صحيفة أمريكية: التعنت القطري أفشل وساطة زيني ودفعه إلى التخلي عن مهمته

الخميس 10 يناير 2019 11:08:54
صحيفة أمريكية: التعنت القطري أفشل وساطة زيني ودفعه إلى التخلي عن مهمته

كشفت مصادر إعلاميةٌ أميركيةٌ النقاب عن أن تشبث قطر بالعناد والمكابرة يشكل السبب الرئيس وراء تخلي الجنرال الأميركي المتقاعد أنطوني زيني بشكلٍ مفاجئٍ عن مواصلة الاضطلاع بدوره كمبعوثٍ لإدارة الرئيس دونالد ترامب لحل الأزمة التي تضرب منطقة الخليج منذ أكثر من عامٍ ونصف العام، بفعل السياسات الطائشة التي ينتهجها نظام تميم بن حمد.
وأفادت المصادر - عبر تقريرٍ نشرته مجلة «واشنطن إكزامينر» الأميركية المرموقة - بأن هذه الخطوة التي أعلنها زيني قبل يومين قبيل بدء وزير الخارجية مايك بومبيو جولته الشرق أوسطية الحالية - تعكس على ما يبدو «إحباط» هذا الرجل من عدم التجاوب معه على صعيد جهوده الرامية لتسوية الأزمة، وذلك في إشارةٍ إلى المواقف المتعنتة التي يتخذها «نظام الحمدين» في هذا الشأن منذ اليوم الأول.
وأبرز التقرير، الذي أعده الصحفي البارز توم روجان، مواصلة الدويلة المعزولة تبني التوجهات التخريبية التي قادت الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) لاتخاذ تدابيرها الصارمة حيالها في يونيو من العام الماضي، بما يشمل قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية، فضلاً عن إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية.
وسلّط روجان الضوء في هذا السياق على أبرز أوجه السياسات القطرية في هذا الصدد، وعلى رأسها «الدعم المفرط الذي تقدمه قطر للحركات المتشددة المنتشرة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، والعلاقات الوثيقة الآخذة في التنامي بين الدوحة وطهران»، قائلاً إن إصرار النظام القطري على مواصلة تحركاته المشبوهة على هذين الصعيدين، يثير غضب الدول الأخرى في المنطقة، وفي مقدمتها «الرباعي العربي» بطبيعة الحال.
وألمح الكاتب إلى أن العناد الذي يتمسك به «نظام الحمدين» دفع زيني إلى التخلي عن دور الوساطة، الذي كُلِفَ به منذ عام 2017، أي بعد وقتٍ قصيرٍ من فرض المقاطعة على الدوحة، مُشيراً على نحوٍ ضمنيٍ إلى أن ذلك ربما كان العامل الأساسي الذي حدا بالجنرال المتقاعد إلى القول علناً لوسائل إعلامٍ أميركيةٍ إنه «لم يعد يرى جدوى» من مواصلة مساعيه الهادفة لاحتواء الأزمة القطرية، التي تشكل أحد أبرز التحديات التي واجهته منذ انضمامه إلى وزارة الخارجية في بلاده قبل عامين تقريباً. 
واعتبرت «واشنطن إكزامينر» في تقريرها أن تشبث النظام القطري بسياساته الراهنة يشكل بنظر دول «الرباعي» خروجاً سافراً عن توجهات مجلس التعاون الخليجي، بالنظر إلى أن العلاقات المثيرة للجدل القائمة بين الدوحة و«نظام الملالي» تمثل تهديداً للأمن الإقليمي، في ضوء التحركات التي يقوم بها النظام الإيراني لزعزعة الاستقرار في الدول المجاورة، وسعيه الدائب للتدخل في شؤونها.
وأوضحت المجلة أن انخراط قطر بفاعليةٍ في تلك العلاقات - بالإضافة إلى أسبابٍ أخرى - هو ما يجعل الدول المُقاطعة لها تعتبرها «خائنةً» للمجلس، الذي يشكل منذ أن تأسس عام 1981 التحالف السياسي والاقتصادي الأكبر في منطقة الخليج.
