تدخلات إيران على طاولة قمة شرم الشيخ.. هل تردع المليشيات الحوثية؟
عندما تقص القاهرة، شريط القمة العربية الأوروبية غداً الأحد بمدينة شرم الشيخ، سيكون ملف التوغُّل الإيراني في اليمن حاضراً على جدول الأعمال.
رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السلمي قال في تصريحات لصحيفة "الرياض"، إنّ القمة ستناقش التورُّط الإيراني في تصدير الأزمات والفتن إلى الدول العربية وعلى رأسها اليمن، كما ستتطرق إلى ضرورة سحب مليشياتها الإرهابية من البلاد.
وكانت جامعة الدول العربية أعلنت في نوفمبر الماضي، أنّه تم الاتفاق علي عقد أول قمة عربية أوروبية خلال شهر فبراير الجاري؛ رغبةً من الجانبين لإحداث نقلة نوعية في العلاقات بينهما في مختلف المجالات، لا سيّما في ظل الفرص والتحديات المشتركة التي أضحت تربط الإقليمين أكثر من أي وقت مضى.
القمة يفتتحها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وتستمر يومين، بمشاركة زعماء وممثلى 50 دولة، تحت شعار "الاستثمار فى الاستقرار"، وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضى إن القمة تجمع أضخم حضور دبلوماسي من الجانبين العربي والأوروبي على المستوى الرئاسي.
ويُعوِّل كثيرون على نجاح هذه القمة، من أجل كبح جماح التدخُّل الإيراني في دعم المليشيات الإرهابية التي أشعلت حربها العبثية منذ صيف 2014، لتنضم إلى سلسلة من الضغوط التي تحاصر طهران لوقف سياساتها المتطرفة التي تقوم على ملء المنطقة بالصراعات.
وفي الوقت الذي تحاول فيه إيران نفي اتهامها بأنّها تدعم مليشيا الحوثي، لكنّ انخراطها في الأزمة اليمنية ودعم الانقلابيين بمختلف أنواع الأسلحة لتصعيد الأزمة عسكرياً وإنسانياً، كشف حقيقة الدور الذي تلعبه طهران، وهو ما قاد إلى مطالب بسرعة التحرك من أجل تعرية هذا "العبث الإيراني".
وكان التحالف العربي - على لسان الناطق باسمه العقيد تركي المالكي - قد كشف عن "سموم" تغرزها إيران من خلال دعم الانقلابيين بغية تصعيد الأزمة وإطالة أمدها، حيث عرض صوراً أظهرت بوضوح أسلحة وذخائر إيرانية، مكتوب عليها باللغة الفارسية، تم ضبطها مع تنظيمات إرهابية في مقدمتها مليشيا الحوثي.
هذا الكشف الفاضح للجرائم الإيرانية قاد إلى سلسلة من المطالب بتدخل دولي يردع طهران عن سياساتها التي تعبث بأمن اليمن والمنطقة بصفة عامة، حيث أنّ هذا الدعم المسلح للمليشيات الإرهابية يطيل أمد الحرب على الأرض.
ويمكن القول إنّ الجرائم الحوثية التي تأتي تنفيذاً لسياسات إيرانية تجهض أي محاولات للحل السياسي، ويؤدي ذلك إلى إفشال أي جهود دولية لاستعادة الاستقرار في البلاد.
وتحاول إيران من خلال هذه السياسات أن يظل اليمن في المربع الأول، فطهران كشفت عن وجهها "القبيح" ولا تلقي بالاً بأي اتفاقات دولية أو مشروعات إغاثة أممية، ترسيخاً لنظامها الذي يوصف بأنّه "عنصري" يكره العرب إجمالاً، وتحديداً في شبه الجزيرة، حيث تطمع في السيطرة على المقدسات الإسلامية والثروات وكذا القضاء على الهوية العربية، وهي أطماعٌ لن تزول إلا بزوال نظام الملالي نفسه.
وفي خضم عديد البيانات التي فضحت الدعم الإيراني للمليشيات الحوثية وغيرها من التنظيمات الإرهابية، برز تساؤل عن موقف دولي يردع نظام طهران عن تلك الممارسات التي لا تقتصر على تدخل في شؤون الدول بل العبث بأمنه واستقراره.
