بتسليح المليشيات.. مخططات تركية لنسف جهود التهدئة بـليبيا (تقرير)
تسعى الدكتاتورية التركية إلى نشر الفوضى في الجمهورية الليبية، مع استمرار إرسال تركيا لشحنات أسلحة إلى ليبيا، بهدف تسليح الميليشيات لإشعال حرب جديدة، ونسف كل جهود التهدئة التي يقودها المجتمع الدولي بعد سنوات من الصراع.
وضبطت دوريات الكتيبة 108 مُشاة التابعة للمنطقة العسكرية في مدينة طبرق الليبية، والمنضوية تحت لواء القيادة العامة للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، مجدّدًا مساء الخميس، شحنة أسلحة تركية الصنع محمّلة على سيارة من نوع “لاند كروزر”، بعد مطاردة وتبادل إطلاق النار مع راكبيها، حسب ما ذكر موقع “المتوسط” الإخباري الليبي.
ويأتي الكشف عن الشحنة الجديدة بعد أيام قليلة من ضبط شحنتي سلاح على متن باخرة في ميناء الخمس، غرب البلاد، وبعد ضبط شحنة متفجرات على يد السلطات اليونانية قبل عام، كانت في طريقها إلى ليبيا أيضًا.
ولم يختلف انخراط تركيا في الأزمة الليبية عن مواقفها المتغيرة والمتعارضة بشأن الحالة السورية، فقد تعاملت القيادة التركية مع الحالة الليبية برؤى لا تتّسم بالثبات، وسعت إلى تكريس حالة الفوضى، وإنتاج مزيد من عدم الاستقرار في المشهد الليبي بحثاً عن مصالح مؤدلجة وآنية على حساب مستقبل الدولة في ليبيا.
الدور التركي المثير للقلق كشف عنه ضبط السلطات الليبية في ميناء الخمس البحري غرب ليبيا في 17 ديسمبر الماضي، شحنتي أسلحة، ضخمتين وذخائر قادمة من تركيا، وحسب بيان الجيش الليبي فإن عدد الذخائر الواردة في هاتين الشحنتين بلغ 4,2 مليون رصاصة، بما يكفي لقتل قرابة 80% من الشعب الليبي، إضافة إلى الآلاف من المسدسات والبنادق.
وبخت الأمم المتحدة السياسية التركية تجاه ليبيا، لا سيما أن أنقرة دأبت على توريد الأسلحة إلى الأخيرة رغم قرار الأمم المتحدة بحظر بيع الأسلحة إلى هذا البلد منذ عام 2011، ففي الوقت الذي طالب الجيش الليبي مجلس الأمن بفتح تحقيق فوري بشأن واقعة سفينة الخمس، مشيرا في بيانه إلى أن تركيا تحاول زعزعة أمن ليبيا واستقرارها بدعم الإرهاب، من جهتها أدانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الليبية السلوك التركي عقب ضبط سفينة الأسلحة في ميناء "خمس"، ودعت إلى ملاحقة قادة أنقرة.
مخططات مريبة
وأكد مصدر عسكري ليبي، أن الأسلحة التركية التي تم ضبطها الخميس، كانت موجهة للميليشيات المتطرفة المدعومة من أنقرة والدوحة، مضيفًا أن عدة شحنات أخرى وصلت مؤخرًا إلى الميليشيات.
وأشار المصدر العسكري الذي رفض الكشف عن هويته في تصريح صحافي أن “تركيا تدعم بصفة مباشرة كل الجماعات المسلحة التي تعارض استقرار ليبيا”.
وكشف المصدر العسكري، عن وجود مخاوف في ليبيا من استمرار دعم تركيا للإرهابيين، مشيرًا إلى وجود مخططات وصفها بـ “المريبة” تقودها أنقرة لإشعال الحرب، بعد الهدوء النسبي الذي شهدته البلاد في الفترة الأخيرة.
استهداف ليبيا ودول الجوار
ومن جهته، تحدّث الناشط الحقوقي الليبي، جمال الفلاح، عن وجود ما وصفه بـ “مخطط تركي لإشعال أزمة جديدة في ليبيا عبر إغراق البلاد بالأسلحة”.
