بـمنظومة صواريخ وأسلحة متطورة.. المليشيات تروّع أمن الملاحة في البحر الأحمر
فيما بدا تحدياً للاتفاقات الدولية وعبثاً بأمن اليمن وشعبه، واصلت مليشيا الحوثي الانقلابية تهديد النقل البحري في البحر الأحمر، من خلال تحديث منظومة الصواريخ ونشر أسلحة متطورة بمناطق تمركزهم بمحافظة الحديدة.
ورد ذلك في تقريرٍ أصدر فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، جاء فيه أيضًا حصول مليشيا الحوثي شهرياً على مبلغ 26 مليون دولار من ميناء الحديدة عبر الشحنات النفطية ورسوم جمركية.
التقرير تحدث - حسبما نقلت فضائية "العربية" - أيضاً عن ضبط أسلحة كانت في طريقها إلى الانقلابيين، منها في أغسطس 2018، حيث تمّ حجز شحنة كبيرة من البنادق الهجومية على متن قارب متجه نحو الساحل الجنوبي لليمن.
وأضاف أنّ المليشيات استهدفت سفينة تنقل القمح إلى البلاد، وهو ما أدّى إلى تعريض عملية تقديم المساعدات الإنسانية للخطر، وإلى ارتفاع تكاليف المعاملات الخاصة بالواردات إلى اليمن، كما حدّد التقرير عدداً من الشركات التي توجد داخل اليمن وخارجه، مملوكة لقياديين حوثيين، وتعمل كشركات صورية مهمتها تجميع التمويل للمليشيات من خلال المضاربة بالوقود في السوق السوداء لتمويل المجهود الحربي.
الاتهام الأممي جاء في وقتٍ تواصل فيه المليشيات خرق اتفاق وقف إطلاق النار، حيث كشف بيانٌ صادرٌ عن التحالف العربي أنّ الانقلابيين ارتكبوا 1400 خرق للاتفاق منذ توقيع في ديسمبر الماضي.
وجاء في البيان: "مضى على اتفاقيات ستوكهولم أكثر من ستة أسابيع التزمت خلالها قوات الشرعية اليمنية والتحالف بوقف إطلاق النار بكل جوانبه، وأبدت كامل الانضباط في وجه الاستفزازات الخطيرة التي تجاوزت 1400 اختراق من المليشيات الانقلابية، وأدت إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى".
كما حمّل التحالف، مليشيا الحوثي مسؤولية القيام بالأعمال العدائية، والتي من شأنها تهديد اتفاقية ستوكهولم والأمن والاستقرار وحرية الملاحة البحرية وعمليات تدفق المساعدات الإنسانية، وتطلب من الأمم المتحدة ممارسة المزيد من الضغوطات لإجبار المليشيات الانقلابية تنفيذ بنود اتفاقية ستوكهولم.
من بين الانتهاكات، قصفت مليشيا الحوثي صوامع الغلال في مطاحن البحر الأحمر ثلاث مرات خلال شهر فقط، ما أسفر عن احتراق صوامع وتلف كميات كبيرة من مادة القمح، كما سرق الانقلابيون شحنات مساعدات الإغاثة والأغذية المخصصة للشعب الذي يواجه معاناة إنسانية.
وذكر بيانٌ صدر عن برنامج الغذاء العالمي أنّ الحوثيين يسرقون الأغذية من أفواه الجائعين ويحوِّلون شحنات الطعام، مؤكدًا وجود أدلة على استيلاء الانقلابيين على شحنات الإغاثة، وارتكابهم هذه الانتهاكات فى المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
وطالب البرنامج، بوضع حد فوري للتلاعب في توزيع مساعدات الإغاثة الإنسانية في اليمن، وأضاف: "تمّ الكشف عن التلاعب في تخصيص مواد الإغاثة الغذائية، في مراجعة أجراها برنامج الأغذية العالمي خلال الأشهر الأخيرة، وأجريت هذه المراجعة بعد ازدياد التقارير عن عرض المساعدات الغذائية للبيع في أسواق العاصمة".
اكتشف البرنامج هذا التلاعب من قبل منظمة واحدة على الأقل من الشركاء المحليين الذين يكلفهم بمناولة مساعداته الغذائية وتوزيعها، المؤسسة المحلية تابعة لوزارة التربية والتعليم في صنعاء، التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي.
وفي هذا السياق، صرح ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: "هذه الممارسات هي بمثابة سرقة الغذاء من أفواه الجوعى.. يحدث هذا في الوقت الذي يموت فيه الأطفال في اليمن لأنهم لا يجدون ما يكفيهم من الطعام، وهذا اعتداء بالغ، يجب العمل على وضع حد فوري لهذا السلوك الإجرامي".
