شهدها العراق واليمن.. مخطط إيران وآلية التصدي العربي للسرطان الفارسي (سيناريوهات وحلول)

الأحد 17 فبراير 2019 19:56:54
شهدها العراق واليمن.. مخطط إيران وآلية التصدي العربي للسرطان الفارسي (سيناريوهات وحلول)
رأي المشهد العربي

يرى محللون أن النظام الإيراني منذ عقود طويلة، يسير وفق مخططات محددة الأهداف، تسعى إلى تصدير المد الشيعي والحلم الفارسي الطائفي المشؤوم إلى دول الجوار، عبر آليات عديدة أبرزها نشر الفوضى والاقتتال لإضعاف الحكومات والأنظمة، حتى يتسنى لأدوات النظام وعلى رأسها فيلق القدس الإرهابي الذراع الخارجي للحرس الثوري، اختراق الدول وخاصة العربية والبدء في تنفيذ المخططات لإيجاد نفوذ من خلال صناعة المليشيات المعارضة والإرهابية ودعمها لنشر التشيع وبث الطائفية، ويسخر ملالي إيران جميع مؤسسات الدولة وإداراتها للعمل ضمن الهدف المرسوم.
وأكد المحللون أن الاستراتيجية الإيرانية ورغم تغير الحكومات وتناوب التيارات السياسية عليها، إلا أن كافة المؤسسات والأجهزة السياسية والأمنية والعسكرية والثقافية قد عملت جميعها على تنفيذ المشروع الإيراني الطائفي والمد الشيعي، ولم يكن رؤساء الحكومات سوى صورة يقدمها النظام ليخدع العالم بديمقراطيته في اختيار رئيس للبلاد عبر الانتخابات، والحقيقة أن هذا الرئيس منزوع الصلاحيات، ولا يمكن اعتباره سوى مسؤول تنفيذي لإحدى مؤسسات النظام الصفوي، والذي عادة ما يقدم ككبش فداء لسياسات النظام الداخلية والخارجية وما جلبتها من كوارث وأزمات ومشاكل اقتصادية واجتماعية وأمنية.
وفي ظل السعي العربي نحو وضع استراتيجية موحدة لمواجهة تهديدات إيران، ووضع حصار اقتصادي على نظام الملالي وقطع دابر أذرعها الإرهابية المتوغلة في العديد من البلدان العربية، تحاول دول مجلس التعاون الخليجي، وحكومات البلدان العربية، لتبني استراتيجية عربية موحّدة لرفع حالة الاستعداد، لمواجهة أي خطر محتمل من النظام الإيراني يهدد المنطقة برمتها، لاسيّما بعد اعتراف المرشد الإيراني علي خامنئي رسمياً أمام عشرات الآلاف من أفراد قوات الباسيج وقيادات الحرس الثوري، أنّ الأزمات الاقتصادية باتت في غاية الصعوبة، وأنّ قطاعات كبيرة من الإيرانيين يعيشون في مستوى متدني تزامنًا مع انهيار قيمة العملة الإيرانية لأكثر من 76 % خلال شهور قليلة، ما يعني أنّ طهران ستعمل على تصدير أزماتها الداخلية إلى الخارج عبر الحرب.

العراق نموذجًا

وتأتي هيمنة إيران على المشهد العراقي ضمن أجندتها المهمة والتي تهدف إلى خلق حزب الله جديد من المليشيات الموالية لها في بغداد، والمتمثلة في وجود 32 ألف موظّف إيراني جلُّهم من الحرس الثوري، أو يعملون تحت إمرته في العراق، ويتولون مناصب هامة بالحكومة والوزارات الأمنية والاقتصادية والثقافية، بعناوين وشركات ومؤسسات مختلفة، فضلاً عن وجود مليشيات يقدر عددها بنحو 130 ألف مسلح، ويشجع نظام طهران على مواصلة تحدي العقوبات الدولية، ويدفعه إلى مزيد من التعنّت في مواقفه المتصلبة والمتشددة نحو تعقيد المشهد السياسي والأمني والاقتصادي في المنطقة، لاسيّما أنّ القاعدة الإيرانية الاستراتيجية، وكل النظم الفاشية في العالم تقول: «إذا لم تستطع حل أزماتك الداخلية، فأسع إلى تصديرها للخارج، ليصمت الشعب أمام العدو».

