الحوثيون واستهداف المدنيين.. قتلٌ ثم نفيّ ثم اتهام
الجمعة 8 فبراير 2019 23:53:39
"إن لم تستحِ فافعل ما شئت".. يعرف الملايين هذا القول العربي الدارج، ينطبق تمام الانطباق على ما تفعله مليشيا الحوثي الانقلابية على الأرض، ففي الوقت الذي تمارس فيه أبشع الانتهاكات ضد المدنيين، تتهم التحالف العربي باستهدافهم.
بينما أُعلن عن شن التحالف العربي غارات على مواقع وتحركات للمليشيات في محافظتي صعدة والجوف شمالي البلاد، عزف الانقلابيون على وتر الكذب بمزاعم أنّ التحالف استهدف مناطق يسكنها مدنيون، في كذب واضح وفاضح لنوايا المليشيات.
مصادر عسكرية ذكرت أمس أنّ مقاتلات التحالف استهدفت تعزيزات للمليشيات الانقلابية في جبال الشعير بمديرية كتاف والبقع شمالي صعدة، معقل الحوثيين على الحدود مع السعودية، مشيرةً إلى أنّ الغارات دمّرت عدداً من العربات العسكرية التابعة للعناصر الإرهابية، وقتلت وجرحت العشرات من عناصر المليشيات الذين كانوا على متنها.
كما تزامنت الغارات مع قصف مدفعي على مواقع وتحصينات للحوثيين في المنطقة ذاتها، ما أسفر عن تدمير مخزن أسلحة وعربتين، فيما قصف الطيران العربي تحركات للمليشيات في مديرية المتون بمحافظة الجوف المجاورة، حسبما أوضحت مصادر ميدانية أكّدت كذلك مقتل وجرح العديد من الحوثيين جراء الغارات الجوية.
إلا أنّ المليشيات روّجت كذبًا وزورًا بأنّ التحالف استهدف مناطق مدنية، وزعمت أنّ الغارات أحدثت أضرارًا لممتلكات المواطنين.
اللافت أنّ الانقلابيين الذين يدّعون حرصهم على المدنيين، يستهدفون بشكل يومي المواطنين بغارات تسقط شهداء وجرحى بالإضافة إلى أضرار كبيرة في المملتكات، وهو ما كشفه تقرير دولي عندما اتهم المليشيات بارتكاب جرائم حرب.
قبل أيام، أكّدت منظمة العفو الدولية أنّ مليشيا الحوثي ارتكبت جرائم جسيمة قد يرتقي بعضها إلى جرائم حرب، واستخدام السلطة القضائية لتصفية حساباتها السياسية مع المعارضين في مناطق سيطرتها.
المنظمة الدولية المعروفة بـ"أمنيستي" أصدرت تقريرًا يمكن وصفه بـ"الفاضح"، بيّن مدى الجرائم الفاشية التي ترتكبها الجماعة الانقلابية، سواء ضد الذكور أو الإناث منها الإخفاء القسري والتعذيب داخل معتقلاتها مثل التعليق من السقف لساعات والركل واللكم على الأعضاء التناسلية والتهديد بالاغتصاب والابتزاز المادي.
وأظهر بحثٌ أجرته المنظمة أنّ امرأةً ورجلين قد اختفوا قسراً وتعرّضوا لسوء المعاملة، قبل أن يُحكم عليهم بالإعدام إثر محاكمة بالغة الجور أمام إحدى محاكم صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، بتهمة مساعدة الحكومة والتحالف العربي، وصدر هذا الحكم ضد أسماء العميسي، وسعيد الرويشد، وأحمد باوزير، فيما عوقب ماطر العميسي والد "أسماء" بالسجن 15 عاماً.
وصرحت راوية راجح كبيرة مستشاري برنامج الاستجابة للأزمات بالمنظمة الدولية: "بينما يستمر النزاع المسلح في اليمن، فإنّ المحاكمة الجائرة لأسماء العميسي والمتهمين الثلاثة الآخرين ما هي إلا جزءٌ من نمط أوسع يستخدم فيه الحوثيون السلطة القضائية لتصفية حسابات سياسية".
وأضافت أنّ المحاكمة جاءت بعد ارتكاب مجموعة من الانتهاكات الجسيمة والجرائم بموجب القانون الدولي، قد يرتقي بعضها إلى جرائم حرب، حيث تعرّض المتهمون، في البداية، إلى الاختفاء القسري، واحتجزوا بمعزل عن العالم الخارجي، ونقلوا سرًا من مرفق إلى آخر، وتم احتجازهم في وضع مزري لعدة أشهر في فترة ما قبل المحاكمة، كما تعرضوا للابتزاز من أجل الحصول على المال، وأُخضعوا للإذلال المستمر والإيذاء البدني الشديد، وحرموا من الحقوق الأساسية، بما في ذلك الاتصال بمحام والزيارات العائلية.
منذ اليوم الأول للانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، لم تتوقف المليشيات عن ارتكاب انتهاكات ضد المدنيين، في محاولة لتصعيد الأزمة في البلاد، ولم يسلم من ذلك سواء الأطفال أو النساء أو كبار السن.
وتنوعت هذه الانتهاكات بين القتل والتعذيب والاختطاف والاعتقال التعسفي، وتجنيد الأطفال وحصار المدن وتفجير المنازل.
وكان تقريرٌ صدر عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في سبتمبر الماضي، قد وثّق مقتل أكثر من 1200 مدني وإصابة مثلهم، بنيران مليشيا الحوثي خلال عام 2018.
وبحسب التقرير، قتل الانقلابيون قرابة 200 مدني، بينهم 30 طفلاً جراء الألغام الفردية والعبوات الناسفة التي زرعوها عشوائيًّا، فضلًا عن إصابة أكثر من 100 مدني.
كما رصد التقرير أكثر من 30 حالة إعدام خارج إطار القضاء، وقتل الانقلابيون مثلهم تحت التعذيب.
ومنذ توقيع اتفاق السويد، لم تتوقف المليشيات الحوثية عن خرق هدنة وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة، كما لم تسلم منازل المدنيين من تلك الجرائم.
وتضمّن الاتفاق الذي تمّ توقيعه في 13 ديسمبر الماضي، بنوداً على الوضع في الحديدة، منها إعادة انتشار للقوات من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ، وإزالة جميع المظاهر العسكرية المسلحة في المدينة، وإنشاء لجنة تنسيق إعادة انتشار مشتركة ومتفق عليها برئاسة الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار.