تفاصيل حرب أردوغان الرخيصة على نجوم الفن بتركيا تقرير
الثلاثاء 15 يناير 2019 15:08:00
لم تقتصر آلة القمع التي يقودها زعيم الدكتاتورية التركية رجب طيب أردوغان، على السياسيين والمعارضين، إذا طالت مؤخرًا الفنانين أيضًا، وفقًا لتقرير إخباري.
وذكر تقرير موقع “دويتشه فيله” الألماني، أن أردوغان يقمع الفنانين ويرفض بشدة أي انتقادات يوجهونها له.
وقال التقرير: “يبدو أن أحدث عداء لفظي يدخل فيه الرئيس التركي كان مضحكًا، فقد اقترح نجم السينما راتكاي عزيز (72 عامًا) على أردوغان أن يحاول الاستماع إلى موسيقى موزارت وبيتهوفن، فربما تقدم له بعض الفائدة”.
وكتب الصحفي يلمظ أوزديل في صحيفة “سوزي” اليومية: “لو كان أردوغان تناول كأس بيرة واحدة فقط لأصبح الوضع في تركيا أفضل بكثير اليوم”.
لكن كان رد أردوغان على هذه التعليقات، أمام مندوبي حزب العدالة والتنمية يوم الثلاثاء، قائلًا: “إجبار رئيس موقفه واضح من شرب البيرة أو الاستماع إلى موزارت، يعتبر مثالًا للفاشية”.
مثال للفاشية
وجاء رد عزيز على تصريح أردوغان من خلال قناة “Arti” التركية، التي تتخذ من كولونيا بألمانيا مقرًا لها، وقال إنه “لم يقدم قط نصيحة إلى أردوغان، وكل ما في الأمر أنه قيل لي إن أردوغان سيحضر حفلة موسيقية لعازف البيانو الشهير فايل ساي، فأجبت بأن هذه فكرة جيدة للغاية، سيتمكن من الاستماع إلى موزارت وبيتهوفن وستقدم له بعض الفائدة”.
وتعجب عزيز من وصف أردوغان له بأنه فاشي، قائلًا: “من المستحيل فهم ما الذي تعنيه الفاشية في هذه الحالة، هل أنا فاشي؟ هل موزارت فاشي؟ إذا كان هذا هو الحال فأنا أقف بجانب موزارت باسم الإنسانية”.
وأضاف: “وضعت هذه المسألة وراء ظهري ولا أرغب في تقديم أي تعليقات أخرى”.
إهانة وتحريض
وأصبحت دنيز جكير، الممثلة التي تظهر بانتظام في مسلسل تلفزيوني، هدفًا لغضب أردوغان بعد دخولها في معركة كلامية مع نساء يرتدين الحجاب، وهي قصة التقطتها الصحف القريبة من الحكومة.
واقال أردوغان إن جكير “تدعو النساء اللواتي يرتدين الحجاب للرحيل إلى السعودية، وهذا ليس سوى فاشية تامة”.
وبدأ مكتب المدعي العام الآن في إجراء تحقيق ضد دنيز جكير في اتهامات بـ”التشهير”.
وقد يكون ما حدث بالفعل مختلفًا تمامًا عما قاله أردوغان والمدعي العام فقد كتبت جكير على تويتر: “ما ذُكر في العلن ليس صحيحًا”.
وفي الأسبوع الماضي تعرض المشهد الثقافي التركي لهجوم كبير، عبر ما تعرض له مجدت غيزين (76 سنة)، ومتين أكبينار (78 سنة)، وهما من كبار الممثلين في البلاد، وتحظى أفلامهما ومسرحياتهما بتقدير المحافظين والتقدميين على حد سواء، وينأى كل منهما بنفسه عن سياسات الحكومة الحالية.
وظهر الممثلان في قناة تلفزيونية مقربة من المعارضة، ووجها انتقادات للرئيس أردوغان، وفي وقت لاحق وصفهم الأخير بأنهما “فنانان مبتدئان”.
مزيد من الديمقراطية
ولم يتعرض كل من غيزين وأكبينار للسخرية من الرئيس فقط، بل تم إجراء تحقيق رسمي ضدهما بتهمة “التشهير بالرئيس، والتحريض على التمرد والقتل”.
وبعد الاستجواب تم الإفراج عنهما لكن لا يسمح لهما بمغادرة تركيا، وتمت مصادرة جوازات سفرهما.
وكان أكبينار قال في برنامج تلفزيوني إن “الطريقة الوحيدة للتغلب على الاستقطاب والفوضى هي الديمقراطية وإذا لم ننجح فقد نرى الأشياء نفسها التي تحدث في كل أنواع الفاشية، حتى أن زعيم العصابة قد يتم تعليقه من إحدى ساقيه أو يتم تسميمه في زنزانة”.
وبالمثل، لم يدعو غيزين أيضًا إلى ثورة لكنه انتقد أردوغان، وقال إنه “يوبخ الجميع، ويخبرهم بأن يعرفوا حدودهم وأنا أقول لك يا أردوغان إنه لا يمكنك التشكيك في حبنا لوطننا، واعرف حدودك”.
وقال الناقد المسرحي أتيلا دورسي إنه “في كل الدول الديمقراطية يحترم كل من الحكومة والمجتمع المدني دور الفنانين، والأنظمة الديكتاتورية هي فقط التي تحاول قمعهم”.
وأضاف أن “الفنانين الذين ينتقدون الحكومة حتى ولو قليلًا يتعرضون للإدانة في المحاكم وللسجن، هذا هو الواقع المحزن لتركيا”.
أردوغان يستفيد من الاستقطاب
ويوجه أردوغان عداء متزايدًا ضد الشخصيات الثقافية والفنية على الرغم من حقيقة أن البلاد تمر بأوقات عصيبة سياسيًا واقتصاديًا.
ويرى غلفيم سيدان سانفر، الحائز على جائزة Pollie التي تقدمها الرابطة الأمريكية للاستشاريين السياسيين، أن ذلك يتعلق بالانتخابات المحلية القادمة.
وأوضح سانفير أن أردوغان حاول باستمرار خلال الحملات الانتخابية السابقة وضع نفسه في بؤرة كل نقاش.
وأضاف: “إذا نظرنا إلى نتيجة الانتخابات الأخيرة فإننا نرى أن أردوغان يستفيد من الاستقطاب الذي يثيره في المجتمع، وتوجيه اتهامات علنية لهؤلاء الفنانين هو جزء من هذه الاستراتيجية”.
ويخلق أردوغان انطباعًا بأن دوائر المجتمع المحافظة مهددة وهذا الأمر يرجع إلى أنه يحاول تعزيز جمهور ناخبيه، وأنه يمنع المعارضة من نقل رسائلها إلى الناس، بحسب مراقبين.
وقال سانفر: “وإضافة إلى ذلك، يريد أردوغان صرف النظر عن تداعيات الأزمة الاقتصادية. إنه يدرك جيدًا أن مناخ الخوف في مصلحة الحكومة الحالية، لأن المجتمع الذي يعيش في خوف سيدعم دومًا النظام الحالي. إن الكلمات القاسية الموجهة للفنانين وإجراء تحقيقات ضدهم ترسل الرسالة التي تقول إن انتقاد الحكومة له ثمن باهظ”.