«المليشيات التي لا تستحي».. رصاص الحوثي يطال الأمم المتحدة
الأربعاء 30 يناير 2019 20:31:23
رأي المشهد العربي
«خروقات وانتهاكات».. شعارٌ يغطي كل ممارسات ميلشيا الحوثي الانقلابية سواء قبل توقيع اتفاق السويد في ديسمبر الماضي أو بعده، في تأكيد على الدور التخريبي في اليمن وزيادة معاناة المدنيين ولهثهم بشكل دائم نحو إبعاد أي أفق تجاه أي حل سياسي في البلاد.
تواصل المليشيات تعنّتها بخرق الهدنة الأممية لوقف إطلاق النار في الحديدة واستهداف الممتلكات العامة والخاصة والأحياء السكنية بمختلف أنواع الأسلحة والقذائف مخلفة دماراً واسعاً بالبنى التحتية والمساكن العامة وموقعة ضحايا وسط المدنيين بالمئات.
أمس الثلاثاء، كان اليمن على موعدٍ مع جريمة حوثية جديدة، حيث هاجمت المليشيات ضباط الارتباط التابعين للأمم المتحدة وللجانب الحكومي، والفريق الهندسي المكلف بمسح ونزع الألغام لتأمين الطريق بوابل من النيران، ومنعوا وصول فريقٌ أممي برئاسة الجنرال باتريك كاميرت إلى مطاحن البحر الأحمر في مدينة الحديدة.
الحكومة على لسان الناطق باسمها أعلنت تفاصيل ما حدث، قائلًا إنّ الضباط الحكوميين تحركوا في الساعة الثامنة صباحاً إلى مطاحن البحر الأحمر ومنها إلى خطوط التماس في منطقة كيلو 13 في تمام الساعة التاسعة صباحاً مع ضباط الارتباط التابعين للأمم المتحدة والإعلاميين والفريق الهندسي المكلف بمسح ونزع الألغام لتأمين الطريق وتم تصفية شبكات الألغام من قوس النصر الى قريب خط التماس.
وأضاف أنّ الفريق فوجئ بنيران كثيفة تهطل عليهم من قِبل المليشيات الحوثية، رغم أنّه قد تم التنسيق مسبقاً مع مندوب الأمم المتحدة الذي بدوره أخبر الفريق بأنّ الحوثيين وعدوه بوقف إطلاق النار ونزع الألغام، مشيراً إلى أنّ ضابط الارتباط انتظر دخول مندوب الأمم المتحدة إلى مطاحن البحر الأحمر، لكن المليشيات رفضت السماح بفتح الطريق، وفي وقت لاحق أبلغ مندوب الأمم المتحدة الجانب الحكومي بعد انتظار طويل أنّ الحوثيين منعوهم من الوصول إلى المطاحن، وطلب منهم العودة حتى إشعار آخر.
هذا الهجوم جاء بعد أيام من قصف مليشيا الحوثي لمطاحن وصوامع البحر الأحمر في الحديدة بقذائف الهاون والهاوزر، ما أدّى إلى احتراقه بالكامل وتضرر أجزاء أخرى من الصوامع مخلفة أضراراً مادية بالغة، يوم السبت الماضي.
وكان الهدف من القصف منع زيارة كانت مقررة لهيئة الأمم المتحدة للمطاحن وعرقلة اتفاق تسهيل توزيع المواد الإغاثية لصنعاء والشريط الساحلي، في إطار تعنت وفد الحوثي في اللجنة المشتركة ورفضه فتح طرق آمنة وإزالة الألغام لتسيير الإمدادات الغذائية والإغاثية.
انتهاكات لا تتوقف
لا تتوقف مليشيا الحوثية عن ارتكاب الجرائم في حق الشعب اليمني من خلال تصعيد العمل العسكري والقضاء على آمال الحل السياسي، وقد وثّقت تقارير حقوقية أنّ الانقلابيين ارتبكوا 3115 حالة انتهاك ضد حقوق الإنسان في صنعاء فقط خلال العام الماضي.
وتوزّعت انتهاكات المليشيا على عشر مديريات، تصدرتها مديرية السبعين بــ529 انتهاكاً، كما رصد ارتكاب الحوثيين 59 حالة قتل، وأكثر من 380 حالة اختطاف مدنيين، وأكثر من 700 حالة إقصاء وظيفي، فضلاً عن اختطاف 32 امرأة ومُسنَين اثنين، كما تعرض أكثر من 140 مختطفاً للتعذيب، توفي منهم سبعة تحت التعذيب، بينما لا يزال مصير 28 آخرين مجهولاً.
في سياق متصل، كشف تحقيقٌ استقصائى أجراه فريق تابع لبرنامج الأغذية العالمي أنّ مليشيا الحوثي سرقت 60% من المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، واصفًا هذه الممارسات بـ"سرقة الغذاء من أفواه الجوعى".
