التحالف الإيراني الحوثي مع ثالوث الشر.. إرث قديم تربطه مصالح حديثة

الثلاثاء 26 فبراير 2019 00:04:00
التحالف الإيراني الحوثي مع ثالوث الشر.. إرث قديم تربطه مصالح حديثة
تعمل إيران منذ انطلاق الثورة الخمينية المشؤومة عام 1979، وفق أيديولوجية نشر الفوضى والاقتتال داخل المنطقة العربية، وصنع تحالفات مع ثالوث الشر( داعش والقاعدة وحزب الله)، والتي تعد الأخطر تنظيماً على مستوى العالم، حتى يتسنى لها تنفيذ مخطط المد الشيعي المتطرف وإكمال الهلال الفارسي المزعوم بالهيمنة على البلدان العربية كاملة عبر مليشياتها الصفوية.
الغزو الشيعي 
وبدأت الدكتاتورية الفارسية مخططها الحديث عقب الغزو الأمريكي للعراق حيث استغلت الفوضى في دفع عناصر الحرس الثوري إلى بغداد، وصنع مليشيات مسلحة تفرض سيطرتها على أجهزة الدولة، مروراً بسوريا التي غزتها مليشيا الملالي والعمائم الدينية لنشر المذهب الشيعي المتطرف، بمساندة تنظيم حزب الله الإرهابي بلبنان، وانطلقت أخيراً إلى اليمن عبر مساندة مليشيا الحوثي للإنقلاب على الشرعية ونشر الفوضى وقتال العصابات في الشوارع اليمنية.
 إلا أن الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب بالتنسيق مع الحكومة والجيش اليمني المدعوم من التحالف العربي ساهمت في تقييد تنظيمي القاعدة وداعش، رغم أنهما لا يزالان ينفذان هجمات إرهابية في مختلف الأراضي المحررة الخاضعة لسيطرة التحالف العربي، بعيدًا عن مناطق سيطرة الحوثي في اليمن.
ومنذ انقلاب مليشيات إيران الحوثية في 21 سبتمبر 2014، كشفت الدكتاتورية الفارسية عن أنيابها وأظهرت مخططاتها التي تهدف من خلالها تقويض السلام بالمنطقة العربية ونشر المد الشيعي المتطرف عبر مليشياتها الإرهابية مستغلة عدم استقرار الأوضاع الأمنية على المستوى الإقليمي والدولي.
تصدي التحالف العربي لمخطط إسقاط اليمن
وجاءت جهود التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في مارس 2015 وحتى اللحظة، حيث عملت قوات التحالف العربي على كبح جماح الميليشيات الحوثية، وتمكنت عبر إسناد القوات اليمنية والمقاومة الشعبية من استعادة نحو 85% من الأراضي اليمنية التي كانت مهددة بالسقوط في المشروع الإيراني الإرهابي الرامي لضرب المنطقة، وتهديد الأمنين الإقليمي والعالمي.
وبرزت نجاحات قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن في التصدي للميليشيات الإرهابية، من خلال الانتصارات الميدانية الكبيرة التي تحققت، حيث يواصل التحالف العربي عمليات الإغاثة لدعم الشعب اليمني والتعاون مع الأمم المتحدة والوكالات الدولية.
إيران وعلاقتها بالقاعدة
طهران المتورطة بتنفيذ اغتيالات ضد معارضين في بلدان أوروبية، فضلا عن تصدير الفوضى والخطط التخريبية إلى داخل نطاق بلدان مجاورة لم تكتفِ بتقويض أمن اليمن من خلال دعمها ميليشيا الحوثي، بل تسعى لتعزيز تعاونها القديم مع تنظيم القاعدة الإرهابي.
واقعة ضبط أسلحة إيرانية بحوزة إرهابيي القاعدة في اليمن، تسلط الضوء مجددا على علاقة ليست حديثة بين نظام ولاية الفقيه الحاكم في طهران منذ 4 عقود والتنظيم الإرهابي الأشهر عالميا خلال مطلع الألفية الحالية.
فتحديدا في عام 2001، ومع اشتداد وطأة الضربات الأمريكية التي استهدفت "القاعدة" في أفغانستان، فرّ عدداً كبيراً من إرهابيي التنظيم إلى إيران، ما أثار حينها استغراب الخبراء ممن لم يتمكنوا من استيعاب الصلة بين الطرفين.
وبعد سنوات عديدة تتكشف خيوط العلاقة السرية بين التنظيم الإرهابي الأشهر وطهران الراعي الأول للإرهاب في العالم ومنطقة الشرق الأوسط تحديداً، بعد أن أكدت آلاف الوثائق التي نشرتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قبل عامين سخاء الإيرانيين مع عناصر القاعدة الفارين إليها.
وقال ناصر شعباني، رئيس مركز الدراسات الأمنية والدفاعية التابع لجامعة الحسين الخاضعة لسيطرة الحرس الثوري الإيراني، في كلمة له بثكنة عسكرية في مشهد الواقعة شرقي إيران، إن "الحرس الثوري وجّه أوامر للحوثيين في اليمن باستهداف ناقلتي النفط السعوديتين ففعلوا ذلك"، على حد قوله.
