزة في "سد تشرين" قبيل دخولها مدينة "منبج" بسبب رفض تركيا لذلك الأمر وبعد تنسيق الأمريكان مع تركيا وتلقي الأخيرة وعود بانسحاب "قسد" بعد شهور بعد تحرير منبج من "داعش"، بيد أن أمريكا ماطلت في ذلك الوعد لحين ما سمعناه اليوم على لسان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بالإنسحاب من سوريا.
وتابع: التوقيت مهم حيث يأتي في المراحل النهائية لمعركة هجين ضد التنظيم، وفي وقت يحتاج فيه الأكراد لدعم أمريكي، أعتقد أنها رسالة لجميع الأطراف بأن التواجد الأمريكي مرتبط باستقرار المنطقة لكن الأمريكان لن يتحملوا تكاليف بقاءهم فيها.


البنتاغون يرفض التعليق
ولم يتضح حتى الآن موعد الانسحاب، كما لم يكشف مسؤولون أمريكيون، تحدثوا لوكالة رويترز، تفاصيل المناقشات فيما يتعلق بهذا الصدد، ولم يعرف بعد متى سيتم اتخاذ مثل هذا القرار.
وقال مسؤولان أمريكيان إن قرارًا بالانسحاب جرى التوصل إليه بالفعل، لكن لم يتسن التأكد من ذلك حتى الآن، وليس معروفًا أيضًا متى سيتم إعلان تفاصيل خطط الانسحاب.
ورفض البنتاغون التعليق، واكتفى بقول إنه سيواصل العمل مع الشركاء في المنطقة.
انتصار لداعش وإيران
وقال السناتور الجمهوري لينزي غراهام، المدافع الدائم عن الرئيس، إن الانسحاب سيؤدي إلى “عواقب مدمرة” على الولايات المتحدة والمنطقة والعالم.
وأضاف في بيان “الانسحاب الأمريكي في هذا التوقيت سيكون انتصارًا كبيرًا لتنظيم داعش وإيران وبشار الأسد وروسيا”.
ولا يزال لدى الولايات المتحدة نحو 2000 جندي أمريكي في سوريا معظمهم من قوات العمليات الخاصة التي تعمل عن كثب مع تحالف من المسلحين الأكراد والعرب، هو قوات سوريا الديمقراطية.
وتزامنت المداولات بشأن سحب القوات الأمريكية من سوريا مع تهديد أنقرة بشن هجوم جديد في سوريا، ويُنظر إلى وجود القوات الأمريكية في سوريا إلى اليوم على أنه عنصر استقرار في البلاد، إذ قيد هذا الوجود إلى حد ما الإجراءات التي تتخذها تركيا ضد قوات سوريا الديمقراطية.
لكن حتى مع الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من سوريا سيظل هناك وجود عسكري أمريكي كبير في المنطقة يتضمن نحو 5200 جندي عبر الحدود في العراق.
وجرى شن معظم الهجمات الأمريكية على سوريا باستخدام طائرات حربية انطلقت من قطر ومناطق أخرى في الشرق الأوسط.
ولا يزال ماتيس ومسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية قلقين من فكرة الانسحاب من سوريا قبل التوصل إلى اتفاق للسلام ينهي الحرب الأهلية الوحشية هناك، والتي أودت بحياة مئات الآلاف من الأشخاص، وشردت نحو نصف سكان سوريا البالغ عددهم قبل الحرب نحو 22 مليون نسمة.

يقول الناشط "محمد زين" وهو أحد أبناء مدينة ديرالزور ويقطن مخيم "هجين": "هنالك أربعة سيناريوهات تنتظر المنطقة إن حصل الإنسحاب الأمريكي، (أولاً) عودة الجيش السوري الحر بغطاء تركي، والمتابعة لما بعد المنطقة المحددة للعملية، والذريعة موجودة ألا وهي محاربة تنظيم "ي ب ك" و"ب ي د" الذي يهدد الأمن القومي التركي (حسب التصريحات التركية)، وملاحقته حتى أخر أماكن يسيطر عليها، حتى ديرالزور والدافع موجود لدى الفصائل المقاتلة مع الجيش التركي كون أغلبها من تلك المحافظات الثلاث وعلى رأسهم أحرار الشرقية وقائدهم (حاتم ابو شقرا) الذي ذكر في أكثر من مناسبة أنهم سيواصلون حتى ديرالزور ويقاتلون النظام وداعش و "ب ي د" و"ي ب ك".
وأضاف "هناك خيار آخر وهو عودة نظام الأسد للمنطقة وهذا وارد جداً كون الإدارة الذاتية الكردية غازلت في أكثر من مرة النظام السوري ودعته لحماية أراضيه من تركيا (حسب تصريحاتها)؛ فنظام الأسد ومن خلفه الراعي الروسي والحليف الإيراني يضعون نصب أعينهم السيطرة على نفط ديرالزور وعبور الفرات، والسيطرة مجدداً على الرقة وكامل الحسكة، وحصول هذا الامر وارد جداً.
وتابع "من المتوقع تمدد تنظيم داعش من جديد وإعادة تجميع نفسه إذا ما حصل الإنسحاب الامريكي وتُركت "قسد" لوحدها أمام التنظيم، وبالتأكيد فإن "قسد" لن تبقى في ديرالزور وستواصل استنزاف قواتها في معارك طويلة ومتعبة ضد تنظيم "داعش" في منطقة بعيدة جداً عن مركز سلطتها، سيما أن الراعي الأكبر لمكافحة "داعش" هم الأمريكان، ممّا يفتح الخيار أمام داعش للعودة وهذا خيار صعب ربما، كون وجود قوة عشائرية لا ترغب بوجود التنظيم وستقاتله حتى النهاية.
توقيت إعلان الإنسحاب
يقول الصحفي والكاتب "فراس علاوي": "أعتقد تلك التصريحات هي مناورة سياسية الهدف منها خلط الأوراق في المنطقة والضغط على بعض الدول المستفيدة من الوجود الأمريكي الرامي لتحجيم دور إيران في المنطقة، وبالتالي ضغط سياسي عليها من أجل الوصول لصيغة أخرى للوجود الأمريكي تناسب تصريحات ترامب بأننا لا نقدم خدماتنا مجاناً وأعتقد الرسالة موجهة بالدرجة الأولى إلى دول الخليج ومن ثم الاتحاد الأوربي من أجل زيادة تواجده في المنطقة، وكذلك إلى روسيا وتركيا، لذلك فإن التصعيد السياسي الأمريكي الهدف منه هو خلط الأوراق في المنطقة".