الخروقات والاتفاق.. جرائم حوثية أنهكت فرص الحل السياسي
الخميس 31 يناير 2019 20:03:00
رأي المشهد العربي
في الوقت الذي علّقت فيه الآمال على اتفاق السويد والتوصّل لحل سياسي ينهي الأزمة اليمنية، اختارت مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران الحل الأكثر كلفةً والذي يدفع المدنيون ثمنه الباهظ، وهو التصعيد العسكري.
منذ توقيع الاتفاق في 13 ديسمبر الماضي، خرقت المليشيات الحوثية وقف إطلاق النار مئات المرات، وتسبّبت في مقتل عشرات اليميين، في انتهاكٍ واضح لحق اليمن في الاستقرار، وحق شعبه في حياة آمنة مستقرة، كما أسفرت هذه الانتهاكات عن شهداء كثر في صفوف اليمنيين، فضلًا عن تدمير الممتلكات الخاصة والعامة.
الكشف عن الخروقات جاء في سياق تصريحات للمتحدث باسم التحالف العربي العقيد الركن تركى المالكى، عندما أعلن أنّ قيادة القوات المشتركة نفذت أمس الأربعاء عملية استهداف نوعية لعدد من المعسكرات لتواجد المقاتلين الحوثيين ومخازن للأسلحة تتبع للمليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران.
المالكي أوضح أنّ عملية الاستهداف توافقت مع القانون الدولي الإنساني ومبادئه العرفية، وذلك بعد اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والوقائية، حيث قامت المليشيات باتخاذ هذه الأماكن كمعسكرات لتجهيز المقاتلين وتسلحيهم والدفع بهم لمحافظة الحديدة.
كما أشار إلى أنّ عملية الاستهداف لا تتعارض مع نصوص اتفاق السويد، لافتًا إلى استمرار الاختراقات الحوثية المتعمدة لوقف إطلاق النار بالحديدة وتعنتها برفض نزع الألغام والعبوات الناسفة من الطرق الرئيسية لتسهيل تحرك القوافل الإغاثية وتعطيل عمل المنظمات الإغاثية الأممية والغير حكومية، واستمرار عملياتها العدائية والإرهابية بتهديد طرق الملاحة البحرية والتجارة العالمية من خلال نشر الألغام البحرية الطافية بطرق المواصلات البحرية، وكذلك اطلاق الزوارق المفخخة والمسيّرة عن بعد باتخاذ شواطئ محافظة الحديدة وأماكن أخرى معلومة لدى التحالف كنقاط لانطلاق هذه العمليات العدائية والإرهابية.
ونصّ اتفاق الأطراف اليمنية في مباحثات ستوكهولم على وقف فوري لإطلاق النار في مدينة الحديدة وموانئها والصليف ورأس عيسى، وإعادة انتشار مشترك للقوات هناك إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة، والالتزام بعدم استقدام أي تعزيزات عسكرية إلى محافظة ومدينة الحديدة وإزالة جميع المظاهر العسكرية والمسلحة منها، وأن يُقدم رئيس لجنة التنسيق تقارير أسبوعية من خلال الأمين العام لمجلس الأمن حول تنفيذه.
وتجسّد خرق الاتفاق من خلال إجراءات شكلية لتسليم ميناء الحديدة، حيث قامت مليشيات حوثية ترتدي ملابس مدنية بتسليم الميناء لعناصر أخرى تتبعها بملابس قوات أمنية، في استخفاف بالأمم المتحدة لجنته التي ترأسها الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كاميرت.
وفي 24 ديسمبر الماضي، أعلن التحالف العربي أنّ الحوثيين يواصلون اختراق اتفاق السويد، وبلغ عدد الانتهاكات حتى ذلك اليوم 138 انتهاكًا، وقال "المتحدث" - آنذاك - إنّ الانتهاكات طالت الجيش الوطني والمقاومة الشعبية باستخدام مجموعة متنوعة من الأسلحة من جانب المليشيات.
وأكّد استمرار منح التصاريح عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية لنقل الركاب والمواد الغذائية والمشتقات النفطية والأدوية وغيرها، وقال إنّ عدد السفن في مناطق الانتظار بالموانئ اليمنية بلغ 22 سفينة.
"تعز" هي الأخرى تدفع يوميًّا ضريبة خروقات وانتهاكات المليشيات، فكثيرًا ما يُعلن سقوط ضحايا جرّاء هجمات حوثية تُستخدم فيها قذائف هاون ورصاص قناصة، وآخرها مقتل طالب وإصابة طالبة في قصف مدفعي للمليشيات على إحدى مدارس قرى مديرية الصلو جنوب شرق المحافظة.
وكشف مصدرٌ محلي أنّ قذيفة مدفعية أطلقتها المليشيات من مواقع تمركزها في مديرية خدير، سقطت على مدرسة مؤقتة في القرية.
قبل هذا الهجوم، كانت المليشيات قد قصفت بمضادات الطيران الأحياء السكنية في الروضة وعصيفرة وحي عمار بن ياسر، وسط المدينة.
وبات من الواضح أنّ المليشيات تخرق هذا الاتفاق في محاولة لفرض سيطرةٍ على الأرض، فتقول صحيفة الاتحاد الإماراتية إنّ مليشيا الحوثي تعلم أنّ تنفيذ اتفاق السويد سيُضعفها كثيرًا وسيضعها في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، وسيُفقدها مصداقيتها الشرعية التي تزعمها، وكذلك نفوذها على الموانئ التي تشكل شريان الإمداد الإيراني لها من السلاح والدعم المادي، ولذلك تسعى لمزيدٍ من الخروقات لإفشال الاتفاق، فعلى مدى شهر كامل منذ توقيع اتفاق السويد، ومليشيا الحوثي الانقلابية لا تتوقف عن خرق الاتفاق، إذ بلغ عدد خروقاتها للهدنة 688 خرقًا أدت إلى مقتل 48 مواطناً يمنياً، وإصابة 362 آخرين".
وتهدف المليشيا من خلال هذه الخروقات المتزايدة - إلى استفزاز قوات الجيش والتحالف العربي؛ لإشعال القتال من جديد بعد أن أخذت فترة راحة وإعداد أثناء الهدنة ومباحثات الاتفاق، وذلك في تعمدٍ واضح منها لإفشال اتفاق ستوكهولم، الأمر الذى دعا الحكومة والتحالف العربي إلى مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ الخطوات اللازمة والجدية للضغط على مليشيا الحوثي الانقلابية، لتتوقف فورًا عن هذه الانتهاكات والخروقات، والالتزام بالاتفاق الذي تقوده الأمم المتحدة بخصوص الحديدة.
ولا شكّ أنّ استمرار الخروقات الحوثية يؤدي إلى انهيار الاتفاق الذي علقت عليه الكثير من الآمال، فيما تضطر الحكومة والتحالف للتدخل ردًا على هذه الانتهاكات، وفي نفس الوقت تلتزم بضبط النفس من أجل إتاحة الفرصة أمام حل سياسي يجنّب اليمنيين ويلات استمرار الأزمة.