مهندس هتلر الذي يقود الحوثيين.. أبواق إعلام المليشيات تغرق في الكذب
الأحد 24 فبراير 2019 19:58:00
رأي المشهد العربي
"الصحافة هي أن تنشر ما لا يريد أحدهم أن يراه منشوراً، فيما عدا ذلك فهي مجرد أخبار علاقات عامة"، و"اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس".. مقولتان شهيرتان في مجال التعامل الإعلام تندرجان ضمن سياسات مليشيا الحوثي الانقلابية وحربها العبثية التي أشعلتها منذ صيف 2014، في محاولة لصنع واقع قائم على الكذب والتضليل لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية على حساب اليمن، أرضاً وشعباً.
في المقولة الأولى للصحفي والروائي البريطاني الشهير جورج أورويل، تحاربها المليشيات بشكل واضح للغاية، فما من صحفي أو منظمة مجتمع مدني تفضح جرائم الانقلابيين إلا يتم وضعه في دائرة الاستهداف على الفور.
أحدث الخطوات الحوثية على هذا الصعيد، أحالت المليشيات عشرة صحفيين لما تسميها "محكمة الإرهاب"، وباتوا يواجهون خطر عقوبة الإعدام في أي وقت، ضمن توجُّه يسعى من خلاله الانقلابيون إلى إسكات أي صوت معارض، يفضح جرائمهم وانتهاكاتهم.
الصحفيون - المختطفون منذ أربع سنوات في سجون المليشيات - هم عبدالخالق أحمد عمران، وأكرم صالح الوليدي، والحارث صالح حميد، وتوفيق محمد المنصوري، وهشام أحمد طرموم، وهشام عبدالملك اليوسفي، وهيثم عبد الرحمن راوح، وعصام أمين بالغيث، وحسن عبدالله عناب، وصلاح محمد القاعدي.
المليشيات قالت إنّ هؤلاء الصحفيين متهمون بإدارة مواقع ونشر أخبار من شأنها إضعاف معنويات مقاتليها، وهو اتهام زائف حيث أنّ هؤلاء العشرة رفقة مئات غيرهم، عملوا على إظهار الحقيقة وكشف الانتهاكات الكثيرة التي تنفذها المليشيات على الأرض.
يواجه هؤلاء الصحفيون تهماً تصل عقوبتها الإعدام، استناداً إلى قانون العقوبات، حيث تتهمهم المليشيات بإدارة مواقع ونشر أخبار من شأنها إضعاف معنويات مقاتليها.
هذا الإجرام الحوثي لا تقتصر خطورته على سلب حق إنسان في الحياة، لكنّه بارودٌ تزرعه المليشيات أمام تبادل الأسرى، وهو الملف الذي تمارس فيه مماطلة "فجة" أخّرت تحقيق نتائج إيجابية على الأرض.
لا يقتصر المثال على الصحفيين العشرة، فكثيرةٌ هي الحالات على تنكيل الحوثيين بنشطاء ومعارضين فضحوا جرائمهم وانتهاكاتهم، منهم وربما أحدثهم الناشطة إيمان محمد البشيري التي اختطفتها المليشيات من أمام منزلها بصنعاء وتم نقلها إلى أحد السجون التابعة للانقلابيين؛ وذلك بسبب اعتراضاتها على نهب الانقلابيين للمساعدات الإنسانية وبيعها في الأسواق، والتسبب بمجاعة للشعب، فيما مارست المليشيات ضغوطاً كبيرة على أسرتها لمنع الإدلاء بأي معلومات عنها، او للإعلام، ولاتزال مخفية ولا يعرف مكانها حتى اللحظة.
اختطاف إيمان والتنكيل بها جاء بعد أيام من واقعة مشابهة لما تعرّضت له الناشطة أوفى النعامي مديرة شؤون اليمن بالإنابة في منظمة "سيفر وورلد" البريطانية التي زجّت بها المليشيات في السجن، ووجّهت لها اتهامًا غريبًا يتعلق بتنفيذ برامج لبناء السلام وتمكين المرأة، حيث اعتبر الحوثيون الترويج للسلام في ظل الحرب بأنّه تنفيذ لأجندة غربية وصهيونية, من خلال حث الناس عن التقاعس على القتال، كما وجّه الحوثيون لها اتهاماً بالعمالة والخيانة والتجسس وتمّ إيداعها سجن الأمن القومي.
