هل تشهد الذكرى الثامنة للثورة التونسية بوادر انتفاضة جديدة ؟
الاثنين 14 يناير 2019 21:49:23
تزامناً مع حلول الذكرى الثامنة للثورة التونسية، التي اطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي 14 يناير عام 2011، تشهد الساحة السياسية بتونس توترات تعطي مؤشراً خطيراً يشبه أجواء 2011، والتي تنذر بإمكانية حدوث ثورة جديدة، لسيما بعد انتحار المصور الصحفي عبد الرزاق الزرقي، أضرم النار في نفسه احتجاجاً على سوء الأوضاع المعيشية، والتي تسبب في موجة غضب ومواجهات بين المواطنين والشرطة.
ونجحت الثورة التونسية منذ 8 سنوات مضت، في الإطاحة بالنظام السابق، و تحقيق عدد من المكاسب، بدءًا بحرية التعبير، والنجاح في تنظيم أربع استحقاقات انتخابية كبرى، أرست منظومة الحكم البرلماني المعدل، و انتخابات بلدية محلية نقلت الحكم تدريجيًا من المركز إلى البلديات.
لكن هذا النجاح السياسي ، رافقته صعوبات في مستوى الممارسة السياسية، ولم تتبعه إصلاحات هيكلية من الناحية الاقتصادية، ما جعل جل التونسيين يشعرون بعد 8 سنوات من مسار الثورة بخيبة أمل و إحباط يدفعان إلى إمكانية حدوث انفجار اجتماعي وشيك، وفق مراقبين.
من جانبه قال الخبير السياسي التونسي عبد العزيز بوشلاق، في تصريح خاص لـ"المشهد العربي"، إن عدم تجاوز خطاب رئيس الحكومة الأخير، مستوى التوصيف، دون الإشارة إلى حلول تطيح بالأمل لدى المواطنين، فضلا عن الإستمرار في انتهاج أسلوب التشتّت بين قوى المعارضة التقدّمية، زاد في تعميق نقمة المواطن على المشهد السياسي بكافة مكوّناته، حكومة ومعارضة.
وأكد بوشلاق، أن الخروج من الأزمة ليست في الإمعان في التّداين ولا في إثقال كاهل المواطن والمؤسّسات بالأداءات المتتالية ولا في الضّغط على نفقات الخدمات الإجتماعية (الصحة، النّقل، التّعليم)، بل في استرجاع أموال الدّولة من المتهرّبين وفي التّضامن بين فئات الشّعب”.
تراكم لسياسات خاطئة
و قال المحلل السياسي فريد العليبي، إن الأزمة في تونس تتفاقم بشكل لافت في ظل عجز الحكومات المتعاقبة عن حل مشاكلها ،مرجعًا ذلك إلى وجود تناقضات مستعصية بين رغبة المجتمع في تلبية مطالبه الاجتماعية في العدالة الاجتماعية والتنمية والتشغيل ، و تعلّل الدولة بفقدان الموارد المالية الكافية ، نتيجة تراكم سياسات خاطئة.
وأضاف العليبي أن وجود هذه المفارقة ، خلّف احتقانًا كبيرًا لدى أبناء الشعب التونسي، وهو ما قد يدفع بالأوضاع إلى الانفجار في نهاية المطاف.
وأوضح العليبي أنّ الاحتجاجات في تونس لا تكاد تتوقف، وهي في رأيه ، تتخذ في بعض الحالات بعدًا محليًا وفي أحيان أخرى بعدًا وطنيًا.
وأشار إلى أن من يتابع ما يجري في الجهات المحرومة مثل مدن “المكناسي” و”منزل بوزيان” و”تالة” و”جبنيانة” ، من غضب شعبي ، يمكنه أن يتوقّع أن انتفاضة عارمة تلوح في الأفق قد تشهدها البلاد خلال الفترة المقبلة.
وشدّد العليبي على أن الإضراب العام الذي ينوي الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، تنفيذه احتجاجًا على تدهور المقدرة الشرائية ،يوم 17 كانون الثاني / يناير الجاري، من شأنه أن يعجل بحدوث انتفاضة جديدة، وفق تقديره .
وتعاني تونس ، من أزمة اقتصادية ، منذ ثورة 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، مع ارتفاع التضخم لمستويات قياسية وتفاقم البطالة.
غضب شعبي
ومن جانبه، أكد النائب المؤسس في المجلس التأسيسي التونسي سابقًا وأستاذ القانون العام رابح الخرايفي، أن الوعود السياسية التي أطلقتها بعض الأحزاب منذ انتفاضة 2011 لم تتحقق، ما خلف غضبًا لدى مختلف طبقات الشعب في تونس.
وأشار الخرايفي إلى أن فئات كبيرة لم تعد تثق في الحكومات والسياسيين الذين يتحكمون في المشهد منذ سنوات، معتبرًا أن الشعب هو من سيعاقب السياسيين عبر صناديق الاقتراع.
وتوقّع الخرايفي أن يكون هاجس السياسيين الرئيسي لسنة 2019، هو الاستحقاق الانتخابي القادم.
وكشف رابح الخرايفي ” أن الصراع السياسي سيكون محمومًا بين مختلف الفرقاء السياسيين خلال الانتخابات المنتظرة .”
ضعف الإمكانيات
من جانبه، قال الناشط السياسي ورئيس حزب تونس بيتنا ، فتحي الورفلي ، في تصريح، إنه ” رغم مرور 8 سنوات على الانتفاضة التي أسقطت نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن على ، إلا أنّ البلاد ما زالت تتخبط في جملة من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وعلى رأسها مشكلة البطالة وارتفاع عدد العاطلين عن العمل”.
وتواجه الحكومة التونسية الحالية، انتقادات متصاعدة من قبل عدد من الأحزاب والمنظمات والاتحاد العام التونسي للشغل، على خلفية الأزمات المتصاعدة في عدة قطاعات.
وأضاف الورفلي أن “ضعف الإمكانيات المالية لمجابهة مصاريف الدولة تسبب في تعدد الأزمات الاجتماعية” ، مشيرًا إلى “وجود مشاكل على مستوى تسيير دواليب الدولة ساهمت في تعميق الأزمات التي تمر بها البلاد منذ سنة 2011 ” وفق تعبيره.
من جهته، أكد الكاتب الصحفي ،رئيس تحرير موقع صحيفة الحرية التونسية، مخلص الكعوبي “أنه ورغم مرور 8 سنوات على الثورة ، إلا أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في تونس مضطربة وغير مستقرة مع تصاعد المخاوف بين الفينة والأخرى من حصول عمليات إرهابية توتر الوضع العام، أو من نشوب احتجاجات شعبية بالمناطق الداخلية”.
وأضاف الكعوبي في حديثة لـ “إرم نيوز” أن تونس في حاجة للتنمية والتشغيل والصحة ولحق السكن والعيش الكريم مشيرًا إلى أن الهدوء الحالي في البلاد، لا يمكن اعتباره استقرارًا بل إنّ الأوضاع قد تتجه نحو الأسوأ” .