واستبعد التقرير أن يكون زيني - الذي شغل بين عاميْ 1997 و2000 منصب قائد القيادة المركزية الأميركية - قد قدم استقالته لأسبابٍ متعلقةٍ بمعارضةٍ مفترضةٍ لسياسات إدارة ترامب، حتى وإن كانت خطوته هذه قد أُعْلِنَتْ في وقتٍ استقال فيه خلال الشهور الماضية عددٌ من أبرز الجنرالات المتقاعدين من مناصب رفيعة مختلفة في الإدارة، أو جرت إقالتهم.
ولكن التقرير لم يغفل الإشارة إلى أن زيني - الذي كان نطاق القيادة المركزية الأميركية التي يرأسها يشمل دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى - لم يلق دعماً كافياً من جانب إدارة ترامب في مهمته الخليجية الأخيرة، وهو ما حمله للتخلي عنها رغم اضطلاعه من قبل بمهمةٍ دبلوماسيةٍ أكثر صعوبةً، تمثلت في اختياره مبعوثاً للوساطة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، خلال العقد الأول من القرن الحالي.
وقالت «واشنطن إكزامينر» في هذا الصدد، إنه لم يكن هناك «ضغطٌ مقنعٌ» من جانب الإدارة الأميركية الحالية على النظام القطري لإجباره على العودة إلى الصفين الخليجي والعربي، مُشيرةً إلى أن ذلك سمح لحكام الدوحة بمواصلة الدعم المالي الذي يقدمونه للتنظيمات الإرهابية المتطرفة والمضي قدماً على طريق تعزيز العلاقات مع إيران، التي زادت بدورها من دعمها «نظام الحمدين» بشكلٍ هائلٍ على مدار الأشهر القليلة الماضية، في محاولة لإبقائه دائراً في فلكها.
وأكدت المجلة الأميركية في تقريرها أنه ليس «لدى القطريين أي اهتمامٍ بإنهاء دعمهم لجماعة الإخوان (الإرهابية) وغيرها من التنظيمات المتطرفة التي تنتشر في جميع أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» مُشددةً كذلك على أن الدوحة لا تريد أيضاً «بالقطع إنهاء روابطها الاقتصادية مع إيران».
وبرر التقرير ذلك بأن الإبقاء على صلاتٍ وثيقةٍ بطهران يفتح الباب أمام الدوحة للسعي من أجل تحقيق «منافع مهمةٍ مرتبطةٍ بذلك، على صعيديْ الاقتصاد والطاقة». وربما يشير الكاتب في هذا الإطار إلى تقاسم قطر وإيران حقل غاز «الشمال» الذي يقع في الخليج العربي وتبلغ مساحته نحو 9700 كيلومتر مربع، يوجد ثلثاها في المياه الإقليمية القطرية والباقي في المياه الإقليمية الإيرانية. 
ويخشى مراقبون سياسيون من أن تؤدي استقالة زيني - الناجمة عن المواقف القطرية المتصلبة - إلى إحداث انتكاسةٍ للجهود المكثفة التي تبذلها إدارة ترامب لتوحيد صفوف دول منطقة الشرق الأوسط لمواجهة التهديد الإيراني المتنامي، لا سيما أن الجنرال المتقاعد كان مُكلفاً كذلك بتشكيل تحالفٍ أمنيٍ لاحتواء نفوذ طهران على الساحة الإقليمية. 
وتعززت الشكوك بشأن مدى تأثير استقالة أنطوني زيني على مساعي تشكيل هذا التحالف الاستراتيجي - الذي يستهدف الحليف الإقليمي الأبرز لقطر في المنطقة - بعدما قال مسؤولون بوزارة الخارجية الأميركية إن الوزارة ستتولى من الآن فصاعداً زمام المبادرة في المفاوضات الخاصة بتشكيل هذه المنظومة الأمنية، وأن «زيني سيظل متاحاً لتقديم المشورة إذا لزم الأمر». 
وبحسب التقارير المتداولة في واشنطن، يُفترض أن يضم هذا التحالف ثماني دول، هي دول الخليج العربي بجانب مصر والأردن، على أن يتم إبرام معاهدةٍ أمنيةٍ وسياسيةٍ واقتصاديةٍ تشارك فيها الولايات المتحدة، وتستهدف كبح جماح المطامع الإيرانية على مختلف الأصعدة.