وبعد ذلك، طالبت منظمة العفو الدولية، بالإفراج الفوري عن "أوفى" وهو ما حدث بالفعل حسبما كشفت مصادر لـ"المشهد العربي" السبت الماضي، فيما تبيّن أنّ السبب الحقيقي وراء اعتقالها هو فضحها للجرائم التي يرتكبها الانقلابيون.
يشير كل ذلك إلى مدى فظاعة الحرب الحوثية على الإعلاميين والنشطاء الذين يكشفون جرائم المليشيات، وهو ما يندرج ضمن مؤامرة للانقلابيين مدعاها هو عدم السماح لوسائل الإعلام ونشطاء منظمات المجتمع المدني بنشر معلومات لا يرغبها الحوثيون.
الشق الآخر من التعامل الحوثي مع وسائل الإعلام مفاده المقولة الثانية الصادرة عن الألماني جوزيف جوبلز مهندس ماكينة الدعاية الألمانية لمصلحة النازية وأدولف هتلر، حيث تستخدم المليشيات مقولته بشكل واضح عبر أبواقها الإعلامية.
الكذب الحوثي يظهر في مجالات مختلفة، بين مزاعم تنظيم حملات صحية، أو أكاذيب توزيع مساعدات إنسانية، أو إدعاءات دعم منظمات المجتمع المدني.
ففي كل هذه المجالات، لا تنطلي أكاذيب الحوثي على الرأي العام، فقطاع الصحة مثلاً نال قسطاً كبيراً من الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات ضد الشعب، وبحسب تقارير دولية فإنّ المليشيات الحوثية تسبّبت في تفشي الوفاة بالاختناق "الدفتيريا"، وذلك بعد رفض أذرعهم الأمنية دخول جرعات اللقاح، ومن ثم إعادتها إلى البلد المنشأ إضافةً إلى حملة ممنهجة ضد "التلقيح".
وضمن حربها على هذا القطاع الحيوي، احتجزت المليشيات الحوثية في مطلع يناير الماضي، خمس شاحنات أدوية تابعة لمنظمة الهجرة الدولية، كانت فى طريقها إلى محافظة الحديدة.
وكانت هذه الشاحنات التابعة لمنظمة الهجرة الدولية قادمة من عدن إلى الحديدة عن طريق محافظة إب، حيث احتجزتها المليشيات الإرهابية فى نقطة التحسين بمدخل محافظة إب، وكانت تحتوي على كمية من الأدوية لعلاج الملاريا والكوليرا وكمية من المغذيات.
قبل ذلك، وتحديداً في نوفمبر الماضي، كشف مسؤولون حكوميون عودة وباء الكوليرا للتفشي في المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون، وبخاصةً في صنعاء.
وخلال الأسبوع الأول من نوفمبر الماضي، تمّ تسجيل 31 ألفًا و832 حالة اشتباه في صنعاء وعدد من المحافظات، كما تسبّب تفشي وباء الكوليرا من قِبل المليشيات الحوثية - بحسب منظمة الصحة العالمية - في وفاة أكثر من 1800 شخص وإصابة 356 ألف آخرين.
لم تكتفِ المليشيات بالتسبّب في تفشي الأمراض، لكنّها كثيراً ما رفضت السماح لمنظمة الصحة العالمية بالقيام بحملة تطعيم ضد الأوبئة. وفي العام الماضي، توفي أكثر من 220 شخصاً بسبب إصابتهم بالحصبة حسبما أعلنت منظمة الصحة العالمية، التي قالت إنّ هذا المرض سجّل انتشاراً كبيراً في البلاد جرّاء تدهور الخدمات الصحية، مشيرةً إلى أنّ عدد حالات الإصابة بلغ أكثر من 24 ألف شخص.
