ازدهار اقتصاد الحرب يدفع الحوثي لطول أمد الصراع في اليمن
يبدو أن المكاسب التي تحصدها مليشيا الحوثي من وراء جرائمه اليومية التي مكنته من السيطرة على مناطق وشركات وهيئات هامة ومؤثرة داخل اليمن، تدفعه للمماطلة في الوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة الحالية أملا في الحصول على أكبر قدر من المكاسب سواء كانت مادية أو بشرية أو حتى جيوسياسية.
ومؤخرا كشف معهد أبحاث أمريكي عن الأسباب الحقيقية التي تدفع الحوثي لإطالة أمد الصراع في اليمن، مشيرا إلى أن خبراء من الأمم المتحدة ومراقبين دوليين، رصدوا ازدهار اقتصاد الحرب لدى الحوثيين، في الوقت الذي يعاني فيه ملايين اليمنيين من الظروف المعيشية الصعبة.
وحذّر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في دراسة بحثية، للباحثة إيلانا ديلوزيي، رئيسة "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في المعهد، من أن انتشار الفساد وازدهار اقتصاد الحرب في اليمن بشكل أشبه بالمافيا الدولية، يخلق عوامل غير مشجعة للسلام لدى الحوثيين.
وكشفت الدراسة أن تمويل الجهود القتالية للحوثيين يتم عبر تمويل من الإيجارات والرسوم في صنعاء التي اعتادت الحكومة تحصيلها، وقد بلغت إجمالي هذه الإيرادات العام الماضي نحو 407 مليارات ريال يمني (1.6 مليار دولار) على الأقل.
وأضافت أنه علاوة على ذلك فإنهم يجمعون ضرائب الاستيراد في موانئ الحديدة والسليف، وعند نقطة التفتيش في محافظة ذمار التي تمر خلالها جميع واردات البلاد تقريباً، حتى تلك القادمة من نقاط العبور غير الخاضعة للسيطرة الحوثية.
كما يحصل الحوثيون على مبالغ كبيرة من خلال فرض ضرائب على النفط المهرب من إيران ربما عشرات ملايين الدولارات شهرياً.
ووفقا للدراسة، فهناك عوامل مختلفة مزعزعة للاستقرار في اليمن، مثل تطور اقتصاد الحرب في البلاد، مشددة على أنه بطبيعة الحال فإن أولئك الذين يستفيدون من هذا الاقتصاد هم أقل ميلاً بكثير لتسهيل عملية الانتقال إلى السلام، ويمكن أن يعملوا كمفسدين إذا تهددت مصالحهم.
وأوضحت أن هذه العناصر تشمل العديد من أصحاب المصلحة المهمّين في الشمال والجنوب، حيث يضطلع بعضهم بدور في هياكل الحكم الخاصة بالحوثيين.
ووفقا للدراسة، يتم تهريب النفط عن طريق الحديدة باستخدام أوراق مزورة تشير إلى أن مصدره هو عُمان، على الرغم من أن المصدر الحقيقي هو إيران.
ومن خلال اتباع هذا الإجراء، يتعذر على التحالف العربي أو المراقبين البحريين التابعين للأمم المتحدة كشف مثل هذه السفن.
وتابعت الدراسة أن اقتصاد الحرب خلق فرصاً كبيرة للفساد، حيث لعب الفساد المنتشر في البلاد دورا كبيرا في زيادة حدة الأزمة الإنسانية عن طريق رفع الأسعار بصورة مصطنعة وإعاقة استيراد السلع التجارية.
ونبّهت الدراسة إلى أن الأمم المتحدة تحقق في اتهامين ضد الحوثيين: أولاً، أنهم يحاولون تحويل المساعدات الإنسانية على نطاق واسع إلى المجهود الحربي، حيث تم الاشتباه في قيامهم بذلك مؤخراً في الحديدة.
وثانياً، أنهم يصطنعون ندرة الوقود لرفع الأسعار في السوق السوداء، حيث تحقق المنظمة الدولية في شبهات عن اتحاد احتكاري مقرّب من المسؤول الحوثي الكبير محمد علي الحوثي للتحكم في أسعار الوقود في البلاد.
ونبّهت الدراسة بأن مجلس الأمن الدولي لديه هو الآخر معلومات تؤكد الإمبراطورية الاقتصادية المتنامية للمليشيات الحوثية في اليمن، حيث رصد فريق دولي أثناء مراقبة تنفيذ العقوبات وحظر الأسلحة المفروض على اليمن، في يناير الماضي، على النحو المحدد في قراري مجلس الأمن رقم 2140 الصادر عام 2014 والقرار رقم 2216 الصادر عام 2015 وجود روابط اقتصادية قوية بين العديد من المليشيات الحوثية التي تقاتل ضد القوات الحكومية اليمنية المدعومة من تحالف الشرعية.
وأوضحت الدراسة أن الخبراء الدوليين حذروا من أنه في حال انهيار المصالح الاقتصادية القائمة بين المليشيات الانقلابية، فقد تنقسم إلى قوى معارضة متعددة تتقاتل ضد بعضها؛ ما يؤدي إلى اندلاع سلسلة من الحروب الأهلية الصغيرة في جميع أنحاء البلاد.
ومؤخرا رصد تقرير لوزارة حقوق الإنسان اليمنية آلاف الانتهاكات، التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي الإيرانية على مدار العام الماضي في صنعاء وتعز، طالت السكان والمساعدات الإنسانية والمرافق العامة.
وذكر التقرير أن ميليشيا الحوثي الإيرانية ارتكبت على مدار عام 2018، 3115 انتهاكاً بحق المواطنين في العاصمة اليمنية صنعاء، وشملت الانتهاكات 10 مديريات.
وأشار التقرير إلى 529 انتهاكاً ارتكبها المتمردون في مديرية السبعين وسط صنعاء، وتجاهلت المنظمات الدولية هذه الانتهاكات، ولم تأت على ذكرها في تقاريرها.
وتنوعت انتهاكات الحوثيين بين القتل والإصابة والتجنيد والاختطاف والإخفاء القسري.
واستعرض التقرير اليمني الحكومي انتهاكات الميليشيا في ما يتعلق بسرقة المساعدات الإنسانية والإغاثية.
وجاء التقرير على ذكر 59 حالة قتل، و388 حالة قمع للسكان، و762 حالة اختطاف، و172 حالة إقصاء وظيفي، و172 اعتداء على المنشآت العامة و137 تعدياً على المنشآت الخاصة.
أما في مدينة تعز، فقد رصد مركز "المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان" 1890 انتهاكاً خلال العام الماضي، ما جعلها تتصدر المدن اليمنية الأكثر عرضة للانتهاكات الحوثية.
وبحسب تقرير المركز الحقوقي فإن الحوثيين ارتكبوا 17 مجزرة ضد المدنيين في المدينة، إلى جانب تفجير 20 منزلاً، وتدمير 274 منشأة من الممتلكات العامة.