واعتبر الفلاح أن “أطرافًا إقليمية وفي مقدمتها تركيا تقوم في كل مرة بتوتير الأجواء الليبية عندما يقترب الفرقاء من إيجاد حلول سياسية”، مضيفًا أن “دعم الميليشيات مجددًا سيعيق كل جهود الحوار والمصالحة الوطنية”.
وقال الفلاح، إنّ “تركيا أرسلت للميليشيات عدة شحنات أسلحة مختلفة”، معتبرًا أن “هدف هذه الميليشيات هو نهب الثروات الليبية”.
وأوضح أن “المخطط التركي يتعدّى حدود ليبيا، ويستهدف أمن دول الجوار على غرار تونس والجزائر ومصر، حيث تسعى تركيا لدعم الميليشيات في هذه الدول”، مشدّدًا على “ضرورة فتح تحقيق دولي حول الدعم التركي للإرهابيين في ليبيا والمنطقة”.
بدوره، قال الخبير الليبي، عبدالحكيم معتوق، الأسبوع الماضي: إن “أنقرة والدوحة تقدّمان دعمًا منقطع النظير للميليشيات المسلحة في ليبيا، خاصة منها الميليشيات المرتبطة بالإخوان، وأن مسلّحي داعش و”القاعدة” يستغلون الفوضى والفراغ الأمني، الذي يحدثه صراع الميليشيات المسلحة في طرابلس”.
وأكد المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، العميد أحمد المسماري مؤخرًا، أن “شحنة الأسلحة التركية المضبوطة في ميناء الخمس، غرب البلاد، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة”، مؤكدًا أن بلاده تضررت من دعم أنقرة للميليشيات المسلحة.
ولفت المسماري، إلى أن “تركيا باتت دولة تهدد أمن واستقرار ليبيا وتونس ومصر، بسبب دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإرهاب”، وسعيه لإحياء “السلطنة العثمانية” على جثث الشعوب العربية.
طالب رئيس الغرفة التجارية الليبية المصرية المشتركة إبراهيم الجراري، بقطع العلاقات الاقتصادية مع دولة تركيا لكونها تسعى جاهدة لزعزعة الاستقرار في ليبيا، ودول الجوار، ودول المغرب العربي.
وناشد الجراري، أصحاب الشركات، بعدم فتح اعتمادات واستيراد بضائع من تركيا، وكذلك المسؤولين بمنع أي سفينة قادمة من الموانئ التركية بالدخول للموانئ الليبية، وذلك ردًا على شحن سفينة محملة بالأسلحة والذخائر إلى ليبيا.
ومع سقوط نظام "معمر القذافي" في عام 2011 اتجهت أنقرة إلى تقديم كافة أوجه الدعم للتنظيمات الإرهابية، الممثلة في "حزب العدالة والبناء" (الذراع السياسية لتنظيم الإخوان الإرهابي) ومليشيات مدينة مصراتة أكبر داعم للإرهابيين بالغرب الليبي، كما قدمت أنقرة دعماً لتحالف "فجر ليبيا" في مواجهة "عملية الكرامة" التي أطلقها الجيش الليبي في مايو 2014 بقيادة "خليفة حفتر"، وهو ما تسبب في توتر علاقاتها مع الشرق الليبي، حيث وجه قائد الجيش الليبي في الشرق "خليفة حفتر" اتهامات لتركيا بدعم "الإرهاب" في ليبيا، وأصدرت حكومة الشرق الليبي قراراً بإيقاف التعامل مع كافة الشركات التركية في ليبيا رداً على سياساتها الداعمة لتحالف "فجر ليبيا".
تناقض الموقف التركي، كشفت عنه أيضا تصريحات للرئيس رجب طيب أردوغان رفض فيها الاعتراف بشرعية برلمان طبرق المنتخب في أغسطس 2014، لكن جدد المبعوث الشخصي للرئيس التركي أمر الله إيشلرج اعتراف بلاده بمجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه كسلطة شرعية وحيدة لليبيا.