غزو عقول الأطفال.. خطة حوثية لنشر سمومها الطائفية
منذ الحرب التي أشعلتها في صيف 2014، دأبت مليشيا الحوثي الانقلابية على استخدام كارت الأطفال، تارةً بالتجنيد وأخرى بغرس أفكارها المتطرفة في انتهاك صارخ لكافة المواثيق والأعراف الدولية.
أحدث تحرُّكات المليشيات في هذا الصدد، تمثّل في فعالية نظّمتها المليشيات في مدرسة بن ماجد بمديرية الوحدة في صنعاء، وقالت إنّها دشّنت برنامج الإذاعة المدرسية، في خطوة تهدف إلى غرس بذور سياساتها الطائفية في عقول النشء الصغير.
وخلال هذه الفعالية، زرعت المليشيات سموم أفكارها الإرهابية للعب على وترين، أولهما ضمان انتماء الأطفال لهم منذ الصغر، فيما تمكن المرحلة الثانية وهي الجانب الأكثر بشاعة في الجريمة، متمثلاً في تجنيد هؤلاء الأطفال والزج بهم في ميدان القتال.
المليشيات تورّطت في الكثير من الانتهاكات ضد الأطفال، وهي جرائم حرب فضحت الانقلابيين وجعلت أكاذيبهم لا تنطلي على أحد.
وقبل أيام، كشفت مصادر لـ"المشهد العربي"، أنّ المليشيات واصلت جرائمها ضد الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتها؛ في محاولة لتعبئتهم بأفكارها الطائفية والسلالية والزج بهم إلى ساحات المعارك، وقالت إنّ مديرية معين في صنعاء سجّلت اختفاء أكثر من 200 طفل, وإنّ مليشيا الحوثي جنّدت فتيان للتأثير على الأطفال لاستقطابهم للانضمام إلى صفوفهم قبل إرسالهم إلى الجبهات.
في هذا السياق، أوضح نبيل فاضل رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر - لـ"المشهد العربي" - أنّ المدارس أصبحت مصنعاً لإنتاج مقاتلين حوثيين, وبخاصةً بعد عبث المليشيات بالمدارس وتعيين مدراء ومشرفين تابعين لها على مدارس البنين, و"زينبيات" على مدارس البنات.
وأضاف أنّ القياديين الحوثيين مختار جياش وسلطان الشامي متورطان باختطاف واستدراج الأطفال في مديرية معين، لافتاً إلى أنّ طفلاً يُدعى "س. أ" وحيد أبويه ويبلغ من العمر 14 عاماً سبق أن خطفته المليشيات قبل سبعة أشهر وذهبت أمه إلى مكتب الحوثيين وكادت تحرق نفسها فأرجعوه لها, لكن بعد أسبوع تم اختطافه من جديد من قبل جياش والشامي لكنه عاد في الأخير جثة هامدة، مشيراً إلى أنّ هذه القصة هي واحدة من مئات القصص المشابهة.
هذا الجُرم الحوثي لا يقتصر على صنعاء وحسب، فقبل أيام قليلة اختفى طفلٌ يُدعى خالد عبد الله حسن من أبناء منطقة الظهر بمديرية بعدان بمحافظة إب، ولاحقاً أعلن عن مقتله أثناء المعارك على إحدى جبهات القتال مع المليشيات، حيث ضمّه الانقلابيون إلى قائمة طويلة من ضحايا التجنيد القسري الذي فرضته المليشيات على "ملائكة الله".
في الوقت نفسه، تمّ الإعلان - الجمعة قبل الماضية - عن اختفاء أربعة طلاب من مدارسهم أيضاً في محافظة إب، والأطفال الأربعة هم منصور فيصل أبو أصبع (من مدينة إب)، وماجد يوسف عبدالله عبده حميد الشهاري وأحمد محمد أحمد الضهابي (من عزلة بني مدسم بقرية العريش بمديرية ريف إب)، وأنس عبدالنور محمد (من مدينة إب).
ويُمثل تجنيد الأطفال أحد أخطر الجرائم الحوثية في اليمن وأكثر بشاعةً، يدفع ثمنها الآلاف، بين طفلٍ تُسرق منه طفولته قسرًا، وأبٍ يرثي الحال وهو مكبل بيدي الخوف والتهديد، وأمٍ ثكلى تموت مرةً في كل لحظة؛ رثاءً لفلزة كبدها الضائع، وقد شهدت هذه الظاهرة زيادةً كبيرةً في الفترة الأخيرة.
