الوساطة الأممية.. 7 سنوات من التزين بمظهر الحياد
كشف الموقف الحوثي من تطبيق المرحلة الأولى من اتفاق الحديدة الذي كان مقررا له، صباح اليوم الاثنين، عن أن المليشيا الانقلابية لا تجد رادعا دوليا من قبل الأطراف الراعية للمفاوضات مع الحكومة من الممكن أن يجبرها على تنفيذ الاتفاقيات بعيدا عن الحلول العسكرية التي يقودها التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن، وهو ما يجعل موقف الأمم المتحدة على مدار السنوات الماضية أشبه بأيدي رقيقة تحاول إقناع العناصر الانقلابية بالجنوح إلى السلام من دون أن يكون هناك إرادة دولية تردعها.
كلّما تعززت انتصارات التحالف العربي في اليمن وكلما اقتربت من إنهاء النزاع وإنقاذ اليمن وعودة الحكومة والدولة اليمنية لبسط نفوذها على كامل ترابها الوطني، سعت شخصيات أو كيانات تابعة للأمم المتحدة إلى مواقف وسياسات تمثل طوق النجاة للميليشيا الحوثية. وهذا نهج ثابت للأسف، يجب أن يوضع تحت المجهر وأن يتم البحث عن أسبابه ودوافعه.
وقال الكاتب السعودي عبدالله بن بجات العتيبي، في مقال له نشره موقع العربية، إن أدوار الأمم المتحدة ملتبسة تجاه استيعاب الأزمة وأبعادها والضرورات التي دفعت إليها، وذلك منذ بدء عاصفة الحزم في اليمن وقيام التحالف العربي بمواجهة التغوّل الإيراني هناك وضرب الانقلابيين الحوثيين وميليشياتهم المسلحة، وأن هذا ينطق على دور المبعوثين الدوليين من المغربي جمال بن عمر إلى الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد وصولاً إلى البريطاني مارتن غريفيث، وكذلك بعض المؤسسات التابعة للمنظمة الدولية.
وأضاف أن آخر ما يمكن تسميته بالقصور في تصوّر الأزمة والقصور في فهمها من قبل المؤسسات التابعة للأمم المتحدة تقرير خبراء حقوق الإنسان الذي صدر الأسبوع الماضي بتبنٍّ شبه كامل لكل افتراءات ميليشيا الحوثي الإيرانية وتغاضٍ مخجلٍ عن كل جرائمهم المعلنة والمصورة والموثقة، وأكثر من هذا أن التقرير يتعامل مع هذه الميليشيا المحتلة والمغتصبة وكأنها كيانٌ شرعي معترفٌ به دولياً.
وأوضح أن قصور التصور وقصور الفهم أدى بشكلٍ طبيعي إلى قصورٍ في المعالجة، وما بني على باطل فهو باطل، هذا من حيث المبدأ العام، والراصد لمواقف المبعوثين العامين وبعض المؤسسات التابعة للأمم المتحدة وبياناتهم وتقاريرهم يكتشف بسهولة أنهم يعيشون في عالم آخر غير الذي يراه الناس وتنقله وسائل الإعلام بشكل يومي من قلب اليمن فضلا عن أنه سيكتشف جهلاً مريعاً بصراعات المنطقة أو تجاهلاً مقصوداً لها.
وتابع: "فمجرد اعتقاد أن ميليشيا الحوثي هي جماعة يمنية وطنية هو وهمٌ كبيرٌ وتضليلٌ أكبر للرأي العام الدولي وهي بنفس سذاجة وقصور من يعتقد أن "حزب الله" اللبناني الإرهابي لبناني وطني فحسب ولا علاقة له بمشاريع إيران التوسعية".
ويرى مراقبون أن التقرير حاول التغطية على التحيّز الظاهر فيه بلغة الجمع التي يراد بها التزين بمظهر الحياد "الجميع مذنبون" أو نحوها من الألفاظ والمصطلحات، وهذا جورٌ ما بعده جور، فالتحالف العربي دخل المعركة في اليمن لمواجهة المشروع الإيراني الطائفي الإرهابي ذي السياسة التوسعية وبسط النفوذ المنافية لمبادئ الأمم المتحدة، وهو المشروع الذي ينتهك سيادة الدول ويتدخل في شؤونها الداخلية عبر الميليشيات والتنظيمات الإرهابية وينشر الخراب والدمار حيثما استطاع، فنزع هذا البعد والتغاضي عنه يحكم على التقرير بالانحياز والميل لكفة دون أخرى.
ويعود تاريخ الوساطة الأممية في اليمن إلى العام 2011، وفي تلك الفترة برز خلال الوساطة بين صالح والمحتجين اسم البريطاني من أصل مغربي جمال بن عمر، الذي عُيّن مبعوثاً دولياً في أبريل 2011 وحتى أبريل 2015.
وبعد غرق اليمن في الاحتراب جيء بالمبعوث الأممي الجديد الموريتاني إسماعيل ولد شيخ أحمد، لإنقاذ الموقف، إلا أنه لم يقدّم جديداً لحل الصراع الداخلي في اليمن سوى جولات لا تقدم ولا تؤخر، رحل ولد الشيخ في 22 يناير 2018، وجاء البريطاني مارتن غريفثتس خلفاً له.