تدمير اليمن

ولا يخفى على أحد الدور الشيطاني الذي تنتهجه مليشيات إيران وأذرعها الإرهابية في اليمن المتمثلة في الحوثيين، وهو ما أكدته الأمم المتحدة وأن طهران تموّل الحرب في اليمن، عبر بيع وقود لصالح جماعة الحوثيين، ويأتي ذلك في إطار خطة متكاملة لضرب الاستقرار في اليمن، خاصة ومنطقة الخليج عامة.
التقرير الصادر عن لجنة الخبراء التابع للمنظمة الدولية يناير الماضي، يميط اللثام عن دور متنامٍ لا يتوقف لدعم الحوثيين، وتزويدهم بالمال والسلاح، حيث يؤكد أن وقوداً يتم تحميله من مرافئ إيران، تستخدم عائداته لتمويل الحرب في اليمن، وأن عدداً من الشركات داخل اليمن وخارجه تعمل واجهة لهذه العمليات، مستخدمة وثائق مزوّرة، تؤكد أن كميات الوقود عبارة عن تبرّعات، لكنها في الحقيقة ترسل عائدات هذا الوقود إلى حساب شخص مدرج على قائمة الأمم المتحدة للعقوبات، حيث تصل المبالغ التي يتم إرسالها للحوثيين عبر عائدات النفط إلى 30 مليون دولار شهرياً.
ليس هذا التقرير الوحيد الذي تنشره الأمم المتحدة وتثبت فيه الدعم الإيراني لمليشيات الحوثي، فالعديد من التقارير الصادرة عن فرق ولجان تابعة لها، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن الدعم الإيراني لهذه المليشيات لم يتوقف، وأن هذه الأفعال تزيد من تعقيد الأوضاع في البلاد، عبر إطالة أمد الحرب وتوسيع الأزمة القائمة، حيث يدفع الناس ثمناً لذلك، من أمنهم واستقرارهم المعيشي والإنساني، منذ أن أقدمت المليشيات الكهنوتية الحوثية على تنفيذ انقلاب في سبتمبر من عام 2014.
وطبقًا للتقرير، لا يقتصر الدعم الإيراني على تمويل الحرب مادياً، بل إن الأمر يتصل بالسياسة الإيرانية القاضية بمد الحوثيين بالسلاح المتطور، مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة، فتقرير الخبراء الأخير يشير إلى أن لإيران علاقة بالصواريخ التي يطلقها الحوثيون على المملكة العربية السعودية، كما أن التحقيقات التي أجرتها الفرق التابعة للأمم المتحدة، أكدت تمكّن إيران من تهريب صواريخ وطائرات بلا طيار، وهي أسلحة لم تكن في حوزة الجيش اليمني.
ويؤكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس في تقرير سرّي قدّمه لمجلس الأمن الدولي منتصف العام الماضي، أن «بقايا خمسة صواريخ أطلقها الحوثيون على السعودية خلال عام 2017 تشترك في سمات تصميم نوع معروف من الصواريخ تصنعه إيران، وإن بعض المكونات صنعت فيها»، وأن «الأمانة العامة واثقة من أن بعض الأسلحة والمواد المتعلقة بها التي فحصتها في السعودية صنعت في إيران».
لقد أثبتت سنوات الحرب في اليمن أن طهران وسّعت من دائرة استهدافها للمنطقة عبر أسلحة الموت والخراب التي تصدّرها للمليشيات والأذرع الإرهابية الموالية لمشروعها التدميري في أكثر من بلد، وقد ظهر هذا المشروع بشكل جليّ في اليمن، كما هو الحال في لبنان وسوريا والعراق والبحرين.
وفي تصريح خاص لـ«المشهد العربي»، قال هشام البقلي، مدير وحدة الدراسات السياسية بمركز سلمان-زايد لدراسات الشرق الأوسط، أن هناك ضرورة قصوى لوضع آلية تمنع أي تعامل تجاري عربي مع طهران، وقطع إمداد الغاز عنها، مؤكدا ضرورة قطع خط الإمداد بين قطر وإيران والتصدي للدعم الذي يقدمه نظام الحمدين للملالي.
وشدد «البقلي»، على ضرورة وجود تنسيق مع الدول المحايدة التي تلعب دور الوسيط ما يعزز نفوذ النظام الإيراني المتغطرس، ووجود موقف واضح من سلطنة عمان ودولة الكويت تجاه إيران، إضافة إلى الموقف الجزائري والتونسي، مؤكداً أن الحصار الاقتصادي على طهران لم يحقق بعد الهدف المنشود منه، لذلك يجب على جميع الدول العربية أن تتبنى نفس الموقف الخليجي والمصري والمغربي في فرض حصار اقتصادي حقيقي على إيران.
وأضاف أنه يجب التواصل مع الاتحاد الأوروبي الذي اتخذ موقفاً معاكساً مع طهران والدول التي طالبت الجانب الأمريكي بتقديم استثناءات من العقوبات الاقتصادية لاحتياجها النفط الإيراني، والتنسيق معهم في إيجاد بديل نفطي من الدول العربية، لقطع أي شريان يُمكّن نظام الملالي من تمويل مليشياته المُسلحة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة العربية.
وأوضح أنه يجب وجود اتفاقية عربية موحدة عن طريق مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية لوضع اتفاق يمنع أي نشاط تجاري مع طهران وتحجيم أي تعامل فردي قد تقوم به إحدى الدول العربية، مشدداً على ضرورة وضع آلية للتعامل مع أي خرق محتمل.
من جانبهم رأى محللون، أن هناك ضرورة في تكثيف عقد القمم  والمؤتمرات والندوات التي تتناول مخاطر الإرهاب الإيراني وتضع طرقا وسبلا للحد من السلوك الإيراني التخريبي، وضمن هذه المساعي الدولية، يأتي مؤتمر "وارسو" الذي عقد بالعاصمة البولندية منتصف فبراير الجاري حول تعزيز مستقبل الأمن والسلام في الشرق الأوسط، بهدف توفير القناعة الدولية بأن نظام الملالي في إيران هو أساس المشاكل والأزمات التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط، وأن لا حلول لهذه الأزمات والمشاكل وخاصة الإرهاب إلا بالخلاص من ذلك النظام ووضع حد لمشروعه المدمر.