من بين الأدلة التي فضحت هذا التطور، ما عرضته الولايات المتحدة قبل أشهر من بقايا أسلحة إيرانية زودت طهران المليشيات، لتؤكد بأنها دليل حاسم على أن إيران تنتهك القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، في إطار مشروعها القائم على ضرب استقرار دول المنطقة عبر أذرعها الطائفية.
وشملت تلك الأدلة بقايا متفحمة، وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية أنّها من صواريخ باليستية قصيرة المدى إيرانية الصنع أطلقت من اليمن في الرابع من نوفمبر 2017 على مطار الملك خالد الدولي خارج العاصمة السعودية الرياض، إضافة إلى طائرة بدون طيار وذخيرة مضادة للدبابات.
وآنذاك، عبّرت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي عن ثقتها في أن طهران تتحمل مسؤولية نقل تلك الأسلحة للحوثيين في اليمن، وقالت - في مؤتمر صحفي في قاعدة عسكرية على مشارف واشنطن: "هذه الأسلحة إيرانية الصنع.. وأرسلتها إيران.. ومنحتها إيران".
كما عرضت الوزارة شرحًا مفصلًا بكل الأسباب التي دفعتها للاعتقاد بقدوم الأسلحة من إيران، لافتةً إلى علامات تجارية إيرانية على أجزاء أسلحة والطبيعة المميزة لتصميم الأسلحة الإيرانية، وشمل ذلك تصميمات صواريخ "قيام" البالستية قصيرة المدى، حيث حصلت على أجزاء لصاروخين من هذا الطراز أطلق أحدهما يوم الرابع من نوفمبر على المطار وأطلق الآخر يوم 22 يوليو.
واستشهدت بوجود علامات تجارية قالت إنها مطابقة لعلامات شركات دفاع إيرانية على أجزاء تستخدم في توجيه محركات الصواريخ وعلى لوحة دوائر كهربائية تستخدم في نظام توجيهها.
وفي مسار آخر، تحدّثت مجلة "جاينز" البريطانية عن تقارير أمنية في محافظة مأرب، أشارت إلى ضبط طائرات بدون طيار كانت في طريقها إلى الحوثيين يتم تخزينها بشكل جيد في مواد حساسة إلكترونية وغيرها، وأفادت مصادر عسكرية بأنّ الحوثيين يحصلون على الطائرات كقطع غيار ثمَّ يعاد تركيبها داخل الأراضي اليمنية.
وذكر تقريرٌ صدر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة أنّ الطائرات بدون طيار تمّ تجميعها من مكونات مصدرها خارجي (طهران) وتم شحنها إلى اليمن، وأنّ طراز "قاصف" أو "المهاجم" متطابق تقريبًا في التصميم والأبعاد والقدرات التي تتمتع بها أبابيل-T ، التي تصنعها شركة إيران لصناعة الطائرات.
وفي دليل آخر على التورط الإيراني، كشفت مجموعة "أبحاث التسلح في الصراع"، بعد فحص طائرات بدون طيار استخدمها الحوثيون وحلفاؤهم لتحطيم بطاريات صواريخ باتريوت في المملكة العربية السعودية، أنّ أحد الأرقام ينتمي لطائرة مماثلة تملكها الميليشيات الإيرانية في العراق.
تفضح هذه الجرائم عديد الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات الحوثية الإيرانية وهو ما يستدعي ردعًا عاجلًا من قبل المنظمات الدولية، تجاه ما بات يُوصف بالعبث الانقلابي في البلاد.
ومؤخراً، أكّدت اللجنة الرباعية حول اليمن (التي تضم الإمارات والسعودية وبريطانيا والولايات المتحدة) أنّ التدخلات الإيرانية في اليمن تهديد لأمن المنطقة وتطيل أمد الصراع، وأشارت لما توصَّل إليه خبراء الأمم المتحدة من أنّ إيران قامت بإمداد الحوثيين بأسلحة متطورة في انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن رقم 2216 و2231، حيث أدان الوزراء بشدة الهجوم الذي شنه الحوثيون بطائرة مسيرة على مطار العند في 19 يناير الماضي، وأكدوا أن إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة باتجاه الدول المجاورة إنما يمثل تهديداً لأمن المنطقة ويطيل من أمد الصراع.