اتفاق الحديدة.. إلى أين؟
الأربعاء 9 يناير 2019 19:59:00
رأي "المشهد العربي"
بعد أن أعلنت جميع الأطراف المسؤولة عن تنفيذ أو مراقبة اتفاقيات السويد، بات الأمر واضحًا أمام الجميع الآن، فمليشيات الحوثي تأبى الالتزام بما أعلنت موافقتها عليه في العاصمة السويدية ستوكهولم في ديسمبر الماضي بخصوص ملفات الأسرى وتعز والحديدة، وأقدمت أكثر من 300 مرة خلال أقل من شهر على اختراق الاتفاق، لتعلنها صريحة أنها لن تلتزم بما تعاهدت بالاتفاق عليه من قبل.
ويبقى السؤال الأهم: ما هو مصير اتفاقيات السويد الآن؟ هل ستتبخر وكأنها لم تكن، لتضيف إلى أحلام اليمنيين المؤجلة حلمًا انتهي في ليلته باختراق الحوثي للاتفاقية، أم أن الأمم المتحدة ستلتزم بما تعهدت عليه أمام المجتمع الدولي والتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بالحفاظ على الاتفاقية، وإلزام مليشيات الحوثي بتنفيذها، ووقف إطلاق النار في الحديدة، وتسليم الميناء للوفد الأممي برئاسة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت الذي أعلن فشله في التوصل لحلول مع المليشيات؟.
ويبدو أن تعنت الحوثي ورفضه تنفيذ الاتفاقيات بدا واضحًا أمام الملأ، وظهرت أولى خطواته في رفضه حضور اجتماع الجولة الثالثة للجنة العسكرية المشتركة لتنفيذ اتفاق السويد برئاسة الجنرال باتريك كاميرت، الذي اكتفى بالاجتماع مع ممثلي الحكومة فقط في ظل غياب الطرف الآخر.
وعُقد الاجتماع مؤخرًا في مجمع إخوان ثابت، الذي استردته القوات المشتركة من براثن مليشيات الحوثي، في حين رفضت المليشيات الحضور، متحججة بأنها لن تذهب لمكان ليس تحت سيطرتها، حسبما ذكرت مصادر حكومية.
وكان المتحدث العسكري باسم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن العقيد تركي المالكي قد قال -في مؤتمر صحفي- إن مليشيات الحوثي لا تحترم قرارات الجنرال الهولندي، الذي عبَّر عن يأسه من إقناع المليشيات بالالتزام ببنود الاتفاقية.
ومن جانبه، هدد المبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث الحوثيين باتخاذ إجراءات عقابية واللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرارات ستكون مؤلمة.
وأفادت مصادر مطلعة بأن الجوانب الاقتصادية المتعلقة بالرواتب ومطار صنعاء والبنك المركزي مرحلة أخرى ستكون منفصلة تمامًا عن السويد أو أي مشاورات سياسية قادمة، وستُعقد لها لقاءات منفصلة في الأردن الشهر المقبل.
وأفشل تعنت الحوثيين وتمترسهم حول تفسيرات خاطئة لاتفاق السويد مهمة المبعوث الأممي إلى اليمن، فعلى مدى يومين، حاول جريفيث إقناع الانقلابيين بسحب مليشياتهم من الحديدة وموانئها، واستبدال قوات أمن محلية بها، إلا أن جهوده أخفقت بسبب إصرار المتمردين على بقاء السلطات المحلية القائمة.
ومن جهته، قال رئيس الوفد الحكومي المشارك في المشاورات وزير الخارجية خالد اليماني إن مليشيات الحوثي مستمرة في خرق وقف إطلاق النار، وتعزيز قواتها وحفر الخنادق في الحديدة، مرجعًا تعثر تنفيذ اتفاق السويد إلى عدم انصياع الحوثيين لبنوده، منوهًا بأن صبر القوات المشتركة على خروق الحوثيين سينفد، وهذا يهدد اتفاق السويد.
وأضاف أن الحكومة مستعدة للمشاركة في أي مشاورات سياسية تدعو لها الأمم المتحدة، بشرط تنفيذ اتفاق السويد، مطالبًا في الوقت ذاته الأمم المتحدة بتسليم الحكومة آليات عمل لتنفيذ الاتفاق، لدراستها وتحديد الموقف منها.
وتابع اليماني أن التعثر في تنفيذ اتفاق الحديدة سينعكس على موقف الحكومة من المشاورات المقبلة.
وبدورها كقائد لدول التحالف العربي، نددت المملكة العربية السعودية -متمثلة في مجلس الوزراء- بما تقوم به المليشيات الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران من تلكؤ والتفاف على اتفاقيات ستوكهولم، واستمرار في نقض كل المواثيق والعهود، في تحدٍ صارخ وصريح للمجتمع الدولي.
كما نددت بتضليل مليشيات الحوثي للمنظمات الدولية، من خلال نشر معلومات خاطئة وبيانات غير دقيقة حول الأزمة الإنسانية في اليمن، وتعطيل جهود الإغاثة والدعم الإنساني، ونهب المساعدات والأموال وهبات الدول المانحة والمنظمات الإنسانية في المناطق التي تحتلها.
أما وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، فرأى أن التطورات حول الحديدة تشير إلى أنه لا توجد نية لدى الحوثي لاحترام التزاماته الإنسانية والسياسية في السويد، وأنه آن الأوان لأن يضغط العديد من المنظمات غير الحكومية والرأي العام الدولي على المعطِّل الحقيقي للحل السياسي في اليمن.
وقال قرقاش، في تغريدة على موقع التدوينات المصغرة (تويتر): "التحالف العربي في موقف سياسي جيد جدًا وهو يراقب محاولة الحوثي التلاعب بالتزامات واضحة.. الحوثي يكرر ممارساته الساعية لإفشال اتفاق السويد كما أفشل الكويت وجنيف.. العدوان الحوثي على اليمن وشعبه يتعرى أمام الرأي العام الدولي".
وأكد قرقاش أن التطبيق الكامل لالتزامات السويد يُمثِّل أولوية بعيدًا عن التسويف والتعطيل والتلاعب، والهروب عبر المطالب والشروط الجديدة لن ينفع الحوثي هذه المرة، ومن الضروري التنفيذ الكامل للانسحاب من ميناء ومدينة الحديدة للاستمرار في المرحلة القادمة للعملية السياسية.
يُذكر أن اتفاق السويد يقضي بانسحاب مليشيات الحوثي من مدينة الحديدة والميناء خلال 14 يومًا، وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها، وانسحابها من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى إلى شمال طريق صنعاء، في مرحلة أولى خلال أسبوعين.
ونص الاتفاق كذلك على إشراف لجنة تنسيق إعادة الانتشار على عمليات إعادة الانتشار والمراقبة، بالإضافة إلى عملية إزالة الألغام من الحديدة ومينائها.
كما تضمن الاتفاق أن تودع جميع إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة، للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية بمحافظة الحديدة وجميع أنحاء اليمن.