تزامن هذا التقرير العالمي مع الكشف عن حملة وُصفت بأنّها "شيطانية" قامت بها وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها، أدّت إلى انهيار حملة التحصين التي قادتها منظمة الصحة العالمية ضد وباء الحصبة.
كما تنتشر الأمراض والأوبئة في السجون التي تسيطر عليها ملشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران وهو ما أكده تقرير لإدارة الرصد الوبائي. يقول التقرير إنّ انتشار الحشرات وعدم نظافة الأثاث داخل السجون التي تقع في أماكن سيطرة المليشيات ما أدى إلى تفشي الأمراض والأوبئة مثل الكوليرا والحساسية وغيرهم.
ويعاني نزلاء سجون الحربي والمعلمي والثورة وعلاية والحتارش البالغ عددهم أكثر من 960 سجيناً - وفق التقرير الصادر منتصف يناير الماضي - من عدة أمراض، ويحتاجون إلى رعاية صحية، وتوفير الأدوية للعيادات الطبية في السجون، كما أنّ 95% من نزلاء سجن علاية الاحتياطي، البالغ عددهم 520 سجيناً، يعانون من أمراض مختلفة، أغلبها الجرب، وبعضهم مصاب بالسكري والسل، وجميعهم بحاجة إلى تدخل طبي عاجل، بحسب اللجان التي نزلت لمتابعة أوضاع السجناء.
كل هذه الجرائم التي تتكشف يوماً بعد يوم، تفضح أكاذيب الحوثيين بشأن الإدعاء بتنظيم أي حملات صحية أو حرصهم على دعم هذا القطاع، أو على الأقل عدم التسبّب في تأزيم هذا الملف.
ضمن تحركاتها في هذا السياق، منعت المليشيات الإرهابية تسجيل أو تجديد الترخيص للمنظمات والنقابات في صنعاء والمناطق التي لا زالت خاضعه لسيطرتها.
ووجّه رئيس حكومة الانقلابيين الحوثيين "غير المعترف بها دوليًّا" عبد العزيز بن حبتور، بمنع وتوقيف منح وتجديد أي تراخيص تخص المنظمات، وهو تصرف غير شرعى ويُقيِّد عمل الحريات النقابية، تضاف إلى سلسلة الإجراءات التى اتخذتها السلطات الانقلابية فى صنعاء المخالفة لكافة القوانين.
هذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها المليشيات منظمات المجتمع المدني، ففي نوفمبر الماضي أوقف الانقلابيون كل الأنشطة الإنسانية المحلية التي تتبناها منظمات المجتمع المدني غير التابعة للمليشيات في من أجل احتكار هذه الأنشطة وتسخيرها لأهدافها الطائفية.
آنذاك، أصدر أحمد حامد القيادي في المليشيات الموالية لإيران المُعيَّن من قبل الإرهابيين مديراً لمكتب رئيس مجلس حكمها الانقلابي مهدي المشاط، توجيهاً إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الخاضعة للجماعة في صنعاء يقضي بمنع منح أي تصريح جديد للعمل الطوعي الإنساني باستثناء المنظمات التابعة للجماعة.
توجيهات المليشيات حصرت الاستثناءات في السماح بالعمل الطوعي للمنظمات التابعة للأشخاص الموالين لها، على أن يتم منح الترخيص مباشرةً من قبل "حامد"، بتفويضٍ من المشاط.
كما تعمّدت المليشيات خلال السنوات الماضية إنشاء العشرات من المنظمات المحلية تحت لافتة العمل الإنساني، وأوكلت إليها السطو على أغلب المساعدات الإنسانية الدولية وتسخيرها لاستقطاب المجندين وخدمة الأهداف الطائفية للجماعة، حيث فرضت المليشيات الإقامة الجبرية على مئات الناشطات والقيادات النسائية، وتهديدهن بالقتل في حال مخالفتهن لذلك، حيث يختطف الحوثيون، النساء ويُجبرون أسرهن على تزويجهن بالقوة لمقاتليهم، كما يتم استغلال النساء وغالبيتهن من الأرامل والزج بهن في أنشطة عسكرية تخالف تقاليد اليمنيين وأعرافهم.