تعهّدٌ لم تلتزم به.. كيف تورّطت إيران في إطالة أمد الأزمة اليمنية؟
"فتِّش عن إيران".. لا تكاد تخلو أي أزمة في المنطقة العربية وإلا وتهب عليها رائحة إيرانية تعمل على تمزيقها، ومن ذلك الأزمة في اليمن المستمرة بفعل دعم سياسي وعسكري واسعين تقدمه طهران لمليشيا الحوثي الانقلابية.
وزير الخارجية خالد اليماني صرح اليوم الأربعاء، بأنّه تحدّث مع دبلوماسيين أوروريين، وبحسب روايتهم فإنّ طهران وعدت بالضغط على مليشيا الحوثي لتنفيذ اتفاق استوكهولم لكن حتى الآن لم يحدث أي شيء.
وبحسب تصريحاته التي نقلتها صحيفة "الشرق الأوسط"، فإنّ اليماني دعا الدول الأوروبية إلى الضغط على إيران لوقف دعمها للمليشيات الانقلابية، وقال إنّ طهران تُقدِّم للحوثيين كل أدوات استمرار الحرب في اليمن واستنزاف قوته في معركة لن يستفيد منها أحد، وتشكل تهديداً للأمن والسلم في المنطقة الحيوية بخليج عدن والبحر الأحمر.
وأضاف أنّ المطلوب في المرحلة الراهنة وقف تدخلات إيران في بلاده ودعمها للإرهاب في المنطقة وليس قلب نظام الحكم أو تغييره كما تحدث عن نتائج القمة ونصيب اليمن منها بدعم تنفيذ اتفاق السويد والرؤية المستقبلية لمفاوضات السلام في اليمن، وطالب باتخاذ موقف مع إيران التي تغذي كل الفتن والحروب من خلال تداخلاتها في الشأن العربي وبصفة خاصة اليمن.
اليماني كشف كذلك عن أنّ المجموعة الأوروبية بدأت أخيراً تتحرك وتضغط على إيران من خلال فتح المفاوضات حول ملف الصواريخ الباليستية، وأشار إلى أنّ هناك بياناً صادراً عن الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بهذه النزاعات التوسعية الإيرانية، متابعاً: "لذلك نطالب الأصدقاء الأوروبيين والمجتمع الدولي لممارسة المزيد من الضغط على إيران لإقناع حلفائها من جماعة الحوثي الالتزام بالسلام".
وهناك أدلة كثيرة على التسليح الإيراني للحوثيين، بينها ما عرضته الولايات المتحدة قبل أشهر من بقايا أسلحة إيرانية زودت طهران المليشيات، لتؤكد بأنها دليل حاسم على أن إيران تنتهك القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، في إطار مشروعها القائم على ضرب استقرار دول المنطقة عبر أذرعها الطائفية.
وشملت تلك الأدلة بقايا متفحمة، وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية أنّها من صواريخ باليستية قصيرة المدى إيرانية الصنع أطلقت من اليمن في الرابع من نوفمبر 2017 على مطار الملك خالد الدولي خارج العاصمة السعودية الرياض، إضافة إلى طائرة بدون طيار وذخيرة مضادة للدبابات.
وآنذاك، عبّرت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، عن ثقتها في أن طهران تتحمل مسؤولية نقل تلك الأسلحة للحوثيين في اليمن، وقالت - في مؤتمر صحفي في قاعدة عسكرية على مشارف واشنطن: "هذه الأسلحة إيرانية الصنع.. وأرسلتها إيران.. ومنحتها إيران".
كما عرضت الوزارة شرحًا مفصلًا بكل الأسباب التي دفعتها للاعتقاد بقدوم الأسلحة من إيران، لافتةً إلى علامات تجارية إيرانية على أجزاء أسلحة والطبيعة المميزة لتصميم الأسلحة الإيرانية، وشمل ذلك تصميمات صواريخ "قيام" البالستية قصيرة المدى، حيث حصلت على أجزاء لصاروخين من هذا الطراز أطلق أحدهما يوم الرابع من نوفمبر على المطار وأطلق الآخر يوم 22 يوليو.
واستشهدت بوجود علامات تجارية قالت إنها مطابقة لعلامات شركات دفاع إيرانية على أجزاء تستخدم في توجيه محركات الصواريخ وعلى لوحة دوائر كهربائية تستخدم في نظام توجيهها.
وفي مسار آخر، تحدّثت مجلة "جاينز" البريطانية عن تقارير أمنية في محافظة مأرب، أشارت إلى ضبط طائرات بدون طيار كانت في طريقها إلى الحوثيين يتم تخزينها بشكل جيد في مواد حساسة إلكترونية وغيرها، وأفادت مصادر عسكرية بأنّ الحوثيين يحصلون على الطائرات كقطع غيار ثمَّ يعاد تركيبها داخل الأراضي اليمنية.
وذكر تقريرٌ صدر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة أنّ الطائرات بدون طيار تمّ تجميعها من مكونات مصدرها خارجي (طهران) وتم شحنها إلى اليمن، وأنّ طراز "قاصف" أو "المهاجم" متطابق تقريبًا في التصميم والأبعاد والقدرات التي تتمتع بها أبابيل-T ، التي تصنعها شركة إيران لصناعة الطائرات.
وفي دليل آخر على التورط الإيراني، كشفت مجموعة "أبحاث التسلح في الصراع"، بعد فحص طائرات بدون طيار استخدمها الحوثيون وحلفاؤهم لتحطيم بطاريات صواريخ باتريوت في المملكة العربية السعودية، أنّ أحد الأرقام ينتمي لطائرة مماثلة تملكها الميليشيات الإيرانية في العراق.
تفضح هذه الجرائم عديد الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات الحوثية الإيرانية وهو ما يستدعي ردعًا عاجلًا من قبل المنظمات الدولية، تجاه ما بات يُوصف بالعبث الانقلابي في البلاد.
وطهران - المتورطة بتنفيذ اغتيالات ضد معارضين في بلدان أوروبية فضلاً عن تصدير الفوضى والخطط التخريبية إلى داخل نطاق بلدان مجاورة - لم تكتفِ بتقويض أمن اليمن من خلال دعمها مليشيا الحوثي، بل تسعى لتعزيز تعاونها القديم مع تنظيم القاعدة الإرهابي.
وقد سلّطت واقعة ضبط أسلحة إيرانية بحوزة إرهابيي القاعدة في اليمن الضوء مجدداً على علاقة ليست حديثة بين نظام ولاية الفقيه الحاكم في طهران منذ 4أربعة عقود والتنظيم الإرهابي الأشهر عالمياً خلال مطلع الألفية الحالية.