بحلول السبت الـ12.. السترات الصفراء تشهد تصعيدات جديدة (تقرير خاص)
دخلت تظاهرات "السترات الصفراء" بالعاصمة الفرنسية باريس، السبت الثاني عشر على التوالي، والتي دعت لها المعارضة هذه المرة ضد عنف الشرطة بينما يتوقع أن تحصل تجمعات أخرى في كل أنحاء فرنسا.
وبالتزامن مع الجدل القائم في فرنسا بشأن استخدام قاذف الكرات الدفاعية، حيث قرر مجلس الدولة، أعلى هيئة للقضاء الإداري في فرنسا، السماح بمواصلة استخدام قاذف الكرات الدفاعية في التظاهرات، ما أثار غضب المتظاهرين واتفق المحتجون الذين بدأوا تحركاتهم أساسا ضد السياسة الاجتماعية والضريبية للحكومة على تنظيم "مسيرة كبرى للجرحى" في العاصمة الفرنسية لحظر قاذف الكرات الدفاعية والقنابل المسيلة للدموع.
وكُتِب في دعوات أطلقت على فيس بوك أن المتظاهرين مدعوون من أجل "وضع حد للقوة المفرطة التي تستخدمها الحكومة لإسكات الاحتجاج"، وإلى أن يجلبوا "ضمادات للعين وغيرها وتلطيخ ستراتهم الصفراء بالأحمر"، في إشارة إلى الدم.
وينوي المتظاهرون في باريس وليون ومونبيلييه خصوصًا، إدانة اللجوء إلى قاذف الكرات الدفاعية، الرصاص غير القاتل الذي استخدم أكثر من 9200 مرة منذ بدء الحركة الاحتجاجية والمتهم بالتسبب بجروح خطيرة بما في ذلك لأحد قادة "السترات الصفراء" جيروم رودريغ.
وقال ناشطون "لنجردهم من السلاح"، عشرون شخصًا أصيبوا بجروح خطيرة في العين منذ 17 تشرين الثاني/نوفمبر. وتُجري إدارة الشرطة 116 تحقيقًا بهذا الشأن، يتعلق عشرة منها بجروح خطيرة في العين، حسبما ذكر مصدر في الشرطة.
يُذكر أنه في المجموع، أحصت السلطات أكثر من 1900 جريح من المتظاهرين وأكثر من 1200 من أفراد قوات الأمن.
وفي مواجهة حوارية، اعترف وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير الجمعة بأن هذا السلاح يمكن أن "يجرح" ووعد بمعاقبة "التجاوزات"، لكنه دافع عن استخدامه "لمواجهة مثيري الشغب".
ولا يمكن التكهن بحجم تجمعات السبت الثاني عشر بعد مشاركة 69 ألف محتج السبت الماضي و84 ألفًا السبت الذي سبقه، حسب أرقام وزارة الداخلية. لكن المتظاهرين يحتجون باستمرار على هذه الأرقام ويتهمون وزارة الداخلية بالتقليل من حجم التعبئة.
من جانبه توقع الخبير السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أشرف طلبة، في تصريحاته الخاصة لـ"المشهد العربي"، أن تستمر الاحتجاجات في فرنسا بدرجة أو بأخرى، واصفًا إسلوب الرئيس "ماكرون" في التعامل معها بأن لها طابع فني، وأن الأزمة التي تمر بها فرنسا أزمة سياسية، إذ لم تعد الديمقراطية الليبرالية في فرنسا قادرة على استيعاب المطالب الجماهيرية في الحفاظ على مستويات حياتها، ووصف "ماكرون" بأنه لم يعد مؤهلًا للترشح مرة أخرى، إلا أنه أضاف أنه بإمكان الرئيس الفرنسي خلق توازن لتحمل أعباء السياسات الإصلاحية، حتى لا يتحملها الفقراء.
وعن العلاقات الفرنسية الأمريكية، توقع "طلبة" أن تبقى أسباب التوتر بين الدولتين، واصفًا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه المصدر الرئيسي للتوتر.
وفيما يخص القرار الأمريكي بالانسحاب من روسيا، نفى "طلبة" قدرة فرنسا على تعويض الدور الأمريكي في سوريا، نظرًا لضعف الإمكانيات العسكرية والاقتصادية بالمقارنة مع "واشنطن"، واصفًا الدور الفرنسي في سوريا بأنه "غير حاسم".
وفي 26 يناير/ كانون الثاني تظاهر أكثر من ثمانين ألف شخصًا على الأقل بحسب أرقام السلطات مقابل خمسين ألفا قبل ذلك بأسبوع، ما خيب آمال السلطات التي راهنت على استمرار انحسار حركة الاحتجاج الذي لوحظ أثناء احتفالات نهاية العام، كما شهد شهري نوفمبر/ تشرين الثاني، وديسمبر/ كانون الأول 2018، تجمع بضع مئات آلاف من المحتجين.
تُعرف "السترات الصفراء" بأنها حركة احتجاجات شعبيّة ظهرت في شهر أيار/مايو 2018 ثم زادت شهرتها وقوّتها بحلول شهر تشرين الثاني/نوفمبر من نفسِ العام حيثُ تمكنت من إشعال فتيل المظاهرات في فرنسا والتي انتشرت بسرعة إلى والونيا وبعض الأجزاء من دولة بلجيكا. اختارت الحركة السترة الصفراء كرمزٍ مُميّز لها باعتبار أنّ القانون الفرنسي يفرضُ منذ عام 2008 على جميع سائقي السيارات حمل سُترات صفراء داخل سياراتهم عند القيادة كإجراء وقائي حتى يظهر للعيان في حالة اضطرار السائق الخروج من السيارة لسبب ما والانتظار على جنبات الطريق، ولكن تحولت إلى احتجاجات شعبية ضد موجة الغلاء التي فرضتها الحكومة الفرنسية.