وفي نهاية يناير الماضي، كُشف النقاب عن جريمة حوثية مروّعة في مديرية جبل الشرق بمحافظة ذمار، بقيادة محمد حسين القاري الذي عيّنته المليشيات مديراً لمكتب التربية في مديرية جبل الشرق، إذ يفرض على مدراء المدارس تجنيد خمسة أطفال من كل فصل بالمدارس الابتدائية والثانوية والزج بهم في ميادين القتال ضمن ما يُسمى بـ"لواء صماد3" التابع للمليشيات.
وقالت مصادر أهلية في المحافظة إنّ هذا القرار راجعٌ بالأساس لما تعانيه المليشيات من نقصٍ في عدادها جرّاء تزايد قتلاها من جهة، ورفض الأهالي الانضمام إلى صفوفهم من جانب آخر بعدما فضحت ممارساتهم وانتهاكاتهم حقيقة توجّههم أمام الشعب اليمني.
فجّرت هذه التصرفات المروعة من قبل المليشيات الحوثية عاصفة غضب من قبل أهالي المديرية الذين طالبوا بالتدخل العاجل لإنقاذ أطفالهم، وكذا فضح هذه الجماعة المدعومة من إيران أمام العالم أجمع.
وفي يوليو الماضي كشفت الحكومة - على لسان وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ابتهاج الكمال - أنّ المليشيات الحوثية قامت بتجنيد نحو 25 ألف طفل خلال العام الماضي فقط وزّجت بهم إلى ساحات القتال، بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية وقوانين حماية حقوق الطفل".
ويمثل استمرار مليشيا الحوثي بتجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك واختطافهم من المدارس والضغط على الأسر وأولياء الأمور لإرسالهم إلى المعارك تمثل جرائم حرب، ومخالفة لكل القوانين الدولية الخاصة بالطفل، وفق الوزيرة التي أكّدت أنّ الانقلابيين تسبّبوا في دفع أكثر من مليوني طفل إلى سوق العمل جرّاء ظروف الحرب.
كما أشارت إلى أنّ المليشيات حرمت أكثر من 4.5 مليون طفل من التعليم، منهم مليون و600 ألف طفل، حرموا من الالتحاق بالمدارس خلال عامي 2016 و2017، فضلًا عن قصف وتدمير ألفين و372 مدرسة جزئياً وكلياً، واستخدام أكثر من 1500 مدرسة أخرى كسجون وثكنات عسكرية.
وفي نهاية نوفمبر الماضي، نشرت فضائية "سكاي نيوز" فليماً وثائقياً بعنوان "دون السن"، تناول جريمة تجنيد الأطفال لحمل السلاح في ساحات القتال من قبل المليشيات الحوثية، واستند إلى شهادات حية وصادمة لأطفال بشأن تجربة تجنيدهم، حيث أكّدوا أنّه تمّ الزج بهم قسرًا في ساحات القتال، وهدّدوا أسرهم إذا اعترضوا على الأمر.
أيضًا، كشف تحقيق أجرته وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، عن تجنيد الميليشيا آلاف الأطفال للقتال فى صفوفها، غالبيتهم من أبناء القبائل الفقيرة، وقد تمّ اقتيادهم من المنازل والمدارس والمزارع وملاعب الكرة والقرى ومخيمات النازحين.
وتتبع مليشيا الحوثي - وفق التحقيق - طرقاً ملتوية لاستقطاب الأطفال عبر وعود بالمال وتوزيع السلاح، والإجبار والاختطاف من المدارس، وإكراه عدد منهم على القتال مقابل إطلاق أقربائهم من سجون المليشيا.
ويضطلع الأطفال بأدوار أساسية فى القتال، مثل حراسة نقاط التفتيش، وحمل السلاح، بحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة.
وبحسب إحصائيات صدرت نهاية العام الماضي، فإنّ قرابة ستة آلاف طفل يمنى تعرض للقتل أو الإصابة أو الإعاقة والتشريد، فيما بات آخرون أيتامًا أو منقطعين عن الدراسة.
وفي مشهد شديد المأساوية يندرج ضمن تلك الفظائع الحوثية، انتشرت - مؤخراً - صورةٌ لمدرسة مطلية بصور مقاتلين سقطوا على الجبهات، بعدما زّجت بهم المليشيات في الحرب.
قانونياً، تمثل هذه الجرائم انتهاكاً صارخاً لاتفاقية حقوق الطفل (1989)، حيث تنص المادة الـ38 على منع تجنيد أي شخص دون الـ15 سنة، وتمنح الطفل حقوق البقاء، والتطور والنمو إلى أقصى حد، والحماية من التأثيرات المضرة، وسوء المعاملة والاستغلال، والمشاركة الكاملة في الأسرة، وفي الحياة الثقافية والاجتماعية.