وفي ديسمبر الماضي، قدّر تحالف حقوقي يمني وجود أكثر من 18 ألف معتقل ومختطف في السجون السرية للمليشيات الحوثية، داعياً إلى تركيز المشاورات الجارية في السويد بين وفدي الحكومة والجماعة الانقلابية على الأوضاع الإنسانية.
وفي الشهر نفسه، وثّقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" انتهاكات خطيرة تمارسها المليشيات في المعتقلات، وقالت إنّها رصدت 16 حالة احتجز فيها الحوثيون أشخاصًا بطريقة غير قانونية، وأنّ معاملة الحوثيين للمحتجزين قاسية ولا تخلو من التعذيب.
الكشف عن الانتهاكات الحوثية تصاعد كثيرًا في الأيام الأخيرة من خلال تقارير محلية وإقليمية ودولية، في وقتٍ كانت تعلق فيه الآمال على حل سياسي يُولد من رحم اتفاق ستوكهولم الذي وقّع في 13 ديسمبر الماضي، وتضمّن بنوداً على الوضع في الحديدة، منها إعادة انتشار للقوات من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ، وإزالة جميع المظاهر العسكرية المسلحة في المدينة، إنشاء لجنة تنسيق إعادة انتشار مشتركة ومتفق عليها برئاسة الأمم المتحدة، وتضم على سبيل المثال لا الحصر أعضاء من الطرفين، لمراقبة وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار.
لكنّ الجماعة الانقلابية تورّطت بكثيرٍ من الانتهاكات وخرقت هذا الاتفاق، ومنها قصف مطاحن البحر الأحمر بقذائف الهاون، ما أدى إلى نشوب حريق في الصوامع وإتلاف أطنان من القمح المخصص لمساعدة الشعب اليمني، الجمعة الماضية، وقادت هذه الجرائم ضد المدنيين إلى تحذيرٍ صدر عن الحكومة بشأن انهيار هذا الاتفاق، وضرورة إلزام الحوثيين به.
وفي الفترة من 18 ديسمبر الماضي حتى 19 يناير الجاري، أي خلال شهر تقريبًا بُعيد الاتفاق، تسبّبت خروقات الحوثي في استشهاد 48 يمنيًّا وإصابة 362 آخرين.
وحتى أمس الأول الأحد، ارتكب الحوثيون 745 خرقًا لهدنة وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها بموجب اتفاق ستوكهولم، وظهرت نداءات كثيرة تطالب الأمم المتحدة بالضغط على الانقلابيين للتوقف عن هذه الجرائم.
في هذا السياق، صرح وزير الخارجية خالد اليماني، بإنّ مليشيا الحوثى مستمرة فى خرق وقف إطلاق النار، وتعزيز قواتها وحفر الخنادق فى الحديدة، مؤكدًا أنّ تعثر تنفيذ اتفاق السويد يرجع إلى عدم انصياع الحوثيين لبنوده، لافتًا إلى أنّ صبر القوات المشتركة على خروق الحوثيين سينفد، وهذا يهدد اتفاق السويد.
كما أحدثت هذه الخروقات الحوثية ردود أفعال غاضبة على الصعيد العربي، إذ ندّدت الحكومة السعودية بما تقوم به المليشيات من "تلكؤ والتفاف على اتفاقات ستوكهولم والاستمرار فى نقض كل المواثيق والعهود، فى تحد صارخ وصريح للمجتمع الدولي".
وأيضًا، صرح وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية أنور قرقاش - في وقتٍ سابق من يناير الجاري - بأنّ "التطورات حول الحديدة تشير إلى أنّ لا نية للحوثى باحترام التزاماته الإنسانية والسياسية فى السويد، آن الأوان للعديد من المنظمات غير الحكومية والرأى العام الدولى أن يضغط على المعطّل الحقيقى للحل السياسى فى اليمن".
ويمكن القول إنّ الحوثيين انقلبوا على هذه المرحلة من مباحثات السلام، وأعلنوا صراحةً رفضهم لجهود الأمم المتحدة ممثلةً في مبعوثها الرسمي مارتن جريفيث، ولجنتها الخاصة المعنية بتنفيذ اتفاق الحديدة.
وفي تحريض دموي يلقي بالجرائم التي ترتكبها هذه المليشيا، هاجم القيادي الحوثي حسن زيد اللجنة الأممية وطالب بطرد رئيسها باتريك كاميرت، وقد أعقب ذلك حملة هجوم كبيرة ضد "الأخير"، كما طالب "زيد" في نفس الوقت إلى إحراق مدينة الحديدة وإغراقها في الدماء، وهو تصريح يؤكد النوايا السيئة لهذه المليشيات ومن ورائها إيران في النيل من اليمن وشعبه.