هل فكر الحوثيون في اغتيال «لوليسغارد»؟
الأربعاء 27 فبراير 2019 20:02:35
رأي المشهد العربي
في الوقت الذي كان يُعقد فيه مؤتمر المانحين بجنيف لدعم اليمن الحزين بمشاركة 40 دولة، وزيارة المبعوث الأممي مارتن غريفيث لصنعاء، لم تستح المليشيات الانقلابية من ممارسة أفعالها المشينة وقصفت مستشفى 22 مايو في الحديدة ما اضطر موكب رئيس لجنة المراقبين الدوليين مايكل لوليسغارد -بمعية فريق برنامج الغذاء العالمي- للتوقف.
لكن ماذا لو لم يتوقف موكب «لوليسغارد»؟.. هل المليشيات الانقلابية تريد إرسال رسالة إلى رئيس لجنة المراقبين الدوليين؟.. أو استعراض عسكري ليس إلا؟.. هل فكرت في اغتيال «لوليسغارد»؟.. أسئلة كثيرة يفرضها موقف المليشيات الانقلابية تجاه الموكب الأممي، ما أعاد في الأذهان تصرف الحوثي مع الجنرال الهولندي، رئيس لجنة المراقبين الدوليين السابق «باتريك كاميرت» عندما حاولوا اغتياله بعد رفضه لمسرحية الانتشار الوهمي في ميناء الحديدة.
من الممكن ألا نجد إجابات على تلك الأسئلة، لكن الحقيقة الثابتة والواضحة للجميع هي أن المليشيات تتمادى في استهداف جهود السلام، وصولا إلى إطلاق أعيرة الرصاص على سيارات الأمم المتحدة في الحديدة، كما تعمد الحوثيون في 17 يناير المنصرم من استهداف الجنرال الهولندي بقصف مدفعي مركز طال المبنى الذي كان يعقد فيه أحد اجتماعاته مع الوفد الحكومي في لجنته، لينجو بأعجوبة.
ومن الحقائق الواضحة أيضًا، أنه أي شخص سيتمسك بتطبيق اتفاق السويد «المنقوص» سيلقى نفس مصير الجنرال الهولندي السابق باتريك كاميرت، وهذه هي الرسالة التي كانت المليشيات تُريد إرسالها لرئيس الفريق الأممي الجنرال الدنماركي حتى تغطي على فشل تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق إعادة الانتشار، ومواصلة خروق قرار وقف إطلاق النار في الحديدة.
وكان فريق فني من الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي قد زار مطاحن البحر الأحمر الواقعة تحت سيطرة القوات المشتركة في الحديدة، برفقة رئيس المراقبين الدوليين مايكل لوليسغارد.
وتقع تلك المطاحن جنوبي الحديدة على خطوط التماس بين الحوثيين والقوات الحكومية، وتستخدمها الأمم المتحدة منذ بدء الحرب لطحن القمح المقدم كمساعدات للمدنيين.
وفي 11 فبراير الجاري، صرح المبعوث الأممي الخاص لليمن مارتن غريفيث بأن صوامع الغلال التي يشرف عليها برنامج الغذاء العالمي في الحديدة يتعذر الوصول إليها منذ أكثر من 5 أشهر، ما يجعل آلاف الأطنان من الحبوب بها "عرضة للتعفن".
وقالت مصادر دبلوماسية إن المبعوث الأممي سيبحث مع قيادات الحوثي تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق إعادة الانتشار في الحديدة، وإتمام التبادل الجزئي للأسرى والمعتقلين.
وكان من المقرر أن يبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار في محافظة الحديدة منذ يومين، والتي تقضي بانسحاب مليشيات الحوثي من ميناءي الصليف ورأس عيسى لمسافة 5 كيلومترات مقابل انسحاب القوات الحكومية لمسافة كيلومتر واحد بالتزامن مع عملية نزع الألغام من المناطق المنسحب منها والتحقق من ذلك.
وكانت مليشيات الحوثي حالت دون تنفيذ اتفاق السويد الخاص بالحديدة منذ أكثر من شهرين بعد وقف إطلاق النار، في مسعى منها للالتفاف عليه ومحاولة تنفيذ انسحاب صوري لا يضمن عودة الحديدة وموانئها الثلاثة إلى كنف السلطات الحكومية الشرعية.
ويشير مراقبون إلى أن العناصر الانقلابية تسعى لأن تغيب القضية الأساسية وهي إنهاء إنقلابهم على الشرعية وسط توالي المفاوضات، بحيث ينخفض سقف مطالب الحكومة اليمنية في كل مرة تذهب للجلوس على الطاولة معها، وهو ما ظهر في تنفيذ اتفاق السويد «المنقوص» الذي لم يحقق حتى الآن.
ويقضي اتفاق الحديدة، بانسحاب المليشيات مع أسلحتهم الثقيلة من ميناءي الصليف ورأس عيسى خمسة كيلومترات في المرحلة الأولى وتراجع قوات ألوية العمالقة شرق المدينة نحو كيلومتر واحد بما يتيح فتح ممر آمن لموظفي الأمم المتحدة للوصول إلى مخازن القمح في مطاحن البحر الأحمر.
وأدى إغلاق الحوثي للطرق المؤدية للمستودعات إلى تعذر وصول الفرق الأممية منذ 6 أشهر وسط مخاوف من تلف الكميات المخزنة والتي تكفي لإطعام نحو 3 ملايين شخص لمدة شهر.
وتريد الجماعة الحوثية أن تنفذ إعادة انتشار صورية لمليشياتها في الحديدة وموانئها الثلاثة مع بقائها فعليا للتحكم بالشأن المالي والإداري والأمني.
وكانت مليشيات الحوثي الانقلابية ضربت بقرار مجلس الأمن الدولي الخاص بنشر 75 مراقبًا دوليًا في الحديدة عرض الحائط ولم تنتظر 24 ساعة حتى انقلبت عليه ومنعت الجنرال الهولندي باتريك كاميرت رئيس لجنة إعادة الانتشار السابق من لقاء وفد الحكومة، بل الأدهى من ذلك أنها أطلقت عليه النار فور علمها بتفقده للمناطق التي قصفتها مليشيات إيران في الحديدة.