ووصف شعباني الذي يتولى قيادة عمليات ثكنة عسكرية تابعة للحرس الثوري تدعى "ثأر الله"، أن ميليشيات حزب الله اللبناني والحوثي الانقلابية تمثلان "عمقا إيرانيا" في المنطقة، على حد قوله.
صفقات مشبوهة
وبين إيران والحوثي تاريخ طويل وغامض من الصفقات المشبوهة، غير أن الجانب الظاهر للعلن هو استغلال إيران تنظيم القاعدة في شنّ هجمات إرهابية عدة، فضلا عن تمرير أجندتها التخريبية في سوريا وبلدان مجاورة أخرى.
وعرضت أجهزة الاستخبارات الإيرانية، وفقا لوثائق الاستخبارات الأمريكية، توفير دعم نقدي ولوجيستي ومعلوماتي مقابل استهداف تنظيم القاعدة المصالح الأمريكية في دول خليجية.
وأشارت الوثائق التي جرى نشرها مطلع نوفمبر عام 2017، إلى أن مسلحي القاعدة الذين فروا إلى إيران خلال الغزو الأمريكي لأفغانستان ما بين عامي 2001 و2002، استقروا في طهران بكل سهولة تحت مرأى ومسمع أجهزة الاستخبارات الإيرانية.
وغضت طهران أعينها لسنوات عديدة عن عبور إرهابيي تنظيم القاعدة لأراضيها للانضمام لمليشيات مسلحة في العراق، بل حتى لقتال المليشيات الشيعية المدعومة من إيران نفسها.
وكانت محكمة أمريكية قضت في مايو الماضي بتوقيع غرامات باهظة على حكومة طهران تقدر بنحو 6 مليارات دولار، كتعويضات لصالح أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر عام 2001 التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء.
وأكد جورج دانيلز، القاضي الفيدرالي الذي أصدر الحكم، آنذاك، أن البنك المركزي الإيراني ومليشيات الحرس الثوري ضالعان بتلك الهجمات الإرهابية التي نفذّها تنظيم القاعدة.
أما تقويض أمن اليمن فكان حاضرا دائما على أولوية أجندة نظام ولاية الفقيه التخريبية إقليميا، حيث اعترف قائد بارز ضمن مليشيا الحرس الثوري الإيراني بتحريض مليشيا الحوثي الانقلابية على استهداف ناقلتي نفط سعوديتين بمضيق باب المندب نهاية يوليو الماضي.
إيران والحوثي والقاعدة وداعش
وبدأت، خلال الأيام الماضية، تتكشف للعالم أجمع خفايا العلاقات بين الحوثي وكل من تنظيمي القاعدة وداعش، خصوصًا بعد العملية الإرهابية التي أقدم فيها تنظيم داعش الإرهابي على قتل 4 شبان يمنيين في منطقة يكلا بمحافظة البيضاء، كانوا في طريقهم إلى محافظة مأرب للالتحاق بصفوف الجيش الوطني الذي يواجه ميليشيات الحوثي الانقلابية، وهي العملية التي تؤكد أن المستفيد الأول من تنفيذها هي الميليشيا الحوثية رغم اختلاف المرجعية المذهبية للطرفين.
المصالح المشتركة بين الحوثيين من جهة، وداعش والقاعدة من جهة أخرى، جعلت التحالف بين الطرفين أمرًا طبيعيًا؛ فمن جانب الحوثيين، فإن توطيد علاقاتهم مع التنظيمين الإرهابيين، يمكن أن يخدم مصالحها في تنفيذ هجمات إرهابية تستهدف المناطق المحررة من القوات الشرعية، وهو الأمر الذي سيخدم الحوثيين لتقديم أنفسهم كشركاء للمجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب.
وكذلك فإنها توظف الأمر لتبرير إرهاب الميليشيات الحوثية وانقلابها وسيطرتها على البلاد ومؤسسات الدولة، بدليل أنه على مدار 4 سنوات من الأزمة اليمنية لم تشهد أي من المحافظات صدامات ومواجهات بين ميليشيا الحوثي مع القاعدة أو داعش، بالإضافة إلى عملهم جنبًا إلى جنب في البيضاء وتعز وبعض المحافظات الجنوبية.
أما بالنسبة لداعش والقاعدة، فمصلحتهما مع الحوثيين تكمن في سببين رئيسيْن: الأول هو استمرار الحصول على الدعم اللوجستي والمادي والتدريب العسكري الممول من إيران، مما سيرفع من خبراتهما القتالية والعسكرية التي ستساهم في توسيع نفوذهما في اليمن وتحقيق حلمهما بإعلان دولة الخلافة.
أما السبب الثاني، فيكمن في مواجهة عدو المشترك هو الجيش والحكومة الشرعية التي صارت هدفًا للإرهاب، بسبب تكثيف جهودها مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب تزامنًا مع تحرير المحافظات اليمنية من الميليشيات الحوثية.