اللافت أنّ المليشيات أخذت تبيع هذه المنتجات في السوق السوداء بالأسواق لتحقيق أرباح حتى وإن كانت على حساب أوجاع الشعب، ورغم المزاعم الحوثية بنفي تورطها في هذه الجرائم، لكنّ المليشيات حاصرتها أدلة كثيرة على سرقتها لطعام المواطنين وتحويل المساعدات إلى وسيلة للابتزاز والضغط على الأسر المحتاجة للدفع بأبنائها للانخراط معسكرات الحوثيين وإرسالهم إلى جبهات الموت.
وفي شأنٍ غير بعيد، اتهمت الحكومة - في مطلع يناير الماضي - مليشيا الحوثي بنهب واحتجاز نحو 697 شاحنة تحمل موادًا إغاثية، ومنع 88 أخرى من الدخول، خلال أكثر من ثلاث سنوات.
وقال بيانٌ صدر عن اللجنة الإغاثية العليا التابعة للحكومة، إنّ مليشيا الحوثي احتجزت ومنعت دخول أكثر من 88 سفينة إغاثية وتجارية ونفطية إلى مينائي الحديدة والصليف بمحافظة الحديدة في الفترة من مايو 2015 إلى ديسمبر 2018.
ومن بين هذه السفن، 34 سفينة احتجزها الحوثيون لأكثر من ستة أشهر حتى تلفت معظم حمولاتها، إضافةً إلى استهداف سبع سفن إغاثية وتجارية ونفطية بالقصف المباشر، وخلال نفس الفترة، قام الحوثيون بنهب واحتجاز 697 شاحنة إغاثية في الطرق الرابطة بين محافظات الحديدة وصنعاء وإب وتعز وحجة وذمار، ومداخل المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.
كل هذه الجرائم لم تصنع موقفاً حاسماً من قِبل الأمم المتحدة، وحتى لم تقف عند خطٍ وسيطٍ لكنّها اختارت الارتماء بصمتها إلى جانب المليشيات، ما قاد إلى استمرار الأزمة الإنسانية.
وأصبحت المصداقية الدولية على المحك، ففي ظل التعنت الحوثي ونكثه للاتفاقات التي وقّع عليها وعدم تنفيذه لها بالشكل المطلوب، برز الدور السلبي للأمم المتحدة التي ساهم صمتها وتغاضيها عن الجرائم التي تقوم بها المليشيات الانقلابية في تمادي هذه المليشيات في أعمالها المهددة للسلم الأهلي، وعدم إلقائها بالاً لما يمكن أن يترتب على جرائمها أو ردع دولي.
وبات يتوجّب على الأمم المتحدة وممثليها في اليمن الوقوف بحزم ضد كل الانتهاكات والأعمال الإرهابية التي ترتكبها مليشيا الحوثي، واتخاذ إجراءات رادعة ضدها، من أجل صون مصداقية وسمعة هذه المنظمة الدولية من أي تعدٍّ، أو اتهام لها بتشجيع جماعة إرهابية على الاستمرار في تدمير اليمن.
ونال الصمت الأممي على الخروقات الحوثية الكثير من الانتقادات، فبالإضافة إلى الاستنكار المحلي من قبل الحكومة، أعربت المملكة العربية السعودية على لسان سفيرها لدى اليمن محمد آل جابر عن استغرابها لمواصلة صمت المنظمات الأممية عن جرائم وانتهاكات مليشيا الحوثي وسرقتها وإعاقتها لتوزيع المساعدات الإنسانية للشعب اليمنى.
آل جابر قال: "السعودية والإمارات والكويت سلَّمت الأمم المتحدة ملياراً و250 مليون دولار ضمن خطة الاستجابة الإنسانية التي أطلقتها الأمم المتحدة في اليمن، وأبلغنا كلاً من وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك ومنسقة الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة في اليمن ليز جراندى، بأنه لم يتم إنفاق سواء 40 % من تلك الأموال".
وأضاف أنّه والعديد من مسؤولي التحالف العربي سبق أن أبلغوا كبار مسؤولي الأمم المتحدة بممارسات مليشيا الحوثي ضد المساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أنّه منذ سنوات والمليشيات تعيق هذه المساعدات الإغاثية وتنهبها، وتمنع وصولها إلى بعض المناطق في اليمن، إضافة لتحويلها تلك المساعدات إلى مجهودها الحربي بطرق مختلفة، وأكّد أنّ ذلك يعد مؤشراً على عدم قدرة الأمم المتحدة على استخدامها وإيصالها إلى المحتاجين في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات.
وحذر من أنّ الصمت على جرائم مليشيا الحوثي سيزيد من ممارساتها السيئة، مطالبًا منظمات الأمم المتحدة بالتحدث بصراحة، والكشف عن الحقائق التي تعترض أعمالهم بسبب تصرفات الانقلابيين، وهذا سيجعلها في موقع قوي لمواجهة ممارساتهم.