الحوثي يرواغ والأمم المتحدة تُقر والحكومة تستمر
رأي المشهد العربي
في الوقت الذي ترواغ فيه مليشيات الحوثي الانقلابية -المدعومة من إيران- وتتلاعب كيفما تشاء باتفاق السويد ووقف إطلاق النار وقرارات الأمم المتحدة، تستمر الحكومة اليمنية في تصديق هذا المسلسل الخادع والمخطط الفارسي الذي بانت روائحه منذ انتهاء مشاورات ستوكهولم بساعات قليلة؛ ما يؤكد أن حكومة عبد ربه منصور هادي ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث يشاركان في هذا العبث الحوثي وانتهاك دم الأبرياء في الحديدة.
الأمم المتحدة تعترف
وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تنفيذ اتفاق السويد بين طرفي النزاع في اليمن بمثابة «مهمة معقدة»؛ إذ إن هناك افتقارًا لتفسير مشترك فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق بشأن الوضع في الحديدة غربي اليمن، وتسلسل إجراءاته.
جاء ذلك في التقرير المقدم إلى مجلس الأمن الدولي، الذي يرصد التقدم المحرز بشأن تنفيذ الاتفاق، بما في ذلك أي انتهاكات للالتزامات التي قطعها الطرفان خلال الفترة من 29 ديسمبر 2018 إلى 4 يناير 2019.
وأوضح غوتيريش أن تقارير لجنة تنسيق إعادة الانتشار ووقف إطلاق النار -التي يرأسها الجنرال الهولندي باتريك كاميرت- تشير إلى أن تعقيدات تنفيذ الاتفاق ناجمة عن انعدام الثقة بين الطرفين، ومخاوفهما فيما يتعلق بتقديم تنازلات عملياتية خارج إطار حل سياسي شامل للنزاع في اليمن.
وشدد على ضرورة أن يقوم الطرفان (الحكومة اليمنية ومليشيات الحوثي) فورًا بإنشاء آلية رصد فعالة للإشراف على وقف إطلاق النار، وإعادة نشر القوات حسب المواصفات المتفق عليها.
وأشار غوتيريش إلى أنه في حين أن الحكومة اليمنية كانت على استعداد لدعم حركة قافلة إنسانية في 29 ديسمبر، وفتح طريق صنعاء-الحديدة، لم يكن الحوثيون على استعداد لذلك.
وعن انسحاب الحوثيين من ميناء الحديدة، قال الأمين العام للأمم المتحدة: "أبلغ ممثلو الحوثيين في اللجنة رئيس اللجنة (كاميرت) بتدابير إعادة نشر أُحادية الجانب اُتّخذت في ميناء الحديدة، ودعو الأمم المتحدة لفحص إعادة النشر".
وأضاف: "في حين رحب رئيس اللجنة بهذا الجهد، فقد شدد على أن أي عملية إعادة نشر لن تكون ذات مصداقية إذا لم تُجر وفقًا للطرائق المتفق عليها بين الطرفين، وإذا لم يتمكن كلا الطرفين والأمم المتحدة من رصد العملية والتأكد من أنها قد جرت وفقًا لاتفاق ستوكهولم".
وتابع غوتيريش أنّه خلال الفترة المشمولة بالتقرير، تواصلت الادعاءات المتبادلة بوقوع انتهاكات لوقف إطلاق النار، وكان الإبلاغ عن الحوادث أكثر شيوعًا في مناطق الخطوط الأمامية جنوبي مدينة الحديدة.
ونوَّه بأن 39 مراقبًا أمميًا إما أنهم داخل اليمن أو أنهم حصلوا على تأشيرات، وثمة 28 تأشيرة دخول قيد التجهيز حاليًا، في انتظار موافقة سلطات الحوثيين في صنعاء.
ولفت غوتيريش إلى أن الحوثيين لم يوافقوا على أية تأشيرات أو دخول لمعدات تابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك المركبات المصفحة ومعدات الاتصالات ومعدات الحماية الشخصية، في الوقت الذي أكد فيه إتاحة وصول فريق اللجنة دون عوائق إلى جميع أنحاء محافظة الحديدة.
وحث الأطراف على كفالة سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أنّ إدارة شؤون السلامة والأمن أبلغت المراقبين الدوليين بعدد متزايد من التهديدات الموجهة ضد اللجنة وضد موظفي الأمم المتحدة.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن تلك التهديدات المتزايدة شكلت شاغلًا متصاعدًا، وأنها ستعرقل عمل اللجنة وقدرة الأمم المتحدة على العمل بأمان وفعالية.
ونبَّه إلى أنّ العوائق البيروقراطية أمام إيصال المساعدات الإنسانية لا تزال قائمة، حيث طلبت السلطات في صنعاء إشعارًا مسبقًا مدته 72 ساعة لطلبات حركة الأمم المتحدة، بما في ذلك للحديدة.
الحكومة تستمر
ورغم اعتراف الأمين العام للأمم المتحدة بتعقُّد المشاورات وصعوبتها، تصر الحكومة اليمنية على المشاركة واستمرار التفاوض، إذ قال وزير الخارجية خالد اليماني إن تعثر تنفيذ اتفاق السويد يأتي لعدم انصياع الحوثيين لبنوده، متهمًا إياهم بالاستمرار في خرق وقف إطلاق النار، وتعزيز قواتهم، وحفر الخنادق في الحُديدة.
وأضاف وزير الخارجية أن التعثر في تنفيذ اتفاق الحديدة سينعكس على موقف الحكومة من المشاورات القادمة، داعيًا الأمم المتحدة إلى تسليم الحكومة آليات عمل لتنفيذ الاتفاق لدراستها وتحديد الموقف منها.
وأكد استعداد الحكومة للمشاركة في أي مشاورات سياسية تدعو لها الأمم المتحدة، بشرط تنفيذ اتفاق السويد، وهو ما يؤكد استمرار الحكومة في اللعب في فلك الحوثي والانصياع لرغبات المليشيات المخطط لها مسبقًا.
الاتفاق الوهمي
عقدت الأطراف اليمنية -برعاية الأمم المتحدة- الشهر الماضي جولة مشاورات في السويد، انتهت بالتوقيع على اتفاق ستوكهولم، حيث اتفق الطرفان على حلول لملفي الأسرى والحديدة، وتوصلا إلى تفاهمات حول ملف تعز.
ويشير اتفاق ستوكهولم إلى أنّ مسؤولية أمن مدينة وموانئ الحديدة تقع على عاتق القوات المحلية وفقًا للقانون اليمني.
وأثار تفسير هذه الفقرة خلافًا بين الحكومة اليمنية والحوثيين، حيث تقول الحكومة اليمنية إنّ القوات المعنية هي قوات الأمن والبحرية التي كانت في الميناء قبل سيطرة الحوثيين عليه، فيما تعتبر المليشيات أن القوات المعينة من قبلها هي القوات المحلية المُشار إليها في الاتفاق.
وعلى إثر ذلك، قام الحوثيون بتسليم الميناء لقوات موالية لهم أواخر الشهر الماضي، وأعادوا نشر قواتهم، لكن رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال باتريك كاميرت أعلن -فيما بعد- أن إعادة الانتشار في المحافظة لن تكون ذات مصداقية دون رقابة الأمم المتحدة.