تحقيق صادم: أزمة المجاعة في اليمن سببها الفساد

الاثنين 31 ديسمبر 2018 18:38:48
تحقيق صادم: أزمة المجاعة في اليمن سببها الفساد
نبيل الحكيمي، وهو مسؤول معونات إنسانية في مدينة تعز إحدى أكبر مدن اليمن، يذهب يومًا بعد يوم إلى العمل، وهو يشعر بثقل كبير على كاهله، وكأنه يحمل جبلًا على كتفيه، حيث يتدفق الطعام والمساعدات الخارجية الأخرى المقدرة بمليارات الدولارات إلى وطنه الذي دمرته الحرب، لكن ملايين اليمنيين ما زالوا يعيشون على حافة المجاعة.
يتلقى الحكيمي تقارير عن الفوضى التنظيمية والسرقة على مدار الربيع والصيف من جميع أنحاء تعز، حيث تم توزيع 5 آلاف كيس من الأرز دون تسجيل المكان التي ذهبت إليه، وتم نهب 705 سلال طعام من مستودعات وكالة الرعاية الاجتماعية، فضلًا عن 110 أكياس أخرى من الحبوب تم نهبها من الشاحنات التي تحاول شق طريقها عبر المرتفعات المطلة على المدينة، الأمر الذي أكد أن التبرعات الغذائية تسرق من الجياع.
وبحسب، تحقيق لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية تضمن استعراض وثائق ومقابلات مع الحكيمي ومسؤولين آخرين ومسؤولي الإغاثة، فإن آلاف العائلات في “تعز” لا تحصل على المساعدات الغذائية الدولية المخصصة لها، والتي غالبًا ما يتم الاستيلاء عليها من قبل المجموعات المسلحة التابعة للحكومة الشرعية.
وعبر اليمن، منعت الفصائل والميليشيات على جميع أطراف النزاع المساعدات الغذائية من الوصول إلى مجموعات مشكوك في ولائها، ونقلتها إلى المقاتلين على الخطوط الأمامية، أو باعتها لتحقيق الأرباح في السوق السوداء، وذلك وفقًا للسجلات العامة والوثائق السرية التي توصلت لها الوكالة ومقابلات مع أكثر من 70 من عمال الإغاثة والمسؤولين الحكوميين والمواطنين العاديين من 6 محافظات مختلفة.
وكان مسؤولو الأمم المتحدة عمومًا حذرين في التصريحات العلنية حول الحوثيين، وذلك خوفًا من أن المتمردين قد يردون بمنع وكالات الأمم المتحدة من الوصول إلى الناس الذين يتضورون جوعًا.
لكن في مقابلات مع وكالة الأسوشيتد برس، قال ديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة، إن “عناصر معينة من الحوثيين” يحرمون الوكالة من الوصول إلى بعض أجزاء من الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون، ويبدو أنهم يستولون على المساعدات الغذائية.
وقال بيسلي في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس يوم الأحد “إنها وصمة عار، جنائية، إنها خاطئة، ويجب أن تنتهي”. “الناس الأبرياء يعانون”.
وقال عبد الله الحميدي الذي أدار وزارة التربية في حكومة الحوثيين، قبل أن ينشق في وقت سابق من هذا العام “منذ وصول الحوثيين إلى السلطة كان النهب على نطاق واسع.” “هذا هو السبب في أن الفقراء لا يحصلون على أي شيء. ما يصل فعلًا إلى الناس هو القليل جداً”.
وقال إنه في كل شهر في مدينة صنعاء التي يحكمها المتمردون، كا يتم تحويل ما لا يقل عن 15000 سلة غذائية كان من المفترض أن تقدمها وزارة التعليم إلى الأسر الجائعة إلى السوق السوداء أو استخدامها لإطعام رجال ميليشيا الحوثي الذين يخدمون في الخطوط الأمامية.

ويتم تخزين وتوزيع نصف السلال الغذائية التي يوفرها برنامج الغذاء العالمي للمناطق التي يسيطر عليها الحوثي من قبل الوزارة، التي يرأسها شقيق الزعيم الأعلى للمتمردين.
وقال معين النجري، مدير تحرير صحيفة “الثورة” اليومية التي يسيطر عليها الحوثيون، لوكالة “أسوشيتد برس” إن الصحيفة علمت الأسبوع الماضي أن مئات من موظفيها تم إدارجهم بشكل زائف منذ أكثر من عام حيث تلقوا سلالًا غذائية من وزارة التعليم. وقال إنه من غير الواضح أين تذهب تلك السلال الغذائية، لكن من الواضح أن قلة من موظفيه حصلوا عليها.
وأكد ﺛﻼﺛﺔ أﺷﺨﺎص ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ دراﻳﺔ ﺑﺒﺮاﻣﺞ اﻹﻏﺎﺛﺔ ﻓﻲ أراﺿﻲ اﻟﺤﻮﺛﻲ أﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﺴﻼل اﻟﻐﺬاء اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ مخالف ﻣﻦ وزارة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ.
وتحدث الأفراد الثلاثة والكثيرون ممن تمت مقابلتهم لهذه القصة بشرط عدم الكشف عن هويتهم؛ وذلك بسبب المخاطر التي قد يتعرضون لها من قبل المتمردين من عرقلة برامج المساعدات إلى رفض منح التأشيرات.

وقال مسؤول كبير في الأمم المتحدة طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة القضية لوكالة أسوشيتد برس إن المساعدات التي تأتي إلى اليمن تفي بمتطلبات أزمة الجوع، لكن الكثير منها سُرق.
وقال: “إذا لم يكن هناك فساد ، فليس هناك مجاعة”.
“كارثة تعز”
حتى قبل تولي الحكيمي منصب مدير لجنة الإغاثة في تعز، اشتكى مسؤولون ونشطاء من المؤامرات والاعتداءات المتعلقة بالأغذية المتبرع بها.
وفي أيلول / سبتمبر 2017 ، أرسلت لجنة الإغاثة تحذيرًا إلى مركز الملك سلمان للمساعدات الإنسانية والإغاثة، وهي مؤسسة خيرية تديرها الحكومة السعودية وإحدى الجهات المانحة الرئيسية في اليمن، تقول الرسالة إن عددًا كبيرًا من أصل 871 ألف سلة طعام قدمها مركز الملك سلمان لتعز والمناطق المحيطة بها “فقدت ولم يعرف مصيرها”.
وأضافت أن الجماعات المحلية، التي كان من المفترض أن توزع الطعام، ترفض الإجابة عن أسئلة من اللجنة، وذلك على ما يبدو؛ لأنها أرادت التأكد من أن “الحقيقة لن تظهر أبدًا” حول اختفاء الأغذية.
وقال ثلاثة من عمال الإغاثة في تعز لوكالة الأسوشيتد برس إن الحكيمي معروف بأنه شخص ذو مبادئ لا يوافق على صفقات فاسدة.