وداعاً الطبيب والمناضل والإنسان محسن الحُقبي

{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} صدق الله العظيم.
غادرنا اليوم دون وداع الصديق العزيز والمناضل الجنوبي الدكتور محسن محمد الحقبي، نائب رئيس الجبهة الوطنية ونقيب الأطباء الجنوبيين، في قاهرة المعز، إثر مرض عضال مفاجئ تعرض له مؤخرا.

والفقيد أحد أبرز أطباء مستشفى الجمهورية التعليمي في عدن أفنى قرابة ثلاثين عاماً في خدمة وعلاج المرضى منذ أن بدأ العمل بعد تخرجه مطلع التسعينات كطبيب عام، ثم تدرج في العديد من المواقع والمسئوليات منها مقيم في قسم جراحة المخ والأعصاب، ثم مساعد اختصاصي جراحة المخ والأعصاب في نفس المستشفى، وخلال ممارسته لعمله في معاينة مرضى المخ والأعصاب والعمود الفقري  أجرى مئات العمليات الجراحية الناجحة، وكان لا يدخر جهداً لمساعدة المرضى حتى في أيام  إجازاته الأسبوعية، حيث يهب لنجدة المرض إذا ما دعت الحاجة لذلك.

ونظراً لكفاءته عُيّن نائباً لمدير عام هيئة مستشفى الجمهورية التعليمي، وتحمل مسئوليته تلك بجدارة، وكان مثالاً للتفاني والإخلاص في عمله بشهادة زملائه الأطباء والفنيين والممرضين.


ولعل كثيرين من مرضاه أو أقاربهم يتذكرون كثيراً من مواقفه الإنسانية  كطبيب مخلص للقسم الذي أقسمه ولرسالته النبيلة، وقد وصلتني رسالة مؤثرة من مغترب لا أعرفه إلا من خلال صفحتي في الفيسبوك، اسمه Abdul Jaeran ، يقول أنه لم ينسَ ما قام به الدكتور الحقبي قبل اثنين وعشرين عاماً من موقف إيجابي عندما سقطت ابنته من الطابق الثالث من المنزل  في يافع وتهشم رأسها، ويقول:" يادكتور والله انني تأثرت عندما سمعت بحالته المرضية  فوالله وأنا اكتب هذه الرساله أن عيوني تدمع، فقد وقف معي في علاج ابنتي وخرجت وهي بصحة جيدة، والآن هي حية ترزق، بحيث وإنني ذهبت بها الى ثلاثة مستشفيات في يافع وقالوا لي البنت خلاص الدم خرج من أذنيها وفمها والجمجمة مهشمة فلا داعي تخسر أموالك فهي سوف تموت.

وبعدها ذهبت الى عدن ودخلت مستشفى الجمهوريه ومعي طفلتي ذات العامين والنصف وهي بحاله حرجة، وطلبوا أن تبقى الأم بجانب طفلتنا، وحينها كانت زوجتي لا زالت في حالة نفاس بطفلي الأصغر الذي ولد بعد البنت، ولا تقدر ان تبيت مع البنت في المستشفى، ولكن هذا الدكتور الطيب قام وأعطاني غرفة فوق المستشفى لي ولواحد جاء بنفس الظروف من الضالع.

وكلما كنت أشوف أبنتي تكبر وهي بكامل صحتها أذكر الدكتور الحقبي وكيف أن الله جعله السبب بعلاج نور بنتي. علماً أنني لا أعرفه من قبل ولم يكن يعرفني، وإنما قدر حالة البنت وقام بالواجب الإنساني الذي يمليه عليه ضميره الحي ..وأنا كنت عسكري في اللواء الخامس مضلات من ضمن القوات التي تبهذلنا بعد حرب  عام ??م وبدون رواتب حينها، حتى اضطريت لمغادرة البلاد". 


رحم الله فقيدنا د.محسن محمد الحقبي، سائلين العلي القدير أن يسكنه في فسيح جناته..
وإنا لله وإنا إليه راجعون.