إيران و حزب الله .. أسباب الغياب العربي عن القمة الاقتصادية ببيروت
يرتكز تدخل الجمهورية الإيرانية في شؤون الدول العربية على ثلاثة عوامل أساسية، أولها دعم مجموعات خارجة على القانون موالية لطهران مالياً وسياسياً، وثانيها تمويل الجماعات المتطرفة من كل الفئات والمشارب لأجل تزكية منطق الصراع المذهبي، وتوتير الأوضاع الأمنية في الدول العربية، وثالثها الارتكاز على الدخول الإعلامي أو الاجتياح الإعلامي للدول العربية من خلال دعم وسائل إعلام عديدة تنطق باسم طهران، ضمن وظيفة بروباجندية واسعة، لا مهمة لها سوى تسويق انتصارات وهمية للنظام الإيراني.
حيث احتدم الجدل السياسي في لبنان على خلفية انعقاد القمة العربية الاقتصادية في دورتها الرابعة، اليوم الأحد ببيروت، ومستوى التمثيل المتدني للوفود، وغياب الغالبية الساحقة من الزعماء العرب واعتذارهم عن الحضور.
فبعد توالي الاعتذارات من جانب زعماء دول عربية كانوا قد أكدوا حضورهم لأعمال القمة باستثناء الرئيس الموريتاني، اعتبر متابعون أن الاشتباك السياسي الداخلي وتصفية الحسابات بين القوى السياسية اللبنانية أديا الى "إفشال" قمة بيروت قبل انعقادها.
من جانبه قال الخبير في الشأن العربي أنور طلبة، في تصريح خاص لـ"المشهد العربي"، أن القمة العربية الاقتصادية ببيروت ستشهد تمثيلا عربيا وخليجيا هزيلا لا يتجاوز إيفاد كل دولة لوزير اقتصادها أومندوبها لدى جامعة الدول العربية أو وزير خارجيتها.
وأضاف طلبة، "باستثناء قطر من المتوقع ألا تشارك أيا من دول الخليج في القمة بأي ممثلين، وتكتف بممثليها لدى جامعة الدول العربية، مفسرا بأن الحكومة الموجودة في لبنان في الوقت الحالي مؤقتة، وتشكيل البرلمان غالبيته مؤيد لإيران، ومن ثم فبحسب طلبة من الصعب أن يشارك ملوك وأمراء الخليج فيها، لأن ذلك سيعبر عن رضاهم عن الوضع في لبنان وهذا مخالف للواقع".
وتابع أنه على الرغم من أهمية القمة الاقتصادية للبنان، ولغالبية الدول العربية خصوصا في ظل الأزمات الاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها جميع الدول العربية، باستثناء دول الخليج، "إلا أن لبنان أفسدتها قبل أن تبدأ"، موضحا أن "لبنان من خلال حركة أمل اختلقت أزمة لعدم مشاركة ليبيا في القمة العربية بسبب قضية موسى الصدر، للتغطية على رغبة القوى السياسية في لبنان لحضور الرئيس السوري بشار الأسد للقمة".
وبحسب مصادر سياسية، فإن قيام عناصر من حركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان، نبيه بري، بحرق العلم الليبي والخروج بتظاهرات وتحركات في الشارع وُصفت بـ"البلطجة"، وما نتج عنها من إلغاء ليبيا مشاركتها في أعمال القمة، عوامل أدت إلى خفض مستوى التمثيل العربي احتجاجا على المظاهر المسيئة ضد دولة عربية.
واعتبر وزير الاقتصاد، رائد خوري، المحسوب على التيار الوطني الحر، أن "المشهد اللبناني الأسبوع الماضي دل على انقسام في الرأي السياسي وأضر بمصلحة لبنان واقتصاده، وأثر بالتالي على مستوى تمثيل الدول"، مشيرا إلى "أن السبب الثاني هو أن هذه القمة اقتصادية".
ويتهم نواب ومسؤولون في التيار الوطني الحر بري وسياسيين آخرين بتعمد إفشال قمة بيروت، للتشويش على عهد رئيس الجمهورية ميشال عون.
وكان نواب بري طالبوا الجهة المنظمة للقمة بتأجيلها إلى حين تأليف حكومة جديدة، بعدما اعترضوا على عدم دعوة سوريا للمشاركة في أعمالها، وعلى مشاركة ليبية مفترضة.
ويرى آخرون إن اداء وزارة الخارجية اللبنانية، التي يمثلها رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، وطريقة تعاطيه مع القضايا العربية، أوصلت إلى قمة هزيلة من دون رؤساء.
وفي ما اتهم النائب السابق وليد جنبلاط "القوى الظلامية" بتعطيل قمة بيروت، يشير النائب السابق فارس سعيد إلى أن "لبنان تحت الاحتلال الإيراني، وأن طهران نجحت في تدمير القمة العربية في بيروت"، معتبرا أن "فشل القمة هو انتصار لحزب الله".
ولفت معارضون لميليشيات حزب الله إلى أن "حلفاء إيران يبعدون لبنان عن الحضن العربي يوميا عبر سياساتهم وعبر تصفية حساباتهم على أرض لبنان، وإفشال قمة بيروت يأتي في هذا السياق، ليؤكد عمق الأزمة وحجم النفوذ الإيراني في البلاد".
وفي سياق متصل غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط عبر "تويتر" متناولا القمة الاقتصادية في بيروت بنوع من السخرية والخيبة، معتبرا أنها "عطلت من قبل قوى ظلامية وضبابية".
وأكد جنبلاط أن بيروت تبقى عاصمة الأمل والتحدي والفرح.
كما نقلت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية عن مصادر مطلعة استياء واستغراب الرئيس ميشال عون لسلسلة الاعتذارات المقدمة من الملوك والرؤساء والأمراء العرب عن حضورهم القمة الاقتصادية في بيروت.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها قول الرئيس عون: "لبنان قدم كل ما طلب منه لتكون قمة مميزة، على الرغم مما حصل فإن القمة ستعقد في بيروت بمن حضر وفي موعدها"، متمنيا "أن تحقق الأهداف التي رسمت لها".
وكان قادة ليبيا وتونس وفلسطين والكويت وغيرها قد اعتذروا عن حضور القمة الاقتصادية في بيروت لأسباب غير معلنة.
كما أشارت الصحيفة إلى أن أسباب الاعتذارات من الدول العربية ولاسيما الخليجية، جاءت لاعتبار أن لبنان في المحور السوري الإيراني، ونتيجة مخاوف أمنية.