همس اليراع..
عندما تضمحل الدولة 2
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
تواصلاً لما كنت قد تناولته في منشوري السابق والذي تناول نقاشات دارت بيني وبين زملاء برلمانيين شماليين كنت قد تناولت حججهم المختلفة سأحاول تناول بعضها كلاً على حدة في التناولات التالية.
سأتوقف هنا عند حكاية أن الجنوبيين قد تسلموا “الجمل بما حمل” والمقصود هنا بانتخاب رئيس جنوبي، وما تلاه من تشكيل حكومات عدة وصل البعض منها بأن رئيس الوزراء ونصف الوزراء فيها جنوبيون فضلا عن تسلم منصب نائب رئيس الجمهورية من قبل الأخ خالد بحاح لفترة من الزمن.
هذا الرأي ليس موقف لشخص أو شخصين من إخوتنا الشماليين بل إنه يعبر عن تصور لدى طيفٍ واسع من الطبقة السياسية ناهيك عن معظم المواطنين البسطاء الذين لا يعرفون شيئا عن دهاليز السياسة وتعقيدات ما وراء المشهد.
لست بصدد تقيييم مستوى أداء مؤسسة الرئاسة ولا التعرض لدور الذي يضطلع به (أو ينبغي أن يضطلع به) الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي، لكن الحقيقة التي لا يريد الإخوة الأشقاء من معظم الطبقة السياسية الشمالية أن يفهموها (أو إنهم يفهمونها لكنهم لا يستطيبون الإقرار بها) ، هي أن الجنوبيين عندما أعلنوا ثورتهم في العام 2007م لم يكونوا يطالبون بنصف الحكومة من الجنوبيين، ولا برئيس جمهورية جنوبي ولا حتى أن تتكون كل الحكومة والرئيس ونائبه من الجنوبيين، ببساطة لأن هذا لا يحل المشكلة الرئيسية في الجنوب، وإنما كانوا يطالبون باستعادة دولتهم التي فككتها الحرب وهذا الموقف مبرر بعد أن فشلت كل الوسائل السلمية وغير السلمية في تثبيت، وحدة الحرب والضم والإلحاق وبعد الأضرار المدمرة التي ألحقتها تلك الوحدة المشوهة بالجنوب وأهله.
وتظل أكذوبة “الجمل بما حمل” حمالة عشرات الأوجه التي ليس بينها وجهاً واحدا يحمل الحقيقة، فصانع القرار ليس الرئيس وحده، ناهيك عن أن الجنوبيين ليشسوا هم من انتخب الرئيس الذي يفترض أنه سيعطيهم “الجمل بما حمل” وهذا الموقف لا يتعلق بشخص الرئيس نفسه، لكن لأن انتخاب الرئيس هبدربه منصور هادي قد جاء ليحل أزمة لا تتعلق بالجنوبيين وقضيتهم، كما إن من يتم اختيارهم لتمثيل الجنوب لا يشترك الجنوبيون في اختيارهم، كل هذا كوم، والكوم الأكبر أن الجنوبيين يتمسكون بقضية أكبر من مجرد اختيار رئيس أو رئيس وزراء أو عدد من الوزراء، وهي قضية مصير الأجيال الحالية والمستقبلية التي وجد ملايينها أنفسهم في غفلة من الزمن ضحية خطأ تاريخي وضعهم على قارعة التاريخ وعلى هامش الحياة بعد أن علقوا آمالا عريضة على ما توهموه وحدة حقيقية ترتقي بهم إلى الأعلى والأرقى والأفضل وضحوا في سبيله بأرضهم وتاريخهم وثروتهم ومستقبلهم.
وباختصار شديد أن وجود رئيس جنوبي وحكومة جنوبية ومدراء وسفراء جنوبيين، لم يستطع أن يزيل أثراً واحداً من آثار الحرب اللعينة فالمنهوبات ما تزال بحوزة الناهبين، والعبث بالأرض والثروة والتاريخ والهوية والثقافة والأخلاق ما يزال متواصلاً وفي ظل ” الجمل وما حمل” الذي يحسدنا عليه الأشقاء ويسعون لاستعادته.
ونحن نقول لهم خذوه واستعيدوه ودعونا وشأننا نقرر مصيرنا بلا وصاية ولا مِنِّية ولا تبعية، وبعيداً عن ثنائيات الغالب والمغلوب والتابع والمتبوع والسالب والمسلوب.
وللحديث بقية.